الأحادية الفكرية وتعليقات القراء!
كتبت في الأسبوع الماضي عن كتاب قرأته بعنوان "الأحادية الفكرية في الساحة الدينية" لمؤلفه الشيخ حسن الصفار، وفيه ينتقد المؤلف لجوء البعض إلى السعي إلى "فرض رأيهم على الآخرين والنيل من حقوق المخالفين وتحقيرهم وإساءة معاملتهم، كل ذلك بحجة إخلاصهم لما يرون أنه الحق في رأيهم ورغبتهم في نشره وهداية الآخرين إليه"، ولقد استثار هذا المقال شهية عدد من القراء إلى التعليق واختلفت آراؤهم حيث قال الأخ صادق العلي إن في المقال رؤية جميلة تدفع "تجاه سيادة الحرية والتواصل مع جميع الأطراف" وقال الأخ عبد الباري: "ما أحوجنا لقراءة الآخر وفهمه وما أحوجنا للانفتاح" أما الأخ خضر الجحدلي فلقد قال إن: "تعايشنا أساسه الاحترام المتبادل وقبول الرأي الآخر دون التسليم به".. بقية الآراء التي عبر عنها القراء جاء معظمها منصباً على التشكيك في جدوى الحوار وعلى انتقاص الرأي الآخر باعتباره مناقضاً لمسلمات ما نؤمن به، ومع أنني قد بدأت مقالي في الأسبوع الماضي بالتأكيد على أن قبولنا بما قاله الشيخ الصفار لا ينفي وجود اختلافات جوهرية معه، إلا أن بعض القراء قد اتهمني "بالوقوع في الفخ" من حيث لا أدري.
إنني أتقبل بكل رحابة صدر كل رأي خالفني أو أيدني وأقول لكل القراء الأعزاء إن تأييدي لما أورده الشيخ الصفار من حرص على احترام الرأي الآخر والابتعاد عن الوصاية الفكرية واللجوء إلى الحوار وسيلة لحل الخلافات لا يعني قبولاً بمضمون الرأي الآخر، وإن قناعتنا بوجاهة معتقدنا وصحة رأينا ينبغي أن تجعلنا أكثر حرصاً على الحوار وإقبالاً عليه .ولقد كنت قد طرحت في مقال سابق بعنوان "يا إخوتنا.. هلموا إلى كلمة سواء" رؤيتي لمثل هذا الحوار ومتطلباته ومنها أن عليه أن ينطلق من مظلة الاعتقاد بوحدة الدين والكتاب بعيداً عن التكفير وبعيداً عن الحكم بعدم الإيمان، كما أنه يجب أن ينبني على الاحترام المتبادل بما في ذلك احترام الشخصيات التاريخية المعتبرة، وهو أيضاً لا بد أن يؤسس على القبول المطلق بالوحدة والمواطنة وعدم التشكيك في الولاء الوطني لأحد والإيمان بوحدة المصير وبالحق في المساواة والعدالة للجميع، أما غير ذلك من مواضع الخلاف فنحتكم فيها إلى قول الله تعالى: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
وأخيراً أعود لأقول إن الحق لا يعرف بالرجال ولكن الرجال يعرفون بالحق فإذا كان الشيخ الصفار أو غيره يقول حقاً فإن من واجبنا ومن حقنا أن نقول إن الحق أحق أن يتبع.