أنت تفكر.. أنت ”مؤمن“
يعود الفضل لوالدي «رحمهم الله» لبناء اللبنه الأولية في تكوين مفهوم الإيمان بداخلي، بحرصهم في تعزيز الشعائر وتعليمنا أساسيات الدين وجهدهم بمراقبتنا وتصحيح الإعوجاج في سلوكياتنا فكان لهذا أنعكاس بفكرنا وإيماننا.
ويعود الفضل من بعده في بناء قوة الإيمان لأصحاب العلم والدين من أمثال «الشيخ حسن الصفار» الذين كرسوا حياتهم لتوجيهنا نحو التفكير الصحيح الذي يجعلنا بالقلب والعقل متمسكين بما نؤمن، عندها فقط تستطيع أن تحمي ما تؤمن به وإلا سوف يتم استغلال ضعفك لتضليلك.
لو سألك أحد يوما «ما معنى أنك مؤمن؟» قد تشعر بنوع من التوتر إذا لم تدرك الإجابة. من هنا كانت محاضرة الشيخ حسن الصفار بعنوان: «تجليات الإيمان في شخصية الإنسان» لتزيح أي توتر قد يواجه الإنسان بهذا الإتجاه.
يبدأ الشيخ بتوضيح موضوع مهم وهو أن الإيمان أعمق بكثير من أن يكون مجموعة معتقدات يؤمن بها الناس بتبعيه عمياء. بل هو منهجية تفكير وحركة مشاعر ومظاهر سلوكية لمجمل شخصية الإنسان.
الإيمان لا يتحقق بترديد كلمات الدين ولا بأداء طقوس معينة بل يظهر في سلوكياتنا بالتعاملات الخارجية، فالله لا يوجد في المسجد فقط بل ممكن رؤيته بكل المحيط خارجه.
كم هي عظيمة هذه الآية «أفلا يتدبرون القرآن» هنا دعوة الله للعبد بالتفكر، ليستخدم العقل الذي وهبه الله له في التأمل في خلق الرحمن حتى يدرك عظمة الخالق ويتدبر بكلمات القرآن، ففهم المعنى والغاية بالآيات أفضل قيمهة من حفظها.
هناك معادلة محتواها «أنت تسأل؟ يعني أنك تفكر إذن أنت مؤمن». أي اسمح لنفسك بالتفكير دائما بلا خجل بشرط أن يكون تفكيرًا منفتحًا بعيدًا عن التبعية والتقليد وقائمًا على الأدلة والبراهين، التي تؤكد المعتقدات. لكن للأسف هناك الكثير من المراجع والمدراس التي تحشر في عقول متابعيها أن يكونوا بصندوق مغلق لا يسمعون ولا يحضرون إلا مجالسهم الخاصة بحدود فكرهم المغلق.
للإيمان تجليات وانعكسات تظهر في حركة المشاعر والاستقرار النفسي والاطمئنان فيكون صاحبه مستقيمًا وإيجابي التفكير دائمًا. ونحن اليوم تواجهنا عقبات كثيرة بحياتنا تمثل ضغوطًا موجعة وصعبة، وهنا يتمايز المؤمنين بين مؤمن بقضاء الله وبين من تتأزم نفسه فتصاب بالقلق والاكتئاب وقد تصل للانتحار.
يعد الإيمان من أنبل قيم الحياة، وبه يزال التوتر الذي يشعر به الجميع عند التفكير في أمور الحياة خاصه لدى الذين يقلقون على فقد النعم التي لديهم ويعيشون في رغبه تكديسها.
وقد وجه الشيخ الصفار رسالة خاصة لمرضى «السرطان» الذي سمي طاعون العصر. أن يدرك المريض أن هناك امور لا يمكن التحكم فيها كالموت والمرض الذي على الانسان الرضا كونها قضاء وقدر، فعند مواجهه هذه المواقف على الانسان ان يسعى ليعيش مكافح للعلاج وان يكون مستعدا ان يظهر إيمانه، عندها سيهبه الله طاقه داخلية وخارجية ورحمة كبيرة، فالموت لا يرتبط بمرض، فكثيرون يموتون وهم في زهرة العمر وقد فقدناهم وهم بكامل صحتهم.
واعطى الشيخ نموذج لشخصية مؤمنه من كل الجوانب، تحمل مسؤولية ربه ودينه وامته. رغم أداركه ان ثمن ذلك كبير ولكنه مضى فيها بخطى ثابتة خرج بها الى العراق التي غدر بها اهلها. انه «الحسين» الذي تمسك بمبادئه هو واهله واتبع دينه وكان مثال القدوة لنا اليوم حيث يتجه الملايين لزياره تلك البقعة التي مثلت فيها ثار الله وقيمة الإيمان.
كل الشكر والتقدير لصحاب المنبر المتفتح «الشيخ الصفار» لخلق جيل قوي بإيمانه من خلال أطروحاته القيمة خلال موسم عاشوراء. ويكتمل الذوق التربوي بالشيخ عند شكره كل من سعى لحضور مجلسه او شارك في تنظيمه سواء على مستوى فردي او مؤسسي. سيتمكن الجميع من خلق عالم جميل اذا سمحو للنور الداخلي المتمثل بالايمان ان يدلهم على دربه.
يخلق فينا رغبه بالتغيير المستمر بعد محاضراته، يمنحنا وضوح وقوه للطرق التي أماننا، نصحه الدائم كأشارات للدرب المستقيم. وروحه الباسمه التي تتقبل النقد والسؤال كنوع من الرقي الفكري تجعل منه أب للجميع. ان أجمل ما اخرجت بلادنا من رجال نفخر بهم يتمثل في «الشيخ حسن الصفار» اطال الله عمره وأعانه على مواصله عطائه الصادق بروحه الجميلة.ش