قدسية الحياة
قدسية الحياة ثقافة غابت مفرداتها عن عقلية الكثير من المسلمين المعاصرين , في حين أننا نرى الدول المتقدمة استثمرت الثقافة الحية التي هي الموروث الحضاري لدعوة الانبياء وانطلقت بها تؤسس نظما وقوانين تحترم حياة الانسان, حتى اصبحت جزءا من الخلفية الثقافية للمجتمع الغربي , وبرغم الوحشية التي تمارسها تجاه الآخر إلا انها تحترم شعوبها وأفراد مجتمعاتها, فعندما يصاب مواطن امريكي مثلا تهتز له كل المؤسسات الحكومية , وتكرس له كل وسائلها الإعلامية, وكذا الحال بالنسبة للصهاينة مما جعل شعوب العالم تحترمهم بسبب احترامهم لأنفسهم , واتفاقية تبادل الاسرى بين حزب الله في لبنان واسرائيل خير دليل على ذلك , فقد استمرت المفاوضات لسنوات طويلة وشاركت فيها اطراف دولية كثيرة , وقدمت إسرائيل تنازلات مختلفة من أجل إطلاق أسير واحد واستعادة ثلاث جثث من الاسرائيليين , مما جعل الأمين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله يصرح في خطابه قائلا : رغم العداء الذي نعيشه مع إسرائيل وعلمنا بجرائمهم إلا أننا يجب أن نعترف لهم بمدى احترامهم لابنائهم.
وبينما يعيش الآخر ثقافة احترام الحياة , نعيش نحن المسلمين في كثير من ساحاتنا ثقافة الاستهتار بالحياة, التي تسربت الى وعينا وصبغت سلوكنا بمجموعة من التصرفات اللامسؤولة , واقرب مثال لذلك حركة السيارات في الطرقات العامة وعدم الاكتراث بالقوانين المرورية , فقد افادت احصائية عام 1424 هـ أن عدد الحوادث المرورية في المملكة بلغت (300000) ثلاثمائة ألف حادث, مات بسببا (4000) أربعة آلاف شخص , وأصيب (30000) ثلاثون ألفا بين جريح ومعوق.
اذا لم يكن بامكاننا ايجاد تبرير لضخامة الحوادث المرورية سوى الاستهتار بالحياة ففي اي خانة نضع تلك العمليات الارهابية التي تستهدف الابرياء في حالة جنونية من القتل الجماعي. مما يدلل على انتكاسة خطيرة في وعي الامة يجب الاسراع في معالجتها, بتكريس رؤى ثقافية جديدة, تؤكد على قدسية الحياة التي لا يمكن تجاوزها تحت اي مسمى, فلم تكن توصيات الرسول




يقول الامام علي

فتحتاج الأمة الى صياغة جديدة لوعي الإنسان المسلم لعلنا نطبب تلك الجراحات التي احدثتها ثقافة الاستهتار بالحياة, ونرسم لوحة من القيم النبيلة لصورة الاسلام الحقيقي التي عملت تلك العقليات الخربة على تشويهه في نظر الاخرين, حتى صار الارهاب سمة بارزة من سمات الإسلام عندهم.
وان كان من حق الانسان ان يعارض اي نظام سياسي يرى عليه بعض المآخذ الا أن ذلك لا يعطيه الحق في أن يتخذ اي اسلوب وانما اتخاذ الحق هدفا ووسيلة فهناك كثير من الطرق العقلانية التي تتيح للانسان حق المعارضة, بل هي أكثر جدوى وفاعلية , وقد اثبتت التجربة والتاريخ أن العمل الارهابي غير مجد لتحقيق أي مكسب سياسي , وتجربة الإسلاميين المتشددين في الجزائر ومصر خير دليل على ذلك, ومن هنا كان اسلوب العنف مرفوضا, لأنه يتنافى مع قدسية الحياة ولا ينسجم مع اي مفردة من مفردات العقيدة الاسلامية.