د. سهيل بن حسن قاضي:
لصحيفة (المدينة) رسالة
تحرص بعض الصحف المحلية على لفت انتباه القارئ من خلال بعض العناوين المثيرة، ثم سرعان ما يكتشف القارئ أن المضمون مختلف نسبياً أو كلياً. ولعل عنوان هذه المقالة أحد هذه العناوين التي أشرت إليها، حيث إن رسالة صحيفة المدينة عظيمة وجليلة يصعب الحديث عنها عبر هذه السطور، ولكني أردت أن أزجي الشكر والتقدير لصحيفة المدينة الغراء وملاحقها اليومية والأسبوعية وبالأخص (الرسالة) التي تستحق تقدير كل منصف، فصفحاتها الثماني بدءاً من منبر الرسالة على الصفحة الأولى حتى الصفحة الأخيرة المشتملة على (نص وتعليق) والزوايا الثابتة : قبل الطبع، عيون، بارقة، أفق، وملامح فضلا عن قضية الأسبوع وندوة الأسبوع. أو المكاشفات التي حملتها الرسالة على مدى أربعة أسابيع.. تدلل بحق على أن الرسالة إسلامية المنهج وعصرية الطرح بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.
وأريد اليوم أن أتوقف قليلاً مع ضيف جريدة المدينة فضيلة الشيخ حسن الصفار والحوار الساخن الذي أجراه معه الأستاذ الكريم عبدا لعزيز قاسم وكان من ابرز ما قاله الشيخ الصفار: (مستعدون لميثاق شرف إسلامي نتجاوز به الصراعات المذهبية والخلافات الطائفية ونؤكد فيه على وحدة الأمة وعلى مرجعية الكتاب والسنة) وقال: (يجب أن نبدأ بإيقاف الإثارة لكل الترسبات عبر وقف التعبئة والتعبئة المضادة، وتجريم ثقافة التحريض على الكراهية). ومن ابرز ما قاله: (أراهن على الجيل الواعي من العلماء والدعاة في الصحوة الإسلامية والاتجاه السلفي بأن إدراكهم للتحديات الخطيرة يجعلهم أكثر مرونة تجاه الآخرين).
احسب أن الشيخ الصفار قد وضع النقاط على الحروف، وأزال عن الأذهان كل ما علق في السابق بكل صدق وموضوعية، ولوحظ على الشيخ الصفار تمسكه الثابت فيما أبداه من آراء وهذا ما أكده رفاقه في الحوار الوطني الذي شارك فيه الشيخ الصفار بكل فعالية ولقي هذا الأمر ترحيب كل الأوساط، راجياً أن نقطف ثمار هذا التقارب عبر الأطروحات التي عرضها في الحوار الوطني ولقاءات جريدة المدينة ممثلة في ملحقها (الرسالة) والمؤمل أن توضع هذه الأطروحات موضوع التنفيذ.
إن ما ذكر آنفاً يقودنا إلى التساؤل: هل نملك بالفعل الإرادة للتعايش.؟
قال أحد الأئمة (صلاح شأن الناس التعايش) لدينا مجتمعات عديدة كان بعضها ولازال مضرباً للمثل في عملية التعايش والانصهار في المجتمع في مقدمة هذه الدول اكبر دولة في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى المستوى العربي كان لبنان أنموذجاً للتعايش قبل أن ينجح الشيطان في منتصف السبعينيات ليقوض كل ما بني في السابق.
وفي هذا السياق فقد كنت في زيارة لدار الساقي ببيروت في العام الماضي فجاءت سيدة تسأل عن كتاب التنوع والتعايش للشيخ حسن الصفار وهو بحث في تأصيل الوحدة الاجتماعية والوطنية، فطلبت من مسؤول المبيعات أن يزودني أيضاً بهذا الكتاب، فقال الرجل لقد جاءت هذه السيدة يوم أمس تسأل عن كتاب شخصية المرأة للشيخ الصفار. وزودناها بطلبها وأفدناها أن للمؤلف كتابا آخر في التنوع والتعايش فقالت: لست مهتمة بهذا الأمر فإذا بها تجيء اليوم وهي ترغب في الحصول على مجموعة من النسخ بغرض الإهداء. لقد تسنى لي الإطلاع على كتاب شخصية المرأة وعلى كتاب التنوع والتعايش وسعدت بالطرح الجيد والفكر المستنير بدءاً من شرحه على التنوع كظاهرة كونية اجتماعية بأنواعه من تنوع عرقي ولغوي وديني وقومي إلى الرؤية الإسلامية التي طرحها المؤلف عن التنوع والاختلاف والتي وفق في شرحها أيما توفيق زاده الله حكماً وعلماً، إلى أن انتهى في خاتمة الكتاب عن كيفية الانتقال من زمن التعصب إلى زمن التعايش، وهو موضوع يحسن إثارته ومناقشته في المرات القادمة. ولابد أن نرجع الفضل لأهله ولكل من ساهم في تعريفنا بالشيخ حسن الصفار في مقدمة هؤلاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وصحيفة المدينة الغراء، ثم لقاء في منزل الأستاذ محمد سعيد طيب وآخر في منزل الأستاذ عبدالمقصود خوجة وبعض من كتبه التي تسنى الإطلاع عليها والحديث موصول.