قبسات من سيرة الإمام الرضا (ع)
نعيش ذكرى استشهاد الامام الرضا ونقتبس ثلاث قبسات من هدي سيرته الطاهرة النقية، الأولى: سمو الأخلاق من سمو الذات، والثانية: الاستشارة نهج الصواب، والثالثة: الموقف السياسي للامام الرضا.
يقول علماء الأخلاق ان الانسان له صورة جسمية تبين شكله الخارجي من حيث القول والجمال، وهناك صورة أخرى داخل الانسان من خلال أخلاقه، فكما الأجسام تختلف في أشكالها كذلك النفوس تختلف في مستوياتها ويتبين من خلال ذلك مستويات الأخلاق.
جاء التأكيد في النصوص الدينية على أهمية الأخلاق وفي تحديد مكانة الانسان في الدرجة الأولى أن العبد ليبلغ عند الله رفيع الدرجات في الآخرة بحسن أخلاقه، من كلام لأمير المؤمنين (ربّ عزيز أذله خلقه وربّ ذليل أعزه خلقه).
والله يخاطب نبيه الكريم ﴿ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك﴾، فالأخلاق مسألة مهمة لذلك النبي يرى مهمته الاساس في رسالته (انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
والمحطة الثانية هي الاستشارة نهج الصواب، والامام ينقل عن أبيه الكاظم انه كان يشاور بعض خدمه فقيل له كيف تشاور الأسود فأجاب (ربما فتح الله تعالى على لسانه)، روي عن أحد الصحابة (ما رأيت أحدا أكثر استشارة لأصحابه من رسول الله).
ان المنهج السليم يوصل الانسان الى الصواب سواء على مستوى فردي أو أسري، والقرآن يتحدث عن فطام الطفل الصغير ويؤكد أنه لابد من التشاور في الموضوع (فَاِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ).
والمجتمع الناضج هو الذي يبتكر صيغا لاجتماع ذوي الرأي فيه، ومجتمعاتنا تمر بها الاخطار ليس لها أطر لتدرس الأمور وتقرر المواقف.
أما المحطة الأخيرة، فهي الموقف السياسي للامام الرضا، فما حصل في حياته حالة استثنائية، فالخليفة العباسي يطلب من الامام التنازل عن الحكم وطرح عليه وليا للعهد ورفض الامام، وتحت التهديد فرض على الامام قبول ولاية العهد، وبعث الى الامام رسولين وأبلغاه التهديد، فقبل الامام واشترط دون أن يتحمل مسؤولية فعلية اوأن يكون شريكا فعليا في الحكم، وبويع للامام لولاية العهد. وقد رأى الامام أن هناك امكانية للاستفادة واتاحة الفرصة لنشر مفاهيم الاسلام وتعاليم الدين واستفاد الامام من وجوده في جلسات الحوار والمناظرات مع زعماء اليهود والنصارى ومختلف الديانات والاتجاهات.