السيد الهاشمي يُحاضر في مجلس الشيخ الصفار

وبعد كلمة ترحيب بالضيوف الكرام والتقديم لسماحة السيد الهاشمي من قبل الخطيب الشيخ محمد عبد العال تفضل سماحة السيد الهاشمي بإلقاء محاضرة قيمة تحت عنوان: مهام لم تنجز في بناء العقل المسلم. مستعيناً بجهاز البروجكتر لتوضيح محاور البحث.
ودار حوار مع الحاضرين حول بعض أفكار المحاضرة.
وقد حضر اللقاء جمعٌ من العلماء والخطباء من القطيف والأحساء وتناول الجميع طعام العشاء على شرف الضيوف الكرام.
وفيما يلي تقرير عن ما تضمنته المحاضرة من محاور وأفكار:
مهام لم تنجز في بناء العقل المسلم
منطلقات تأسيسية: قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران 164].
وقال سبحانه: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحديد 25].
يترابط هذان النصّان القرآنيان الكريمان ليشكلا في ما بينهما وعبر اندماج مفاهيمهما ومحتوياتهما صورة واحدة متكاملة الأجزاء تفصح عن طبيعة المشروع الإلهي في التغيير، والذي يتحمل مهام إنجازه أولاً وبالذات الرسل والأنبياء (عليهم السلام)، وتتحدد ملامح وأبعاد هذا المشروع كما يستفاد من حاصل الجمع بين النصين ضمن التحديدات الثلاثة التالية:
التحديد الأول: إنجاز المشروع المعرفي التعليمي، المشار إليه بقوله تعالى: ﴿ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ﴾، وبقوله: ﴿ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾.
التحديد الثاني: إنجاز المشروع التربوي التزكوي، المشار إليه بقوله تعالى: ﴿ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾.
التحديد الثالث: إنجاز المشروع السياسي المعيشي، المشار إليه بقـوله تعالى: ﴿ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾.
وما نريد الحديث عنه بشكل أساسي ومنحصر في هذه المقالة هو التحديد الأول، يعني ما يرتبط بدورنا كعلماء ومثقفين في إنجاز متطلبات المشروع المعرفي التعليمي، على أساس أنه المشروع الأول واللبنة الأولى في تشييد دعائم مشروع التغيير الشامل الذي نطمح لتحقيقه والمساهمة في إنجازه، ولأنه المشروع الذي إذا لم ينجز بصورته الصحيحة والمطلوبة فلن يمكن إنجاز ما تبقى من مشاريع لأنه الأساس الذي تقوم عليه بقية المشاريع كما يقتضيه السياق الطبيعي للتغيير والتحول في دنيا البشر، والذي يفصح عن أن التحول أو التغيير في جوهره ليس إلا فكرة تنقدح في العقل، وتتبعها إرادة تسكن القلب، لتنتهي إلى عمل تشهده الممارسة.
ونقدم لبيان المهام المراد إنجازها وتحقيقها في هذا المستوى بهذا التمهيد:
تمهيد: لا عجب إذا ما قلنا أنه رغم مرور خمسة عشر قرناً على مجيء الرسالة الإسلامية الخاتمة مازالت الكثير من المهام التي أرادت هذه الرسالة تحقيقها وإنجازها في وجود وحياة العامة من المسلمين غير متحققة ولا منجزة، وبطبيعة الحال قد يستثير هذا التقييم العديد منا -نحن المسلمين- على أساس ما يحركه فينا هذا التقييم من شعور نفسي بنسبة العجز والتخلف إلى رسالتنا الإسلامية، وهذا ما لا يقبل أيّ مسلم أن ينسبه أيّ كان لدينه ورسالته التي أنزلت رحمة للعالمين، وجاءت لتخرج الناس من الظلمات إلى النور، فكيف يمكن القول أن الكثير من مهام الرسالة لم تتحقق ولم تنجز في حياة العامة من المسلمين؟
أضف إلى ذلك أن هذا التقييم ربما يحمل في أحشائه اتهاماً مبطناً للغالبية العظمى من المسلمين بأنهم قصروا أو قصّروا عن استيعاب المضامين العميقة للرسالة الخاتمة، وهذا ازدراء غير مقبول بحق الكثرة الكاثرة من أفراد الأمة!
ولكنني أحسب أننا بحاجة إلى توفر قليل من الهدوء النفسي والاتزان الفكري في مواجهة هذا الإدعاء والزعم، والذي يمكن أن يرقى إلى مستوى الحقيقة والواقع إذا ما تجرّدنا من بعض انفعالاتنا، ونظرنا إلى تجربة الأمة طوال تاريخها -منذ اللحظة الأولى التي احتكت فيها بالرسالة الخاتمة حتى يومنا هذا- نظرة فاحصة وموضوعية تسمح لنا بأن نقف خارج المسرح ونحكم على المشهد بوصفنا مشاهدين لا بوصفنا أفراداً حملنا مهام القيام بأدوار معينة على خشبة المسرح، لأننا من الطبيعي حينئذ أن نتبنى موقع الدفاع عن إنجازاتنا وأدوارنا، ولكن هذا لا يحقق الغرض الذي من أجله تمارس مهام النقد والتصحيح في الحكم على أيّة تجربة بشرية.
وإصرارنا -نحن المسلمين- في الدفاع عن مواقعنا وتبرير كل تاريخنا هو بالضبط ما يعيقنا عن إنجاز مهام بناء العقل المسلم، والتي نرغب في الحديث عنها في هذه المقالة، ولذا لا مناص من التحرر من عقد الخوف والشعور بالانكسار في مواجهة الحقيقة التي ربما تسفر لنا من وراء التأكيد على ضرورة إنجاز وتحقيق هذه المهام التي لم تنجز ولم تحقق.
وبطبيعة الحال حينما نقول أن هذه المهام لم تنجز فنحن لا نقصد أبداً أنها لم تتحقق في الوجود الإسلامي طوال تاريخه بشكل عام ومطلق، لأن في هذا الإدعاء مكابرة للحقيقة ومصادرة للواقع الذي يشهد على أن أفراداً وحتى جماعات من المسلمين استطاعوا أن يحققوا الكثير من هذه المهام، ولكننا نتكلم عن ضرورة إنجاز هذه المهام ضمن المستوى العام للأمة، بمعنى أننا نريد أن نبحث في المستوى الذي حققته الأمة بوصفها الإطار الجامع لكل أفرادها في هذا الشأن، لأننا حينما نقف من أجل أن نقيم تجربة ما فإننا تارة نكون معنيين بتقييمها ضمن سياقها الفردي الخاص، وفي هذه الحال لا تحسب سيئات الآخرين ولا تحمل حسناتهم على صاحب التجربة الفردية الخاصة لأن كل نفس بما كسبت رهينة، وتارة نريد تقييم التجربة الإنسانية ضمن سياقها الاجتماعي العام، أي بوصفها تجربة أمة واحدة، وحينئذ سيكون المنظور الكلي والناتج العام هو المناط في الحكم على التجربة بالفشل أو النجاح، حتى لو كانت هناك استثناءات فردية مغايرة خارج إطار التجربة العامة للأمة.
وما أحاول القيام به في هذه المقالة هو الكشف عن التلكؤات والتقصيرات التي شهدتها العملية المعرفية في تاريخ التجربة الإسلامية ضمن حركة الأمة وسياقها العام لا الفردي والخاص. وأستطيع في هذا المجال أن أرصد المهام المعرفية التي لم تنجز بصورة عامة في حركة الأمة وتاريخها ضمن التحديدات التالية:
1- فك القيد وكسر الطوق: قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف 157]، وقال الإمام علي

2- إعادة تنصيب العقل: في الحديث عن رسول الله


3- تأميم المعرفة: اعتبر الإسلام المعرفة حقاً مشروعاً لكل الناس، ولا يجوز أن يستأثر أحد بالعلم والمعرفة ويمنع الآخرين منها، قال النبي


4- تطوير القدرة الاستيعابية: ففي الحديث عن علي

5- بناء العقل الكلي: وما يعنيه ذلك تكوين القدرة لدى الفرد على تحويل المعلومات الجزئية إلى معرفة كلية، ومن أهم الأسباب لتحصيل العقل الكلي هو استخلاص العبر من التجارب، وفي ذلك يقول الإمام علي

6- إعادة جدولة الأولويات: حث الإسلام على العمق وإكثار التأمل كمنهج في سبيل التوصل إلى معرفة موضوعية بالأشياء، وفي قبال هذا المنهج تمّ على المستوى التاريخي تفعيل منهج آخر هو منهج الرواية مقابل منهج الفهم والدراية، وفي مقام التمييز بين هذين المنهجين الامام علي

7- الاجتهاد في ظلال النص لا في قبال النص: (هشام بن سالم، عن أبي عبد الله







8- تطوير قدرات التركيب المعرفي: ورد في نهج البلاغة: «ومن كلام له


9- تأصيل دور العقل النقدي: قال المسيح

10- تنمية رغبات التوسع المعرفي: قال الإمام الكاظم


سيد كامل الهاشمي
الجمعة 13 شوال 1425/ 26 نوفمبر 2004
السعودية - القطيف/ مجلس سماحة الشيخ الصفار
الجمعة 13 شوال 1425/ 26 نوفمبر 2004
السعودية - القطيف/ مجلس سماحة الشيخ الصفار
جانب من الحضور

