شخصيّة المرأة بين رؤية الإسلام وواقع المسلمين
اسم الكتاب: شخصيّة المرأة بين رؤية الإسلام وواقع المسلمين
المؤلّف: الشيخ حسن الصفار
دار النشر: المركز الثّقافي العربي، الدار البيضاء ـ المغرب
الطبعة الثانية، ٢٠٠٤م
عدد الصفحات: ١٦٩
عرض الكتاب:
يقدّم الشّيخ حسن الصفار في كتابه "شخصيّة المرأة بين رؤيّة الإسلام وواقع المسلمين"، صورة ناصعة واضحة جليّة عن نظرة الإسلام إلى المرأة، بحيث يبرّئه من ممارسات المجتمع في العالمين العربيّ والإسلاميّ تجاه المرأة.
ويشير في صفحات مؤلَّفِه إلى أنّ انبثاق نور الإسلام شكّل منعطفًا، ونقلة تاريخيّة في النّظر إلى المرأة، وموقعها ومكانتها في المجتمع الإنسانيّ وفق القاعدة الّتي أرساه الإسلام، أيّ وحدة النّوع الإنسانيّ، وتساوي جناحيه الذّكر والأنثى في القيمة الإنسانيّة، وفي مصدر الخلق وأصل التّكوين.
وبناء على أصل المساواة والمشاركة في القيمة الإنسانيّة بين الرّجل والمرأة، خصّص المؤلف الفصل الأوّل من كتابه للحديث عن مواضع تفوّق المرأة؛ مضمّنًا إيّاه معايير وقيم التّفاضل والتّمايز بين أبناء البشر الّتي أقرّها الإسلام، بين الذّكور والإناث، فمن كان أقرب إلى تلك المعايير، وأكثر التزامًا بها فهو الأفضل؛ وفي هذا الإطار، أشار المؤلّف إلى ثلاثة معايير هي:
١ـ التّقوى والتزام منهج الله تعالى وأمره، فالأوفر حظاًّ هو الأقرب لله من أيّ عرق؛ ذكرًا أم أنثى.
٢ـ العلم وهو ميزة الإنسان عمّن سواه من المخلوقات، فمن كان أكثر نصيبًا من العلم يصبح أكثر أهليّة وجدارة.
٣ـ العمل، فحركة الإنسان في الاتّجاه الصّحيح، وإنجازه وفاعليّته في طريق الخير هي الّتي تحدّد موقعه في الدّنيا، ومكانته في الآخرة.
وفي هذا الإطار، يوضّح فضيلته أنّ مقاييس التّفاضل في الإسلام اختياريّة كسبيّة، بمعنى أنّ أيّ إنسان قادر على اكتسابها، وتحصيلها بمقدار سعيه وجهده ثمّ التّميّز بها. ومن هنا فإنّ فرص تقدّم المرأة في الإسلام مفتوحة أمامها، والطّريق مشرّع للسّباق والتّنافس على الخير.
ويرى الشّيخ الصفار أنّ بإمكان المرأة أن تقطع شوطًا أبعد، وأن تنال درجة أكبر من الرّجل في حال تفوّقت عليه في السّعي نحو العلم، وبذل الجّهد في العمل، وفي الالتزام بتقوى الله تعالى؛ مؤكّدًا بأنّ أنوثتها لا تمنعها من التّفوّق، ولا تعوق حركة تقدّمها، ولا تفرض عليها أن تكون في رتبة تالية، أو في موقع التّبعيّة والانقياد؛ فالتّسابق يعتمد على أمرين هما: الإرادة وقابليّة المعرفة؛ والإرادة والعقل منحتان إلهيتان للإنسان، الذّكر والمرأة.
وفي ثنايا هذا الفصل، استعرض الشّيخ حسن الصفار نماذج نسائيّة رائدة في التّفوّق، مستشهدًا بزوجة فرعون، وبلقيس ملكة سبأ، كما استشهد بمحدّثات فقيهات يعلّمن الرّجال أصول الدّين والفقه مثال السّيدة نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام، وحفصة بنت سيرين أخت محمد بن سيرين، وكذلك كريمة بنت أحمد بن محمد المروزيّة.
وفي الفصل الثّاني، وعنوانه "المرأة والمعرفة الدينيّة"، يوضح الشيخ الصفار ضرورة تفقّه المرأة في الدّين، وإلمامها بمعارفه، وتعمّقها في فهم الأحكام ومناهجه، فهو الّذي يؤهّلها للقيام بدور الدّعوة إلى الإسلام، والتّبشير بنموذجه للمرأة على الصّعيد العالميّ.
من هنا، فإنّ دعوة الإسلام إلى طلب العلم، وحثّه البليغ على كسبه، موجّهة إلى المرأة كما هي موجّهة إلى الرجل، بل هو فريضة على كليّهما.
ويتناول المؤلّف في الفصل الثّالث "دور المرأة القياديّ"، مبيّنًا أنّ المراتب والمناصب القياديّة لا تقتصر على الرّجل، بل للمرأة نصيب منها، حتّى أنّ الله اصطفى نساءً كمريم بنت عمران ، وفاطمة الزهراء في مقام الرّيادة، والحجّة الشّرعيّة على النّاس رجالاً ونساء؛ وقد كان بعض الصّحابة يرجعون إلى أمّهات المؤمنين في بعض ما أُستشكل عليهم من المسائل الدّينيّة.
ويتطرّق في الفصل الرّابع "المرأة وقوّة الشّخصيّة"، فيعتبر أنّ المرأة إذا امتازت بالثّقة بالنّفس والتّعبير عن الذّات، والدّفاع عن المصالح، تكوّنت عندها قوّة الشخصيّة، فتكون مهابة الجّانب كمهابة الرّجال؛ والمرأة ذات الشّخصيّة القويّة قد تلعب دورًا في حماية الرّجل في المواقف الصعبة، وليس نفسها فقط.
وبيّن الشّيخ الصفار أنّ التّربيّة السّليمة، ووعي بالدّين والحياة، والاحترام والإشباع العاطفيّ من العوامل والمصادر الّتي تساعد على بناء قوّة الشّخصيّة لدى المرأة وتنّميتها.
وفي الفصل الخامس من الكتاب، ألقى المؤلّف الضّوء على واقع المرأة، فلاحظ أنّ وضع المرأة في المجتمعات الإسلاميّة يتأرجح بين واقع الانجراف خلف النّموذج الغربيّ وتقليده على حساب دورها في المجتمع من جهة، ومن جهة ثانية واقع التّخلف الاجتماعي العاجز عن إدراك دورها وأهميّته بما يشلّ حركتها، ويصادر الكثير من حقوقها.
وذهب إلى أنّ العودة إلى مفاهيم الإسلام الصّحيحة، وتشريعاته الهادية، وتعاليمه القيّمة، هو سبيل المرأة إلى تحرير ذاتها، وتحصيل حقوقها الكريمة.
ولفت إلى أنّ إدراك المرأة لمفاهيم الإسلام وأحكامه، ووعيها بحقوقها ضمن تشريعاته وتعاليمه، مجرّد خطّوة يجب أن ترافقها خطوات أخرى في اتّجاه تفعيل البرامج الإسّلاميّة عمليًّا، وتغيير واقع المرأة الاجتماعي على ضوئها.
أما الفصل السّادس والأخير من الكتاب، فقد تناول فيه المؤلّف المرأة الأمّ، معتبرًا أنّ الأمومة هي الوظيفة الأرقى الّتي يمكن للمرأة القيام بها، وأيّ جهة أخرى لا تستطيع شغل نفس مكانة الأم وتأثيرها، حتّى وإن مارست وظائفها العمليّة، لأنّها لا تملك آليات التّفاعل والارتباط النّفسيّ والعاطفيّ الموجود لدى الأمّ.
وانطلاقًا من هذه الحقيقة فإنّ الأم الواعية ـ ذات السّلوك القويم، والتّوجيه التّربويّ ـ تصنع شخصيّات أبنائها بمستوى رفيع وكفاءة عاليّة.