قال «عقلاء القطيف» قال!
من يقرأ صحفنا المحلية لا يشك بأن القطيف أصبحت مصحة نفسية، أو قل مستشفى مجانين!. فلا تكاد تخلو صحيفة سعودية واحدة من رأي هنا أو تعليق هناك يناشد «عقلاء القطيف» التدخل كلما وقع حادث أمني صغير او كبير. يراد لهؤلاء العقلاء اذاً ان يتحولوا إلى طفايات حريق كلما اشتعلت نار بفعل فاعل، فواجبهم الاول والاخير هو أن يهبوا جميعا لإخمادها، وإلا فليتجهزوا لحفلات الشواء والتأنيب والتوبيخ على صفحات صحفنا المحلية، الحرة جدا، وغير الموجهة أصلا!
الغريب في الأمر أن أحدا من هؤلاء الردّاحين في صحفنا المحلية لم يسأل نفسه يوما؛ عما حصد عقلاء القطيف من ممارسة دور الاطفائي المراد لهم القيام به طوال الوقت. سآتيكم بعد قليل بالجواب المسكوت عنه طويلا، والذي يأبى اعلامنا التطرق اليه من قريب أو بعيد.
ثمة ثلاث قصص مؤلمة لثلاثة من أبرز رموز المنطقة «العقلاء طبعا» الذين تكشف تجاربهم بما لا يدع مجالا للشك، جانبا من حجم المعاناة الطويلة التي وقعوا تحتها، دون أن يجدوا حمدا ولا شكورا!
أول الشخصيات المرموقة هو القاضي الراحل الشيخ عبد الحميد الخطي، قاضي المحكمة الجعفرية بالقطيف في الفترة بين عامي 1974 الى حين وفاته في عام 2000. هذا الرجل لعب ابان فترة ادارته المحكمة دورا محوريا ضمن احدى اشد الفترات اضطرابا في المنطقة، فهل تعرفون كيف جرى التعامل معه من قبل المعنيين بالأمر، سأذكر شيئا واحدا فقط، وعليكم الباقي. لقد توفي هذا الشيخ الجليل رحمه الله وقد حفيت قدماه وهو يطرق هذا الباب وذاك، من أجل الحصول على رخصة لإعادة بناء المسجد المتهالك الذي يؤم الجماعة فيه، وقد فارق الحياة وفي حلقه غصة لعدم حصوله على تلك الرخصة العتيدة!.
الشخصية الثانية، هو السيد علي الناصر، وهو رجل دين جليل معاصر، وشخصية مرموقة لها حضورها واحترامها الواسع في الدمام والأحساء والقطيف، كما يعد هذا الرجل احدى القنوات السالكة وصاحب كلمة مسموعة لدى اصحاب القرار في المنطقة الشرقية على الأقل، ومع ذلك يضطر هذا الرجل بشيبته البيضاء لأن يطرق ألف باب وباب، لغرض استجداء رفع الحظر والإغلاق التعسفي المفروض على مصليات مقامة داخل منازل خاصة في مدينة الخبر، يجتمع فيها بعض المؤمنين لأداء الصلاة، وأحد أئمة هذه المصليات هو نجل السيد الناصر نفسه، ومع ذلك لا يستجاب له!
أما الشخصية الأخيرة فهو، الشيخ حسن الصفار، وهو داعية سلام وتعايش أشهر من نار على علم، هذه الشخصية الاستثنائية العابرة لحدود الطوائف والأديان والمذاهب ومع كل مبادراته وطروحاته الاسلامية والوطنية الوحدوية على مدار العشرين سنة الأخيرة، إلا انه ظل ولسنوات طويلة عرضة للتحقيق والملاحقة على كل كلمة ينبس بها في محاضرة أو تجمع او لقاء صحفي، هذا بخلاف ما يتعرض له من معاملة «خاصة» في المنافذ الحدودية عند الدخول والخروج!
فإذا كان هذا نوع التعامل الذي يقابل به العقلاء، فماذا تركتم «للمجانين»؟. وهل بقي بعد هذا من معنى للسؤال عن عقلاء القطيف أصلا؟ قال «عقلاء القطيف» قال!