قراءة في كتاب «أسئلة وإجابات» للأستاذ صليل
المؤلف: الأستاذ مهدي جعفر صليل
الطبعة: الأولى لسنة 2012 ميلادية
عدد الصفحات: مائة وستة وسبعون ورقة.
يشتمل الكتاب على تقديم للشيخ حسن الصفار، ومدخل، واحد عشر مسألة قرآنية، وعشر مسائل فكرية، وثماني عشر قضية ثقافية، وواحد وعشرون قضية أسرية، وثماني عشر مشكلة، وعشرون قضية اجتماعية، وست وإضاءات مهمة، واثنا عشر عنوان لكتب من إنتاج المؤلف.
وفي التقديم للشيخ حسن الصفار قال فيه: تردني على بريد الموقع الالكتروني كثيرا من الرسائل، التي تحمل مختلف الأسئلة والاستفسارات، بعضها يتعلق بمسائل دينية، وأخرى تعرض مشاكل اجتماعية. وكنت استفيد من ورود تلك الأسئلة في رصد بعض المشاكل الدينية والاجتماعية، كما كانت بعض الأسئلة باعثا لي، للبحث والمراجعة من أجل إعداد الإجابة المناسبة. ولكثرة الرسائل الواردة مع انشغالاتي المختلفة، طلبت من الأخ العزيز الفاضل الأستاذ - مهدي جعفر صليل - مساعدتي في القيام بهذه المهمة.
وكتب المؤلف في مدخله ما يلي: وجدت في إجابات سماحته، ويعني بذلك - الشيخ حسن الصفار - دقة العبارة في غزير العلم، وإفراغ الوسع للنصيحة والموعظة، مع مشاعر الحب والرحمة والشفقة، فهي ليست من باب تأدية الواجب كيفما اتفق، بل تحمل في مضامينها وأجوائها معاني سامية، من صدق المشاعر وحب الخير وإخلاص النصيحة. ويمكنني أن ألحظ في منهج سماحته السمات التالية، أولا: تشجيع السائل على حل مشكلته. ثانيا: استثمار فرصة النصيحة والموعظة. ثالثا: الرجوع إلى المصادر المتخصصة. رابعا: المتابعة المباشرة. خامسا: حمل الهم الوطني العام. سادسا: الرحمة والشفقة بالسائل.
وجاء في المسائل القرآنية، هذا التساؤل: هل يمكن أن نجري كشفا بالقرآن لنحدد صفات شخص ما أو علاقتنا به؟
فكان جواب الشيخ حفظه الله ما يلي: في القرآن الكريم آيات شريفة توضح مهمة القرآن، فهو للهداية والصلاح وتنظيم حياة الناس، وليس للكشف أو غيره مما لا يقره القرآن الكريم نفسه. فالقرآن الكريم يهدي الإنسان لأسلوب الأمثل في التعامل مع المواقف والأشخاص، ولكن هذه الهداية تحتاج إلى تدبر وتفاعل واستنطاق للآيات الشريفة. فكلما زاد تفاعل الإنسان مع القرآن الكريم، توفرت له فرص الاسترشاد والاستفادة. ومن جهة أخرى، فإن العلاقة مع الناس والتعامل معهم، تحكمها التوجيهات الدينية، التي تدعو للإحسان وحسن الظن. إما إذا وجد من يسئ التصرف ويسعى للإيذاء فعلى الإنسان أن يحذر من التعامل معه.
أما في المسائل الفكرية، جاء هذا السؤال: ما العلة من الخلق؟ لم خلقنا الله سبحانه؟ ماذا كان قبل خلق المخلوقات؟ ما الذي جعله بعظمته يخلقنا لنعبده؟ وما الغاية من عبادته وهو غير محتاج لها؟ آمل بجوابك وشرحك أن أعرف معنى وغاية تعبدي وصلاتي!
جاء في إجابة الشيخ الصفار على التساؤل ما يلي: من حق الإنسان أن يفكر ويتأمل ويسأل حتى يكون عمله عن علم ومعرفة، وما تفضلت به من أسئلة هي مواضيع ناقشها العلماء كثيرا وألفت فيها الكتب، فلا حرج في مناقشتها أبدا. العلة من الخلق هي عبادة الله تعالى، والعبادة في حقيقتها شرف رفيع وسعادة عظمى لا يمكن للإنسان أن يحققها بدون هذه الطاعة والتذلل لله سبحانه وتعالى، فالإنسان هو المحتاج للعبادة، فبها يسمو ويرقى في مدارج الكمال. قبل خلق لم يكن هناك أي موجود سوى الله سبحانه وتعالى، ثم أفاض الوجود برحمته على المخلوقات، فالإنسان أصبح موجودا بعد العدم، وهي أكبر نعمة من الله على الإنسان. الله سبحانه وتعالى هو الكمال والجمال المطلق، ومن كماله وجماله أفاض الوجود على الكائنات، ومن خلال هذا الوجود أتيحت الفرصة للإنسان أن يتعرف جمال الوجود وخالق الجمال وينعم بالقرب منه بالعبادة. إن من ذاقوا حلاوة العبادة ولذة القرب من الله، عرفوا جزءا من الحقيقة المطلقة في هذا الكون، وفي مناجاة الإمام زين العابدين نقرأ: «إلهي من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام منك بدلا ومن ذا الذي أنس بقربك فابتغى عنك حولا.
أما في قسم «القضايا الثقافية»، جاء السؤال التي: يتم تداول عدد كبير من الأحاديث والروايات عبر شبكة الانترنت من دون ذكر مصادرها. ما هي مصادر الحديث والروايات التي يمكن البحث من خلالها للتأكد من صحة وجود الحديث أو الرواية من عدمه. وعند التأكد من وجود الرواية، كيف نستطيع تقييمها من ناحية القوة أو الضعف؟
وجاء جواب الشيخ الصفار كما يلي: معرفة درجة الحديث من حيث القوة والضعف علم قائم بذاته، فلا يتمكن من إصدار الحكم على الحديث إلا من هو متخصص في هذا المجال، والدارس للحديث من العلماء المتخصصين ينظر إلى جانبين مهمين:
1 - المتن وهو كلمات الحديث وألفاظه.
2 - السند ويقصد به سلسلة الرواة.
كما أن مباني العلماء وأساليبهم مختلفة في دراسة الحديث، ولذلك نجد بعض العلماء يضعفون حديثا، وآخرين يقوون هذا الحديث.
ومن بين القضايا الأسرية كان هذا السؤال: ماذا تقول في شخص كبير فاهم دارس عنده عيال، ويسب زوجته ويسب أمها وأبوها بدون سبب؟
فرد الشيخ قائلا: السب والكلام الفاحش مما يذمه الشرع الحنيف، ويدعو إلى التنزه عنه، وهو محرم شرعا. كما يوجه الشرع ويأمر بالكلام الطيب الجميل، فلابد للإنسان من مراقبة كلامه وأفعاله فهو محاسب على كل ما يصدر منه، خصوصا مع زوجته وأقاربه. يتأثر سلوك الإنسان بأسلوب التربية ونوعية الثقافة التي تلقاها وطبيعة البيئة التي يعيش فيها، ومع مرور الزمن تتأكد السلوكيات فتصبح طباعا متجذرة وكأنها جزء من الذات، ولهذا فإن تغيير الصفات والطباع يكون في مرحلة الشباب أسهل منه في مرحلة الرجولة. بالطبع إن الله تعالى قد منح الإنسان القدرة على تغيير نفسه وطباعه، لكن التغيير يحتاج إلى عدة عوامل أهمها:
1 - الاعتراف بخطأ السلوك.
2 - الرغبة في الارتقاء بالنفس.
3 - الثقة بالقدرة على التغيير.
فإذا توفرت هذه العوامل أمكن للإنسان أن يبدأ مرحلة تغيير نفسه وإصلاحها.
أما في قسم «مشاكل وحلول» ورد هذا التساؤل: أنا بنت عائلة معروفة محترمة، تعرفت على شاب عن طريق المسنجر وصرنا نتكلم في أمور دينية، يعني علاقتنا ما خرجت عن هذا الشئ. بعدها تطورت وصرت اكلمه بالجوال، بعدها ولان لا يصير ما نقوم به حرام، طلبت منه الزواج، فأصبح في كل مرة يقول: إن شاء الله وبعدين. أحسه يتهرب!! ماذا أفعل؟
فأجابها الشيخ قائلا: واضح من رسالتك أن هذه العلاقة للتسلية بالحديث مع الجنس الآخر، والاسترسال في مثل هذه العلاقات لها عواقبها الوخيمة، فالشرع لا يجيز إقامة علاقات الصداقة بين الجنسين، فعليك أن تكوني حازمة في الأمر وتقطعي علاقتك به، وتتوكلي على الله في تقوية إرادتك لمغالبة عواطفك ناحيته، فأنت ترين كل يوم ضحايا مثل هذه العلاقات،. والضحايا غالبا من الفتيات. عن رابطة الزواج لا يمكن أن تقوم وتؤسس على قاعدة من النزوات والشهوات العابرة، ومن الخطأ أن تقدمي على خطوة كهذه وأنت تعلمين أن هذا الشباب يستغل بعض حالات الغفلة للتسلية وتلبية شهواته ورغباته. من جهة أخرى عليك أن تعيدي النظر في أسلوب حياتك وبرامجك اليومية، حتى لا تقعي في مثل هذه المزالق مرة أخرى، فكل واقع يعيشه الإنسان هو نتيجة لمقدمات بدأ بها أوصلته بالتدريج لتلك النتيجة.
أما في قسم القضايا الاجتماعية فجاء هذا الاستفسار: بعض الشباب للأسف استغل نقطة جواز الوشم لمصلحته، فيقوم بعمل صور على جسده. الشباب يتنافسون بعمل وشم على جميع أعضاء أجسادهم للتنافس فيما بينهم، وذلك تحت مسمى جواز الوشم وأنه لا يمنع الغسل أو الصلاة.
فأجاب الشيخ قائلا: الظواهر الاجتماعية السلبية عادة ما تكون مؤشرا لمشكلة ما، والمعالجة المثلى هي التي تسعى للتخلص من جذور المشكلة لا بعض مظاهرها. فما يقوم به الشباب من سلوكيات خاطئة تكشف عن وجود ثغرة ثقافية أو تربوية تحتاج إلى برنامج علاجي متكامل. فلا تجدي المواجهات الكلامية أو الانتقادات المباشرة، بل لابد من إقامة البرامج التي تستثمر طاقات الشباب وتشعرهم بقيمتهم، وترفع من مستوى تقديرهم لذواتهم. إن رفع مستوى تقدير الذات لدى الشباب يجعله يتخلص من كثير من السلوكيات الخاطئة بصورة تلقائية، وهو ما ندعو له. لذا عليكم بالمبادرة إلى البرامج العلمية التي تستثمر طاقات الشباب وتشجعهم على الأعمال الخيرية، والانتقال بهم بعد ذلك إلى البرامج الثقافية الفكرية.
للتواصل مع المؤلف: maktb2009@hotmail.com