قراءة في كتيب في التنمية الأسرية
المؤلف: الشيخ حسن موسى الصفار
الطبعة: الأولى سنة 2012
الناشر: أطياف للنشر والتوزيع - القطيف، المملكة العربية السعودية.
يحتوي الكتيب على مقدمة وستة فصول يحاول فيها المؤلف مناقشة المشاكل التي ابتلى بها مجتمعنا في الوقت الراهن، ويستعرض الحلول التي يمكنها المساعدة في تذليل عقباتها..
لا احد يستطيع الإنكار، أن أسرنا في عصرنا الحاضر تواجه الكثير من التحديات، التي تهدد كيانها بالاضطراب والاهتزاز، وتسلبها بعض مقومات دورها، وعناصر القوة في وجودها. لذا انبرى الشيخ المؤلف إلى إصدار بعض المقالات، وفي أوقات متباعدة، تعني بشأن التنمية الأسرية، وتناقش بعض قضاياها، وأحب جمعها وتقديمها في هذا الكتيب، مساهمة منه على صعيد نشر الوعي والثقافة الأسرية.
وأن الحضارة المادية تعمل على تحويل الإنسان إلى شيء من الأشياء، تحكمه معادلة المصالح والمكاسب، ويدور في طاحونة الأنانية والذاتية، غايته اللذة وهدفه إشباع الشهوة، وتحقيق المصلحة العاجلة، أما القيم والمثل والمبادئ والأخلاق فهي من الأساطير والخرافات والأوهام.
لذا وفي باب «العائلة وتحديات العصر» طرح الشيخ المؤلف أن الوضع يستدعى وضع خططا شاملة تتضمن محاور عديدة من أبرزها: «1» تيسير مشروع الزواج وبناء الأسرة. «2» مساعدة ودعم الأسر في مواجهة الضغوط الاقتصادية. «3» إنشاء المؤسسات لمعالجة المشاكل الأسرية. «4» بث الوعي والثقافة الإنسانية والاجتماعية. «5» إثارة سير الأولياء الصالحين في بعد حياتهم العائلية.
هناك مواقف يعتبرها المجتمع مشاكل، وتسبب تأخر زواج البنات، وهي أما تكون راجعة لتقدير الله وابتلائه للمؤمنين واختباره لهم، وأما لشروط يضعها الأهل أمام من يتقدم للخطبة. فبدل من الصبر والدعاء في حالة الابتلاء، والتخفيف من الشروط والتسهيل في متطلبات الزواج، يدفعون عزيزتهم دفعا للقبول بمن ليس لها كفأ، أو الغير مرضي الدين، كل ذلك لمجرد التخلص من عارها أمام الناس.
يقول الشيخ حفظه الله في هذا المقام، أن بعض الآباء قد يسيء استخدام حق الولاية، فيعترض على اختيار ابنته دون مبرر ويمنعها من الزواج، مع أن المتقدم كفؤ صالح، مما يسبب تأخير زواجها لفترة طويلة.
وما من شاب أو شابة إلا ولديهما الرغبة في الاقتران بشريك الحياة، وبناء بيت الزوجية وإنجاب الأبناء. ولكن ما أن تذكر تلك المبالغ التي يتوجب دفعها، بالإضافة إلى تجهيز بيت أو شقة من كل ملتزماتها من ألاف إلى الياء. والمصاريف التي ترافق حفلتي الخطوبة والزواج، والتي يجب أن تتوافق مع آخر صرعات الموضة، وتلبي مختلف الأذواق. عندها يتوقف الشاب عدة مرات قبل الأقدام على هكذا مشروع.
لكن المؤلف الشيخ الصفار ذكر أن الخطاب في الآية الكريمة «وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله والله واسع عليم» موجه للمجتمع بأن يزوج العزاب، ولم يخاطب العزاب بأن يتزوجوا. والسؤال هنا كيف يزوج المجتمع العزاب؟ ذكر هنا الشيخ المؤلف عدة مصادر يمكن عن طريقها سد القصور في هذه الثغرة. احدها هو الحقوق الشرعية، والذي يشمل الزكوات والخمس. حيث يمكن دفع الزكاة للفقراء المحتاجين للزواج وليس لديهم ما يكفيهم. كما أن في الخمس يمكن استعمال النصف الخاص بالسادة الهاشميين في تزويجهم، كذلك أن السهم الخاص بالأمام ، يمكن صرفه في تزويج كافة المحتاجين للزواج بعد استئذان المرجع الديني.
ولقد تغيرت أحوال الدنيا، وتبعا لها تغيرت عادات مجتمعنا. وتغيرت الأوضاع الداخلية للبيت الواحد، فلم يعد البيت العود، يحوي جميع الأخوة، وكذا الوالدان. فأصبح كل منهم في بيت خاص، يتوجب عليه وحده العناية به، فأصبح الرجل وجها لوجه مع زوجته. وأصبحت الزوجة لم تعد تستطيع القيام بأعباء البيت وحدها، بالإضافة إلى الاهتمام بالأبناء والزوج. وطبقا لهذا الأمر لم يعد بمقدور الزوج، عدم اخذ حق الزوجة بعين الاعتبار، ليتمكن من تكوين جو صحي داخل عائلة سليمة. وهذا لا يعني أن الزوجة، ليس عليها حق مراعاة حق زوجها.
وهنا قال الشيخ الكريم، إن النصوص الدينية تتوجه للرجل وتخاطبه، باعتباره ربا للأسرة وقائدا لهذه المؤسسة العائلية، بأن يتحمل الأسائة التي تصدر من زوجته، كما وتؤكد النصوص الدينية أن من حق الزوجة على زوجها أن يغفر لها جهلها وخطأها.
كما ونعلم أن أكثر أبناء مجتمعنا ليسوا تجارا، يعتمدون على أنفسهم، ولكن عمالا وموظفين. وتبعا لذلك قد نجد منهم من يقوم بأعمال وواجبات، لا تتلائم مع مواهبه وميوله، أو تتنافى مع تخصصه ودراسته. وهذا مما يؤثر على نفسيات البعض، ويظهر ما كان قد خفي من سوء أخلاقهم. ولكن ذلك لا يظهر جليا إلا عندما يعودون إلى بيوتهم، ومخدع راحتهم. حيث تكون الزوجة منشغلة بين أعداد البيت وتجهيز الأكل، والاهتمام بشؤون الصغار. ويكون الأولاد قد عادوا من مدارسهم، وهم مشغولون بين إسكات جوعهم، وبين مقاومة ما يجتاحهم من طاقات. فيظهر على شكل زعيق ومشاحنات، مما يؤثر على الأب ويخرجه عن طوره ويجعله يقوم بأعمال منافية للعقل والأخلاق.
وفي مقال «العنف الأسري» قال الشيخ الكريم، أن سوء الخلق من أسباب العنف ضمن الأسرة، وإذا شعر الإنسان أنه في موضع القوة وكان سيء الأخلاق، فإن ذلك يدفعه لممارسة العدوان على الآخرين، خصوصا إذا علم أن الطرف الآخر لا سبيل له للانتقام. كما أن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية تجتمع في نفس الإنسان، فيفتش عن متنفس لكبته الذي يعيشه، فيلجأ لظلم عائلته أو من هم دونه. كما أن الثقافة الخاطئة تدعو الإنسان إلى الشعور بأن له الصلاحية الكاملة والمطلقة في التصرف تجاه عائلته، وكأنه لا حساب ولا عقاب.
كما وتجد في مجتمعنا الكثير من بنات العائلات الشريفات، وقد انهين دراستهن ولم يجدن عملا، فبقين في بيوت أهلهن دون زواج. وقد يضطر بعض الأهالي إلى تزويج بناتهن بمن هو اكبر منهن سنا، لان لا يبقين عوانس. وهذا لان بعض من الشباب يبحث عن من لديها عمل في مجال معين، ليضمن دخلها العالي فتساعده به على مصاعب الحياة، متناسين أن الرزاق هو الله.
وهذا ما علق عليه شيخنا المؤلف في مقاله «العنوسة ومسؤولية المجتمع»، حيث بين ماذا ينتج عن وجود حالة العنوسة عند الفتيات، أو تأخر الزواج عند الشباب في المجتمع. فقال أولها: المعاناة النفسية التي تحصل للشاب أو الشابة حينما يتأخر زواجهما أو زواج أحدهما. ثانيهما: ما قد يسبب هذا الأمر من وجود بعض المفاسد والجرائم. ثالثهما: وجود حالة العنوسة وتأخر الزواج في المجتمع.
وعلى الغلاف الأخير جاء ما يلي: إن تعزيز كيان الأسرة وحمايته من التصدعات، ودعم استقرار العائلة وتوفير الأجواء الصالحة في ظلها، يمثلها برنامج وقاية للأمن الاجتماعي ودرءا للكثير من الأخطار والمفاسد. ولا يتحقق ذلك إلا بإطلاق حملات من التوعية والتثقيف، لتأكيد مكانة العائلة، والتأهيل لتأسيس بنائها وأدرتها بالشكل الصحيح، ولطرح الحلول والمعالجات لما قد يواجه الأسرة من مشاكل وصعوبات.