قانون يجرم التمييز
لم تكن المرة الأولى التي يطالب فيها الشيخ حسن الصفار بسن قانون يجرم التمييز. ويمكن لأي متابع التقاط ورصد ما يرد في خطاب الشيخ الصفار بخصوص رفضه للتمييز بكل سهولة، فخطابه وكتابته التثقيفية وإن لم يذكر لفظ التمييز هي تصب في رفع حالة الكراهية، واستبدالها بالحب والالفة. وهذا واضح للمتصفح لأيٍ من الاجزاء العشرة لموسوعة "احاديث في الدين والثقافة والاجتماع" مثلا.
وحسنا فعل سماحته اذ تحدث عن وجوب فرض قانون يجرم التمييز في خطبة الجمعة «9/3/2012م». فالطائفية بدأت بإخراج رأسها، والكتب الصفراء نفض عنه الغبار لتبث بين الناس، واللغة السوقية الهابطة بدأت تهطل من على منابر الجمعة، وفي اروقة المنتديات. وهذا وضع خطير يأخذ بالوطن بل بالأمة الى منحدر قاتل.
لم يقل الشيخ الصفار في خطبته الجمعة أن التمييز الطائفي خطر. بل قال كل تمييز على اساس العرق او القبيلة خطر، فدعواه كانت لإصدار "تشريع يجرم الحض على الكراهية والنيل من بعض القبائل والمناطق والفئات والمذاهب في السعودية". وهذا ما يجب الحذر منه في هذا التوقيت.
نحن في هذا الوطن نحتاج اليوم الى قانون يحمينا من انفسنا. فالخارج يتربص بنا ونحن بجهلنا نعطيه المبرر لذلك، وما يجري من اجرام في حق بعضنا هو اخطر مما سيلحق بنا من فتك الاعداء الخارجيين، فكيف يقبل ابن وطن ان يتهم شريكه في الوطن، ويقصيه لأنه اختلف معه في مذهب او قبيلة او منطقة. اليس الوطن يجمعنا وله ننسب؟
إن ما يجري من لغة طائفية تخلط بين الديني والسياسي هي لغة مرفوضة. وهي من رواسب الجاهلية ودعواها النتنة، وإن بروزها في مجتمع شعاره الكتاب والسنة مما يستغرب منه. "فما فائدة الادعاء بالتمسك بالكتاب والسنة اذا لم ينعكس أثرها على أخلاقنا وإعلامنا وخطب الجمعة في مساجدنا؟ " كما يقول سماحته.
إن كلمات الشيخ الصفار جاءت ناصحة ومحاسبة في الوقت ذاته. فـ "إذا كان المروجون لخطب الكراهية لا يردعهم رادع ذاتي فينبغي أن يكون في البلاد قانون يجرم اثارة الكراهية حفاظا على وحدة الوطن". وأشار في السياق ذاته إلى "الحديث السوقي والسب والشتم والاتهامات والسخرية والتنابز بالالقاب" بحق المواطنين الشيعة التي اطلقها أحد الخطباء المتشددين مؤخرا من مسجد رسمي يخضع لوزارة الاوقاف والشئون الاسلامية. وانتقد موقف الوزارة لعدم اتخاذها أي اجراء بحق ذلك الخطيب، متسائلا "لماذا لا يحاسب ويعاقب هؤلاء". «المصدر: موقع الشيخ الصفار».
إننا بحاجة الى الاصغاء لصوت العقل. فالأمة اليوم تعيش حالة من القلق والفوضى، ولا يوصلها الى بر الأمان الا اتباع العقل، والابتعاد عن الاثارات، وما يفرضه العقل هو وجود الاحترام المتبادل، أو فرض قانون يقوي السلم الاجتماعي ويدعمه.