ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام
الحمد لله رب العالمين وصلى الله عليك يا رسول الله وعلى آلك الطيبين الطاهرين، صلى الله عليك يا مولانا يا سيد الشهداء يا أبا عبد الله الحسين، وعلى أنصارك المجاهدين بين يديك وإنا لله وإنا إليه راجعون، وعظم الله لك الأجر يا رسول الله، عظم الله لك الأجر يا أمير المؤمنين، عظم الله لك الأجر يا سيدة نساء العالمين يا فاطمة الزهراء، عظم الله أجوركم يا أهل بيت النبوة بهذا المصاب الجلل، وخاصة إمامنا صاحب العصر والزمان (عج)، نقدم له التعازي في هذه المصيبة العظيمة.
لُح فوق تاج الفاتحين شعارا *** واسطع بدرب الثائرين منارا
وأرِ الأولى سيموا المذلة أن في *** مقدورهم أن يصبحوا أحرارا
واقصد بمفردك الجيوش ميمما *** فيما قصدت الواحد القهارا
هلا اجتثثت أصولهم كفروعهم *** لتطهر الإسلام داراً دارا
فوحق ما عانيت لن يلدوا *** ولا يلدون إلا فاجراً كفارا
أضناك أن الدين أصبح سلعة *** تُشرى وأصبح أهله تجارا
لعقاً على أفواههم ما دامت *** الأموال تغدق سيلها مدرارا
فإذا أصيبوا بالبلاء ومحصوا *** نكصوا فلا حمداً ولا استغفارا
لا تثمر الثورات إلا عندما *** تسقى الدماء الزاكيات غزارا
هلك الطغاة بما جنوا وتعسفوا *** ومضوا مسوخاً قصةً وحجارا
يتعقب التاريخ ما أبقوا فما *** يلقى ولا لوجودهم آثارا
ويمر طيفك بالعصور فتنحني *** متصاغرات عنده إكبارا
إن شب عصراً كنت فيه نظارةً *** أو شاب عصر كنت فيه وقارا
ألفٌ يمر ومثله ألفٌ وما *** أوقدت يصلي كل صعقاً نارا
كذب الأولى قالوا قتلت *** وهذه الدنيا تضج بأهلها ثوارا
يترسمونك قائداً مغوارا *** يتوسمونك ثائراً جباراً
علمتهم أن الحقوق مردها *** أن تستثير الصارم البتارا
وتجود بالأطفال قبل فطامها *** وترى العيال مكبلين أسارى
وتحيل وجه الأرض بحراً مائجاً *** برؤوس صحبك خُلصاً أبرارا[*]
قضية عاشوراء قضية فريدة من نوعها في التاريخ البشري بخلودها وباستمرار حضورها في ذاكرة الإنسان والزمن، ليس هناك قضية على كثرة قضايا التاريخ وأحداثه كتب لها الخلود والبقاء والاستمرار في وعي البشر كما هو بالنسبة لقضية أبي عبد الله الحسين

ما السبب في خلود هذه القضية وخاصةً عند أتباع أهل البيت عليهم السلام الذين دأبوا على الاحتفاء بهذه المناسبة في كل عام، هذا الاحتفاء الذي أخذ الآن بل وفي سالف الأزمان طابعاً عالمياً، ففي هذه الليلة في القارات جميعها، في مختلف أنحاء العالم وحيث يوجد إنسان مؤمن يرى حق المودة في القربى هناك مأتم لأبي عبدالله الحسين.
كما أن هذا الاحتفاء بعاشوراء ليس أمراً طارئاً وجد في سنين متأخرة بل هو أمر عريق عميق في عمر الزمن، فمنذ السنة الأولى بل منذ الأيام الأولى لاستشهاد أبي عبدالله الحسين

وأئمة أهل البيت عليهم السلام أيضاً كانوا يحيون هذه المناسبة ويوصون بإحيائها، فكان من أولى مهام الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليها السلام في الفترة التي عاشها بعد كربلاء إبقاء هذه الحادثة وهذه الواقعة ساخنة في وجدان وضمائر الناس، لذلك ظل طوال حياته ما قُدم له طعام ولا شراب إلا ومزجه بدموعه وهو يقول: « كيف آكل وكيف أشرب وقد ذبح أبي الحسين عطشاناً جائعا ».
وأمر الإمام الباقر





وفي عهد الإمام الصادق



وتحدث الإمام الرضا



إذن فأهل البيت أوصوا شيعتهم وأتباعهم ومحبيهم أن يحيوا هذه الذكرى والمناسبة وفعلا إحياء هذه المراسم والاهتمام بعاشوراء من ذلك الوقت من السنوات الأولى لمقتل الإمام الحسين

وفي القرن الرابع للهجرة حينما قامت دول توالي أهل البيت عليهم السلام كالفاطميين في مصر والبويهيين في العراق والحمدانيين في حلب كانوا يحيون هذه الذكرى، فكانت مصر أيام الفاطميين تغلق أسوارها ومحلاتها يوم العاشر من المحرم وتسودها مسحة من الحزن والكآبة، فجلس الخليفة الفاطمي والوزراء والقضاة والناس كلهم في مجالس العزاء على أبي عبدالله الحسين

من جانب آخر الاحتفاء بعاشوراء شأنٌ أهلي وليس مسألة سياسية تدعمها حكومة أو سلطة أو ما أشبه، وإنما هو شأنٌ أهلي، والناس الموالون لأهل البيت يحيون هذه المناسبة. وفي كثير من الأحيان وخاصة في الأزمنة الغابرة كان إحياء هذه المناسبة يكلف تضحيات، فكان بعض يقتلون، وبعض يسجنون، وآخرون يعذبون، وهناك من تقطع أرزاقهم إذا احيوا هذه المناسبة. ولكن الناس أصروا على إحياء هذه الشعائر عبر الزمن واستمرت هذه القضية خالدة.
فعلى من يتساءل لماذا هذا الاهتمام؟ لماذا تحيون قضية عاشوراء؟ عليه أن ألا يوجه سؤاله لنا فقط كمعاصرين وإنما يوجهه للتاريخ فيسأل أئمة أهل البيت عليهم السلام، وأحبتهم في مختلف بقاع العالم.لأن المسألة ليست مسألة محلية أو طارئة في هذا الزمن حتى يتجاهلها متجاهل أو يستنكرها مستنكر.
أما القول بأنها بدعة فهذا قول مردود؛ لأن البدعة إدخال ما ليس من الدين في الدين، وما يأمر به أئمة أهل البيت عليهم السلام فهو عندنا من الدين، فنحن لا نمارس بدعة وإنما نمارس أمراً دينياً من جهة نعتقد أن أوامرها حجة علينا.
وأوامر أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم حجة علينا لأن الرسول


ونحن أيضاً نتأسى في هذا الإحياء برسول الله




يقول الألباني هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين، وله أمثال وشواهد في مسند ابن حنبل وفي المستدرك للحاكم النيسابوري، ويذكر عدة مصادر.
فإذا كان رسول الله

أولاً: للتأسي برسول الله

ثانياً: لأن الاحتفاء بها مصداق من مصاديق المودة للقربى وتعظيم لشعائر الله سبحانه وتعالى.
ثالثاً: لما ينتجه هذا الاحتفاء من تذكير بالقيم والمبادئ، ومن انشداد وارتباط بأهل البيت عليهم السلام، فحينما نحيي قضية عاشوراء إنما نحيي القيم والمبادئ التي حصلت من أجلها عاشوراء.
ولا يشكل على مبدأ الإحياء في حد ذاته بسبب بعض أساليب إحياء ذكر أهل البيت؛ لأن هنالك دعوة في وسط أتباع أهل البيت عليهم السلام إلى تطوير الوسائل وتشذيب الأساليب، بل المهم أصل مبدأ الاحتفاء بهذه الذكرى والمناسبة، التي خلدت من أجل أن نستفيد منها العبر ونستلهم منها الدروس.
وكما تعودنا في كل عام أن نأخذ درساً واحداً من دروس عاشوراء ونتحدث عنه في مثل هذه الليلة لأن الوقت لا يتسع لأكثر من درس.
ومن دروس هذه المناسبة أن الاحتفاء بقضية عاشوراء يُوْجِد عند الإنسان حالة من التحسس تجاه الظلم والمظلومية.
فلماذا يبكي المؤمنون في مثل هذه الليلة.. وفي مثل هذه المناسبة؟
إنهم يتذكرون ظلامة أهل البيت والعدوان والظلم الذي وقع عليهم (عليهم السلام) وحينما أتذكر ظلماً حدث في أعماق التاريخ أنفعل معه ويستيقظ ضميري ووجداني وأبكي لتلك الظلامة، وهذا يربيني ويعلمني كيف أتحسس تجاه كل ظلامة أشاهدها وأعايشها.
وبهذا يُبْقِي الاحتفاء بظلامه الإمام الحسين

هذا بعض ما يراد من إحياء هذه المناسبة، ومن الممكن أن يحيي بعض الناس هذه المناسبة ولكن لا تتولد عندهم هذا الحالة، وما هذا إلا تقصير منهم. ولذلك نظائر كثيرة، فإن الله تعالى شرع الصلاة لتنهى عن الفحشاء والمنكر QQ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾QE[4] فهل كل إنسان يصلي ينتهي عن الفحشاء والمنكر؟ وإذا كان هناك من المصلين من لا ينتهي عن الفحشاء والمنكر، فهل الخلل في الصلاة أم فيهم؟
إذن إحياء هذه المناسبة يربي الإنسان على التحفز تجاه الظلم.
الظلم هو انتقاص حق إنسان وعدم إعطائه حقوقه. والظلم هو الجور والاعتداء على الآخرين.
ولم يحذر الإسلام من شيء كما حذر من الظلم. وجاء ذلك في آيات القرآن الكريم التي شنت حرباً عنيفة لا هوادة فيها على الظلم والظالمين:
﴿وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾[5] ، ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[6] ، ﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾[7] ، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾[8] وغيرها آيات كثيرة في القرآن، وذلك لأن الإسلام يريد أن يعيش الناس في حاله منسجمة مع بعضهم البعض ولا يعتدي أحدٌ على أحد، ولا ينتقص أحد حق أحد، بل يأخذ كل واحد حقوقه كاملة.
والمجتمع الإسلامي معني بهذا الأمر، فلا تنتقص فيه الحقوق. وإن وجدت فيه بعض حالات الاعتداء على الحقوق فليس ذلك من الإسلام في شيء، وإن ادعى ممارسو هذا الانتهاك للحقوق أنهم مسلمون؛ لأن الرسول محمد

و في حديث مروي عن الإمام الصادق

ما الموقف تجاه الظلم؟
المطلوب شيئان:
الظلم وما أدراك ما الظلم؟ جاء الحديث عن رسول الله

والروايات حول الظلم وبشاعة الظلم كثيرة في التحذير من الظلم، قال أمير المؤمنين





وقد توعد الله سبحانه تعالى الظالم بأن ينتقم منه: « وعزتي وجلالي لأنتقمن لكل مظلومٍ من ظالمه ».
ولا يظن الظالم الذي لم يأته انتقام الله أنه لن يصيبه شيء، لأن الله عز وجل: يمهل الظالم ولا يهمله، ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾[13] ، لذلك على الإنسان أن يتجنب الظلم، ولا يعتدي على أحد من الناس وخاصةً الضعيف منهم، إياك وظلم من لا يجد ناصراً عليك إلا الله. على الإنسان أن يتقي الله، ومن يبكي على ظلامة الإمام الحسين

مظاهر اجتماعية للظلم:
وترك الظلم كما يكون في تعامله مع الناس كذلك يكون مع أسرته والقريبين منه، يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

1- عقوق الوالدين:
عقوق الوالدين مظهر من مظاهر الظلم، بل هو من أبرز وأشد المظالم؛ ولذلك ورد في الحديث: « أشد الذنوب بعد الشرك بالله عقوق الوالدين »؛ لأن الله تعالى قرن حق الوالدين بحقه ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾[15] فالإنسان الذي لا يحسن لوالديه ولا يبرهما يكون قد انتقص من حقهما وهذه تعد ظلامة يحاسبه الله تعالى عليها. وورد في الحديث الشريف:
« ولا تعصوا الوالدين فإن رضاهما رضا الله وسخطهما بسخط الله » [16] .
« من أصبح وله أبوان راضيان عنه أصبح وله باب مفتوح إلى الجنة، ومن أصبح وله أبوان ساخطان عليه أصبح وله باب مفتوح إلى نار جهنم » .
لذلك على الإنسان أن يعتني بوالديه وخاصةً حينما يتقدم بهما العمر ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا﴾ تنبه ﴿فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا﴾[17] .
وجاء في الحديث: «ولو كانت هناك كلمة أقل من كلمة أف لذكرها القرآن الكريم».
وهذا الحديث موجه لنا جميعاً وخاصةً الشباب الآن، فحينما يتقدم السن ببعض الآباء والأمهات يعيشون نوعاً من الإهمال والتجاهل من قبل أولادهم خاصةً مع طبيعة الحياة القائمة اليوم، بعدما تعبوا وربوا يصبحان وحدين في بيتهما، والأولاد كل واحد في بيته.
نعم هذه طبيعة الحياة، لكنه لا يعني الإهمال أو التجاهل، ولا يعني إسخاط الوالدين وعدم القيام بالواجب تجاههما.
بل حتى وإن اعتدى أحد الوالدين على الولد، فلا يصح منه أن يرد بالمثل، فقد ورد في الحديث عن رسول الله

2- ظلم الزوجة:
زوجتك أمانة عندك، وهي ضعيفة بين يديك، لا تظلم زوجتك لأن ظلم الزوجة من أفحش أنواع الظلم؛ لأنه ظلم للضعيف. وأيضاً الزوجة ينبغي أن لا تظلم زوجها، فيلتزم كل منهما بمفاد الآية الكريمة: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾[19] فعلى الرجل أن يتقي الله في زوجته، فكثيراً ما تحصل ظلامات في هذا الاتجاه؛ لأن أمر المرأة بيده، فيهينها ويعتدي على حقوقها، ويجرح مشاعرها. كما تحصل في بعض الحالات أيضاً أنّ بعض النساء يعتدين على حقوق أزوجهن لسبب أو لآخر.
3- الاعتداء على الحقوق الخاصة والعامة:
هنا ملاحظة مهمة جداً: تارة يعتدى على حق خاص، مثل مال إنسان أو ممتلكاته، فقد تصدر من بعض الأولاد أو الشباب تصرفات تجاه ممتلكات الآخرين، تنتج عن عدم وعي وضعف في التربية ، فيتلف السيارات أو إضاءات المنازل أو أبواب البيوت وغيرها. هذا اعتداء على حقوق خاصة.
وتارة يعتدى على حقوق عامة بحجة أنها أملاك الدولة، وذلك خطأ؛ لأن أملاك الدولة هي أملاك للناص، فقد تصدر بعض التصرفات من أناس طائشين، فيتلف البعض إضاءات الطرق أو يعتدي على الزراعة الموجودة في الشوارع أو بعض الأماكن العامة، كالمدارس أو المؤسسات التي يستفيد منها الناس.
هذه المرافق ملك للناس وهي من الحقوق العامة علينا أن نحميها؛ لأنها لنا ونحن نستفيد منها.
وعلينا أن نتربى ونربي أولادنا على حفظ الممتلكات العامة لأنها ملك للناس جميعاً، ولمصلحة الناس جميعاً.
هذا كله من الظلم فعلى الإنسان أن يبتعد عن الظلم، وإلا ذهبت كل عباداته وأعماله الصالحة هباءً منثوراً تجاه مظالم الناس.
ورد في حديث عن رسول الله

ويمكنك أن تتصافى في الدنيا مع هذا الإنسان بكلمة طيبة تعتذر بها منه، استغبته افتريت عليه، جرحته وأهنته، يمكنك بكلمة واحدة تسترضيه: اسمح لي أنا أخطأت تجاهك وينحل الموضوع.
وإذا لم تحل المسألة في الدنيا تتورط يوم القيامة، فيأخذون من رصيد حسناتك، فإذا انتهت حسنات الإنسان أوفى أناس لهم مظالم عنده بحمل ذنوبهم، وإعلان الإفلاس في الدنيا يحمي من الديانة، أما في الآخرة فصك الإفلاس لا يحمي من الديانة، بل يرجع محملاً بأعباء سيئات الآخرين، والعياذ بالله. لذلك يجب على الإنسان أن يتجنب الظلم.
لا يكفي أن تتجنب الظلم، وإنما يجب أن تكون حساساً متعاطفاً مع المظلوم، وهذا معنى الاحتفاء بعاشوراء، فنحن مع الإمام الحسين

في وصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لولديه الحسن والحسين عليهما السلام: « كونا للظالم خصماً وللمظلوم عونا » [21] .
وفي حديث قدسي عن الله سبحانه وتعالى يقول: « وعزتي وجلالي لأنتقمن لكل مظلومٍ من ظالمه وعزتي وجلالي لأنتقمن من كل إنسانٍ ظلم بحضرته أحداً وكان يستطيع عونه فلم يعنه على ظلامته » .
وهذا يوجب عليك إذا رأيت ظلامات أمامك أن لا تسكت عنها، وإنما ينبغي أن تسعى من أجل إنصاف المظلوم، كولد ظلم من قبل أبيه، أو أب من قبل ولده، أو زوج من قبل زوجته، أو زوجة من قبل زوجها، أو إنسان من جهة مؤسسة، أو أي شكل من أشكال الظلم عليك أن تتحمل مسؤوليتك بالتعاطف مع المظلوم.
ولن تقدس أمة لا يأخذ فيها للضعيف حقه. ولن تخطو إلى التقدم خطوة.
روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

التفت إليها الإمام وقال: «اصبري حتى يبرد النهار، فالحر شديد، والوقت وقت الظهر».
قالت: إذن يزداد غضبه عليّ.
فقال

قام وخرج معها في لهيب الشمس وحرارتها، إلى بيت زوجها، طرق الباب فخرج له شاب، قال الإمام

وكان الرجل لا يعرف الإمام، فغضب، وقال: وما أنت وذاك؟ والله لأحرقنها بكلامك.
فسل الإمام

فمر جماعة من الناس عرفوا الإمام


قال: «ما أرضاني عنك إن أصلحت شأنك وأهلك».
ثم التفت إليها وقال: «لا تُلْجِئي زوجك إلى هذا وأشباهه».
هكذا كان أمير المؤمنين يتحسس تجاه أية ظلامة مهما كانت بسيطة أو صغيرة.
لذا لا يصح أبداً ونحن نتعاطف مع ظلامة الحسين

إنما نبكي على الحسين ونتعاطف مع مصيبته حتى يرهف حسنا تجاه الظلم.
ولاشك أنه ليست هناك ظلامة أو مصيبة بمستوى الظلامات التي حلت على أبي عبدالله الحسين، وبمستوى المآسي والظلامات التي حصلت يوم عاشوراء؛ ولذلك نحن نخلد هذه المناسبة، هذه الظلامة التي وقعت على من وقعت على أحب الناس وأعز الناس لقلب رسول الله


عَظَّم الله لك الأجر يا رسول الله.