التطرف الديني.. لماذا؟
أثار سماحة الشيخ حسن الصفار في الليلة الثانية لموسم عاشوراء في محاضرته التي عنونها ب ”ظاهرة التطرف الديني“ إشكالية معقدة وحساسة لما لهذه الظاهرة من ارتباط بالأديان، ومما قاله الشيخ الصفار في هذا الجانب ”ما من دين إلا ابتلي بالتطرف الديني بشكل أو آخر“، وهنا تكمن الإشكالية والخطورة لهذه الظاهرة التي تستغل الدين في بث سمومها تحت غطاء ومبرر ديني، وهذا ما نراه لدى الجماعات المتطرفة التي تستغل الدين في توجهاتها العنفية والوحشية كي تبرر ما تقوم به من افعال شنيعة وبعيدة كل البعد عن القيم والمبادئ التي تحث عليها الأديان.
التطرف الديني لا ينحصر في دين أو مذهب أو جماعة بشكل محدد بل هو في حالة تفاوت يبرز عند جهة معينة ويخفت عند أخرى، ولذلك لا ينبغي التحسس من نقد التطرف أو تبريره بل يتحتم علينا مناقشة الأسباب التي أوصلت بعض الجماعات لهذه الممارسات الوحشية بشكل موضوعي وواقعي حتى نتمكن من القضاء على هذه الظاهرة التي لا ترحم لا صغير ولا كبير، واعتقد أهم أمر في هذا الجانب الابتعاد عن تنزيه الذات، حيث أن كثير منا يبرر ساحته ويلقي بالمشكلة على الأطراف الأخرى مثل هذا السلوك لا يوصلنا إلى حل بل يصبح مصدر تأزيم لأن الواقع يقول أن الجماعات سواء الدينية أو المذهبية وغيرها ليست بريئة من النزوع للتطرف الديني.
أشار فضيلة الشيخ حسن الصفار إلى الأسباب لهذه الظاهرة وأبرزها في تصوري هو ”التعصب“، حيث معظم الأسباب التي تتعلق بظاهرة التطرف الديني تنطوي تحته، لأن المتطرف عندما يتعصب يعتقد أنه يمتلك الحق وبالتالي يجعل من نفسه وصيا على الآخرين حيث لا يحق لهم التعبير عن معتقداتهم أو آرائهم، وهذه الحالة تؤدي كما أشار الشيخ الصفار إلى الإنغلاق على الذات وتبدأ عملية الفرز والتحصين هذا معنا وهذا ضدنا، وبعد ذلك يوجد المبررات للقضاء على من يختلف معهم تحت مسوغ شرعي وديني مع الأسف الشديد.
إذا أردنا التخلص من ظاهرة التطرف الديني علينا أن نتحلى بالشجاعة في نقد هذه الظاهرة الخطيرة والمدمرة، والشيء الآخر غربلة التراث الذي تستمد منه هذه الجماعات أفكارها المتطرفة التي لا تدمر العالم فقط بل تشوه الدين الذي تنتمي إليه، وأخيرا التعصب والإنغلاق أسباب تؤدي إلى التطرف معالجتها في بداياتها يجنبنا الويلات التي قد تحصل جراء هذا التطرف الذي لا ينحصر خطره على المنتمي إليه فقط بل سيصل خطره والدمار الذي سيخلفه إلى البشرية جمعاء.
في الختام نسأل الله أن يوفق سماحة الشيخ حسن الصفار لما فيه خير وصلاح لهذه الأمة، ويجعله الله مناراة في نشر الوعي والعقلانية والتسامح وكل ما هو نافع يجنب هذه الأمة الأزمات والشرور.