إدانة استخدام السلاح
المبادرة بالحق شيمة أصيلة من ذوي الخلق الرفيع والحكمة والصدق. قول الحق شيمة من صلب ديننا الحنيف تستحق المدح من المتلقي والفخر من كل من تصدر منه كلمة السوء. الصدق في القول والوضوح فيه يبعث على الطمأنينة والسكينة والأمان. قول الحق ليس خيارا للمرء بل اختبارا له في المواقف الحازمة التي تتطلب قوة في إظهار الصواب مهما كانت النتائج وردات الفعل، والحقيقة الأكيدة أن قول الحق لا يأتي إلا بخير. ولا يعاند الصواب ويقاومه سوى أصحاب النفوس السقيمة، الذين لا يسعدون سوى للزيف والباطل. وحين يأتي الأمر للتصدي للإرهاب وسوء فعله ونتائجه، يصبح الأمر قضية مصير، ويصبح التصدي له ومحاربته أمرا لا حياد عن الوضوح فيه، ولا خيار في تجريم فعله وفضح نتائجه. ومن هنا تأتي أهمية البيان الذي صدر عن علماء القطيف والأحساء والذي حذروا فيه الشباب من الانجراف خلف توجهات العنف والتطرف، الذي أدانوا فيه استخدام السلاح ضد الدولة أو المجتمع.
البيان أثلج صدر كل من قرأه وسمع عنه. كيف لا والمنطقة برمتها تمر بمنعطف خطير يسعى أصحاب الأجندة السيئة إلى جر بلادنا في تقلباته وتعرجاته الخطيرة. نص البيان الذي أكد أن الأمة "بليت بجماعات وتيارات متطرفة تمارس الإرهاب والعنف تحت عناوين دينية وسياسية والدين بريء من الإرهاب، والعنف السياسي يدمر الأوطان، وما نعرفه من سيرة أئمة أهل البيت ومن توجيهاتهم الهادية أنهم يؤكدون على حفظ وحدة الأمة ورعاية المصلحة العامة، ورفض أي احتراب داخلي حماية للسلم والأمن في مجتمع المسلمين وذلك هو نهج مراجعنا وفقهائنا الكرام" يعبر عن لسان حال وفكر كل وطني صادق غيور مخلص لوطنه، كما يأتي كتأكيد لجميع الأطراف الخارجية المراهنة على إحداث فتنة مذهبية في بلادنا، على أن المذهب الشيعي لا يقبل أي شكل من أشكال العنف تحت أي مسوغ كان. كما نص البيان الحكيم على التحذير "من الإنجراف خلف توجهات العنف والتطرف فهو لا يحل مشكلة ولا يحقق مطلبا، بل يزيد المشكلات تعقيدا ويحقق مآرب الأعداء الطامعين، ونؤكد أن أي استخدام للسلاح والعنف في وجه الدولة أو المجتمع مدان ومرفوض من قبل علماء المذهب وعموم المجتمع ولا يحظى بأي غطاء ديني أو سياسي". وهذا التحذير يؤكد لكل مغرر به أن الأصوات النشاز التي ينطق بها ذوو الأطماع والأحلام بإحداث شرخ في بلادنا ما هي سوى أصوات شر، صادرة من نفوس شريرة لتحقيق أهداف وأجندات قذرة، ولا ينبغي الاستماع لها، بل على العكس ينبغي التصدي لها وبكل قوة ممكنة، فبلادنا ليست مسرحا لتجارب المخربين والمندسين وأصحاب الأهواء.
تأكيد الشيخ حسن الصفار على أن "المجتمع السعودي تسوده الروح الوطنية وثقافة التسامح والانفتاح ولا يقبل بتسلل توجهات متطرفة إليه فهو مجتمع عريق في تاريخه الوطني والوحدوي" يستحق الإشادة هو الآخر. فكلمات الشيخ حسن الصفار عن الوطن السعودي العظيم حقيقة نعيشها جميعا ونفتخر بها أمام الأمم. العالم كله يقر بأن وحدتنا الوطنية نادرة، فبلادنا رغم تعدد مذاهبها وقبائلها ومجتمعاتها وثقافاتها ومشاربها تظل الأقوى في لحمتها الوطنية وصلابة جبهتها الداخلية. ويثبت التاريخ أن المؤامرات كافة تتحطم أمام صلابتنا وقوتنا ويقظتنا. كما يأتي تأكيد الشيخ حسن الصفار لـ "الاقتصادية" أن "إدانة العنف الداخلي وتجريم الإرهاب موقف شرعي ثابت، طالما أكده العلماء الواعون وعرضوه في الكثير من الخطب والكتابات المطبوعة"، كصفعة في وجه جميع الأصوات المسوقة للعنف تحت غطاء مذهبي. أصوات باطلة لا ينبغي لنا سوى التصدي لها وفضحها والتحذير من التعاطف معها.
يوما بعد يوم، وبلادنا الشامخة تثبت أنها أقوى وأمتن وأصلب من أن تنخدع وتنجرف خلف الأعداء المتآمرين. بلادنا ثبت للعالم أن تعدد مذاهبها وتنوع ثقافاتها يزيدها قوة وصلابة وعمقا وغنى. إن أمتنا السعودية الأبية غنية بذوي الحكمة والعقل والرشد، ولن يجد أعداؤنا مدخلا يمررون من خلاله أجندتهم الشيطانية والملتوية، وما بيان علماء الأحساء والقطيف سوى دليل على صلابة جبهتنا الداخلية، صلابة يستحيل معها اختراقنا تحت أي مسوغ أو مبرر. بلادنا مفخرة للإنسانية وشعلة سلام في زمن أصبح فيه العنف والتطرف سيد الموقف للأسف الشديد. إن ما عبر عنه علماء الأحساء والقطيف من خلال بيانهم الوطني الرائع يستحق الإشادة والمدح، كما يأتي البيان صفعة في وجه كل من راهن على إحداث شرخ في بلادنا، والحقيقة أن الشرخ لا وجود له سوى في عقولهم الشريرة القذرة.