ملفٌ ساخنٌ في العمل الخيري
يقول تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. [سورة الحج، الآية: 77].
عام 2012م اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا باعتماد يوم دولي للعمل الخيري، وهو يوم 5 سبتمبر من كلّ عام، بهدف توعية وتحفيز الناس، والمنظمات الأهلية في جميع أنحاء العالم، لمساعدة الآخرين من خلال التطوع والأنشطة الخيرية.
واختير تاريخ 5 سبتمبر من أجل إحياء ذكرى وفاة الأم (تريزا) حيث توفيت في هذا اليوم سنة 1997م عن عمر ناهز 87 عامًا. وتعتبر من رواد العمل الخيري في هذا العصر، وقد حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 1979م، تكريمًا للعمل الخيري الذي قامت به طيلة عقود من حياتها. فهي راهبة انطلقت من مقدونيا في قلب أوروبا، لتتفرغ للعمل الإنساني ضمن توجهاتها التبشيرية المسيحية في الهند وأفريقيا، وأسست عشرات الملاجئ والبيوت لاستيعاب آلاف الأيتام والمرضى والمنبوذين، وذوي الأمراض الميؤوس من شفائها.
العمل الخيري نزعة إنسانية
إنّ العمل الخيري يعني أن يقدّم الإنسان المساعدة والدعم للآخرين المحتاجين، دون مقابل مادي مصلحي. وهو نزعة إنسانية تنطلق من ضمير الإنسان ووجدانه، حين يرى بعض أبناء جنسه يعانون من المرض أو الفقر والحاجة، أو الوقوع في الشدائد والأزمات، ويجد نفسه قادرًا متمكنًا من الدعم والمساعدة لهم، فإنّ ضميره ووجدانه يدفعه للقيام بذلك، إذا لم يكن خاضعًا لحالة الأنانية والشحّ.
إنّ التفكير السويّ يدفع الإنسان لمساعدة المحتاجين، شكرًا لله تعالى على نعمه عليه، وإنه ليس في موقع الحاجة، بل هو في موقع يُحتاج إليه.
ورد عن الإمام الحسين بن علي : «وَاِعْلَمُوا أَنَّ حَوَائِجَ اَلنَّاسِ إِلَيْكُمْ مِنْ نِعَمِ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ»[1] .
من ناحية أخرى، فإنّ على الإنسان أن يفكر في مدى حاجته وانتفاعه من الإمكانات التي بيديه.
قرأت بداية هذا العام 2024م أنّ الملياردير (وارن بافيت) تصدر قائمة أكثر الأفراد تبرعًا للأعمال الخيرية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2023م، حيث تبرع بقيمة 541.5 مليون دولار[2] .
ولكن كم هو حجم ثروته؟
يُعدّ (بافيت) من أغنى أغنياء العالم، وترتيبه في تقديرات "فوربس" للأثرياء من المركز العاشر، بثروة تقدر بنحو 128.4 مليار دولار[3] .
وهو يبلغ 93 عامًا، فماذا يصنع بهذه الثروة فيما بقي من حياته؟
إنّ هناك من يملك ثروات وإمكانات يعرف أنه لا يحتاج إليها في حياته، ويرى في مجتمعه وبين أقربائه محتاجين لا تتوفر لهم سبل الحياة الكريمة، فلماذا لا يفكرون في بذل شيءٍ من الثروة التي يملكونها في عمل الخير؟
هل سيتركونها لورثتهم؟ إذا كان ورثتهم محتاجين فليعطوهم الآن في حياتهم. وإذا كانوا غير محتاجين، فإنك أيها الثري ستكون محتاجًا في آخرتك، وقد تندم ساعة الخروج من الدنيا على عدم توفير حاجاتك الأخروية.
إنّ الله تعالى يقول: ﴿وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ ﴿١٠﴾ وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾. [سورة المنافقون، الآيتان: 10-11].
من مصاديق العمل الخيري
إنّ للعمل الخيري مصاديق متعدّدة، منها مساعدة الفقراء والمحتاجين، وكفالة الأيتام، ودعم المؤسسات والمشاريع الأهلية التطوعية، وأمثالها من المصاديق الواضحة المعروفة.
لكنّي أريد الحديث عن بعض المصاديق الحسَّاسة التي يدور حولها جدل ونقاش، ومن أبرزها مسألة الشفاعة في العفو عمّن يقوم بجريمة قتل عمد، وتوفير مبالغ للتنازل عن القصاص من قبل أولياء الدم.
فهناك من يرى أنّ في ذلك نوعًا من التساهل تجاه جريمة القتل، وأنّ فيها تشجيعًا للمتاجرة بالدماء، حيث تطلب بعض عوائل القتلى مبالغ باهظة.
ونريد أن نسلّط الأضواء على هذه القضية الحسَّاسة في عدّة نقاط:
القصاص حكم شرعي
حين يقوم إنسان بقتل إنسان آخر عمدًا، فإنّها جريمة من أكبر الجرائم، وقد عدّها القرآن الكريم عدوانًا على البشرية جمعاء.
يقول تعالى: ﴿مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾. [سورة المائدة، الآية: 32].
لذلك شرّع الإسلام عقوبة رادعة، وهي الحكم بالقصاص، بأن يكون لأولياء دم المقتول الحقّ في قتل القاتل. وذلك من أجل صيانة النفوس والدماء، وحماية حياة الناس، وحتى لا تسود حالة الاستهانة والتساهل بحياة الآخرين.
يقول تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. [سورة البقرة، الآية: 179].
الترغيب في العفو
وإذا كان الإسلام قد شرّع القصاص، فإنه لم يجعله حكمًا لازمًا، بل جعل الخيار بيد أولياء الدم، إن شاؤوا أخذوا بحقّهم في القصاص، وقتل القاتل، وإن شاؤوا عفوا دون مقابل لوجه الله تعالى، أو قبلوا الدّية، أو أيّ مبلغ يتفقون عليه مع القاتل وذويه.
وقد يتساءل البعض: لماذا فسح الإسلام المجال للعفو وأخذ الدّية، أليس في ذلك نقض لغرض الردع عن جريمة القتل؟
ويمكن الإجابة على ذلك؛ بالأمور التالية:
أولًا: إنّ تشريع القصاص بحدّ ذاته يعتبر ردعًا؛ لأنّ قرار حياة القاتل يصبح بيد غيره، وانتظار القتل أشدّ من القتل كما يقال. فإذا صدر عليه حكم بالقتل من سلطة نافذة، فإنه يعيش قلق تنفيذ الحكم المتوقع في أيّ وقت، ويبقى وذووه يلتمسون مختلف السبل والوسائط، ويتشفّعون، ويبذلون جاههم وماء وجوههم، وما قد يملكون من مال، لإنقاذ حياته، وهذا بحدّ ذاته عذاب وعقوبة للقاتل وذويه، يعيشون معاناتها إلى أن يقبل أولياء الدم بالتنازل والعفو، وقد لا يقبلون ويصرّون على القصاص كما يحصل في كثير من الحالات، ويُنفّذ حكم القتل بالقاتل، فصدور الحكم واحتمال التنفيذ، وتحقّقه ولو في بعض الحالات يمثل عنصر الردع المقصود.
ثانيًا: قد تكون أسرة القتيل تعيش ضنكًا وظروفًا مادية صعبة، فتجد أنّ أخذ الدية أفضل وأنفع لها من تنفيذ القصاص، فلماذا لا يُتاح لهم هذا الخيار؟
ثالثًا: إنّ الدين يريد تعزيز ثقافة العفو والتسامح والتراحم بين أبناء المجتمع، وقد يكون القاتل أصابته لحظة طيش أو انفعال، كما يحصل ذلك في حالات النزاع والصراع، بعد ذلك يدرك خطأه، ويندم على فعله، فليس كلّ قاتل مجرمًا محترفًا وذا سوابق إجرامية.
لذلك من المحبّذ إعطاؤه فرصة الاستمرار في الحياة، تفضّلًا عليه وعلى أسرته وذويه، والديه وزوجته وأبنائه وإخوانه وسائر أقربائه.
وهؤلاء يستحقون الشفقة والرحمة، لذلك يرغّب الإسلام في خيار العفو والتنازل، وأنه أعظم صدقة يتصدّق بها الإنسان، حيث تكون سببًا للتكفير عن الذنوب وغفرانها من قبل الله تعالى.
يقول تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ﴾. [سورة المائدة، الآية: 45].
أي فمن تصدّق بالقصاص متنازلًا عنه فهو كفّارة عن ذنوبه.
ورد عن الإمام جعفر الصادق في تفسير هذه الآية: «يُكَفَّرُ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا عَفَا»[4] .
والعفو عن القاتل هو من أهمّ مصاديق العفو الذي أكدّ عليه القرآن الكريم في آيات كثيرة، كقوله تعالى: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾. [سورة الشورى، الآية: 40].
وقوله تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾. [سورة آل عمران، الآية: 134].
وورد عن رسول الله : «مَنْ عَفَا عَنْ دَمٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةَ»[5] .
الشفاعة والسعي لطلب العفو
من الطبيعي أن تكون نفوس ذوي القتيل في حالة من المعاناة والألم والتوتر بسبب العدوان الذي أفقدهم عزيزهم، ولأنّ الشرع والنظام يعطيهم الحقّ في الاقتصاص من القاتل، الذي آلمهم، وجرح قلوبهم، وأربك حياتهم، فإنّهم في الغالب يتمسّكون بهذا الحقّ، من هنا تأتي الحاجة إلى أن يبذل أهل القاتل جهودًا مضنية، ومحاولات جادة، للأخذ بخاطر ذوي القتيل، والتماس العفو منهم، وطلب التنازل عن القصاص، وبذل الدّية لهم، أو ما يرضيهم.
ويحتاجون للاستعانة ببعض رجالات المجتمع وشخصياته، من علماء ووجهاء وناشطين اجتماعيين، ليساعدوهم في القيام بدور الشفاعة، والوساطة للصلح، وقبول التنازل عن القصاص من القاتل، قربة إلى الله تعالى، أو في مقابل مبالغ معينة، وقد يعجزون عن توفيرها، فيحتاجون إلى مساعدة الخيرين من أبناء مجتمعهم.
وهذا من أجلى مصاديق عمل الخير، لأنه إنقاذ لحياة إنسان من قتلٍ يستحقه شرعًا، لكنّ الشرع رغّب في التنازل والعفو.
كما يعطي الفرصة لتوفير دعم ومساعدة لعائلة القتيل قد تكون بأمسّ الحاجة إليها، ويعزّز حالة العفو والتسامح والتعاون والتلاحم الاجتماعي.
ونجد في النصوص الدينية تشجيعًا وتحفيزًا على القيام بهذا الدور.
فقد جاء في سنن ابن ماجة بسند صححه الألباني عن أنس بن مالك قال: «مَا رُفِعَ إلى رَسُولَ اللَّهِ شَيْءٌ فِيهِ القِصَاص، إِلَّا أَمَرَ فِيهِ بِالْعَفْوِ»[6] .
فإذا كان رسول الله حين يصدر منه حكم القصاص، يأمر ولي الدم بالعفو، أي يشجعه على ذلك، فحريٌّ بكلِّ مؤمن أن تكون له في رسول الله أسوة حسنة.
وقد ورد في مصادر الحديث ما يدلّ على أنه ، كان يبذل جهدًا لإقناع ولي الدم بالموافقة على العفو.
ومنها ما جاء في سنن أبي داوود وصححه الألباني عن وائل بن حجر، قال: (كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ إِذْ جِيءَ بِرَجُلٍ قَاتِلٍ، قَالَ: فَدَعَا وَلِيَّ الْمَقْتُولِ، فَقَالَ: «أَتَعْفُو؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «أَفَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «أَفَتَقْتُلُ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «اذْهَبْ بِهِ»، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: «أَتَعْفُو؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «أَفَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «أَفَتَقْتُلُ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «اذْهَبْ بِهِ»، فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ، قَالَ: «أَمَا إِنَّكَ إِنْ عَفَوْتَ عَنْهُ يَبُوءُ بِإِثْمِهِ، وَإِثْمِ صَاحِبِهِ»، قَالَ: فَعَفَا عَنْهُ)[7] .
هكذا يكرّر رسول الله عرض العفو على ولي الدم أربع مرات، ثم يُرغِّبه في العفو، وأنّ المعفوَّ عنه يتحمّل ما على القتيل من ذنب، كما يتحمّل ذنوب نفسه، وبذلك أقنعه رسول الله وقبِل العفو، وتنازل عن القصاص.
وفي كتاب وسائل الشيعة ضمن كتاب القصاص، بابٌ فيه روايات عن الإمام جعفر الصادق تشجّع على التنازل والعفو، وعنوان الباب: (يستحب للولي العفو عن القصاص أو الصلح على الدية أو غيرها)[8] .
وفي بحار الأنوار عن الإمام الحسن العسكري : (إِنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بِرَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُ أَبِيهِ، فَاعْتَرَفَ، فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ اَلْقِصَاصَ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ لِيُعْظِمَ اَللَّهُ ثَوَابَهُ، فَكَأَنَّ نَفْسَهُ لَمْ تَطِبْ بِذَلِكَ) وتذكر الرواية أنّ الإمام دخل معه في حديث مفصّل وأخذٍ وردّ، حتى اقتنع وقال: (يَا بْنَ رَسُولِ اَللَّهِ، قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ بِلاَ دِيَةٍ وَ لاَ شَيْءٍ إِلَّا اِبْتِغَاءَ وَجْهِ اَللَّهِ وَ لِمَسْأَلَتِكَ فِي أَمْرِهِ)[9] .
إنّ هذه النصوص وأمثالها ينبغي أن تُحفّز أهل الخير للسعي من أجل الصلح والتنازل في قضايا القصاص، وأن يبذلوا جهدهم وينفقوا من أموالهم لتحقيق ذلك، فإنه من أجلى مصاديق فعل الخير.
طلب المبالغ الباهظة
إنّ المسألة الأكثر حساسية في هذا الملف السَّاخن، هي ظاهرة طلب المبالغ الباهظة من قبل معظم أولياء الدم في حالات حوادث القتل، من أجل أن يتنازلوا عن القصاص.
فالدية المقررة شرعًا لقتل العمد هي ألف دينار، وتساوي قيمة ثلاثة كيلووات ونصفًا من الذهب الخالص تقريبًا. وتقدّر بـ 350 ألف ريال تقريبًا.
وللتنازل عن القصاص تجوز المصالحة على ما هو أقلّ أو أكثر من الدية المقررة.
لكنّنا نشهد مع الأسف الشديد في هذه العقود الأخيرة، اتجاهًا لتصاعد أرقام المبالغ التي تطلب للتنازل عن القصاص في بلادنا، وصلت في بعض مناطق المملكة إلى خمسين مليون ريال، وفي مجتمعنا المحلّي بدأنا نسمع عن طلب مبالغ بعشرة ملايين ريال وأكثر.
فمن أين تؤمّن هذه المبالغ الباهظة؟
هل يمتلك الجاني أو أهله مثل هذه المبالغ؟
إنّهم في العادة يلجؤون لدعم أهل الخير، ومساعدة أبناء المجتمع والوطن، فلماذا يحمّل المجتمع أعباء هذه المبالغ الطائلة؟
لقد تحوّل الأمر إلى ظاهرة سيئة، وكأنّها متاجرة بالدم، وفرصة للإثراء، وذلك ما يسبب عزوفًا عن المشاركة في هذا العمل الخيري، ويفتح المجال لتصاعد أكبر في هذه الأرقام الباهظة مستقبلًا.
وقد تحدّث كبار العلماء في المملكة، وخطباء المساجد، ضدّ هذه الظاهرة السيئة، وكتب حولها المثقفون والإعلاميون، كما ناقش مجلس الشورى هذا الموضوع أكثر من مرة، ووافق سنة 2022م على مشروع نظام جديد للصلح في القصاص يشمل 18 مادة، فيها تشديد على الحدّ من ظاهرة السمسرة بالدماء، والالتزام بحدود مبالغ مقررة. وقد وضعت الحكومة تنظيمات مساعدة في هذا المجال، منها وجود لجان للصلح في إمارات المناطق، وأن تُفتح حسابات التبرع من قبل الإمارة، وتحت إشرافها.
وفي الوقت الذي نؤكد فيه على أهمية السعي في مجال التنازل عن تنفيذ القصاص، استجابة لترغيب الدين، وإعلاءً لقيم العفو والتسامح والتراحم في المجتمع، فإننا ندعو إلى مضاعفة الجهد للوقاية من وقوع جرائم القتل والعنف، ولمحاصرة ظاهرة المتاجرة بالدم، بجهود المؤثرين في ساحة المجتمع.
دفع الله عنّا وعنكم كلّ سوء ومكروه ووفقنا جميعًا لعمل الخير، فإنه سبيل الفلاح ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.