تقديم كتاب «أحاديث في الدين والثقافة والاجتماع» - المجلد التاسع
الحمد للّه والصّلاة والسّلام على سيدنا محمد رسول اللّه خاتم النبيّين، وعلى آله الطّاهرين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين.
وبعد
فقد أُهديت إليَّ ستّ مجلّدات من كتاب (أحاديث في الدّين والثقافة والاجتماع) من قبل مؤلّفها العالم الخبير والمصلح الكبير العلّامة الشيخ حسن موسى الصفّار أيّده اللّه تعالى في خدمة الدّين الحنيف، والإصلاح بين المسلمين، إضافة إلى مجلدٍ كبيرٍ غير مطبوع. فتلقيتها بيد التكريم مقروناً بالشكر الجميل وبكل إجلالٍ وتكريمٍ. فلاحظتها مجلّداً بعد مجلّد، وبحثاً بعد بحث، حتى وقفت على مجموعة كبيرة من المعارف الإسلامية، والمباحث العلمية المتنوعة قلّما نجدها مجموعة في كتاب، مما يحكي لنا ويُرشدنا إلى أنّ مؤلّفها شيخنا المعظّم له اهتمامٌ بالغٌ ليل ونهار، وفي جميع الأحوال بالعلم الدّيني ونشره، وبالثقافة الإسلامية الواسعة على مستوى الكتاب والسنّة، وفي شعاع المذاهب الإسلامية كلها. فوجدته بحراً متلاطماً يثمر دومًا وفي كل الأيام والآنات، ويُعطينا دُرراً ثمينة، ولئالي قيّمة، لا ينصرف عنها فترة، ولا يترك عمله راحةً.
وقد كنتُ أعرفه منذ سنين، ووقفتُ على آثاره ومقالاته وكتبه من ذي قبل. وبالوقوف على هذه الأبحاث الجديدة، والآثار الطّيّبة في هذه المجلّدات، فقد زادت معرفتي بهذه الشخصية الكبيرة التي يحتاج إليها الإسلام والمسلمون، لا سيما في هذا العصر المليء بالثقافات الغربية والشرقية مما قد يتصادم مع الثقافة الإسلامية العليا.
والحق يقال: إنّ العلماء وإن كانوا كثيرين، إلّا أن العالم العارف بما يحتاج إليه العصر الحاضر، والّذين هيّئوا أنفسهم للإجابة بما يتطلّبه الزمان قليلون. ومن جملة هؤلاء القلّة عالمنا المثقّف حضرة الشيخ الصفّار المُعظّم أدام اللّه أيّامه وكثّر اللّه أمثاله، وأعطاه كلّ خيرٍ يحبّ ويرضى.
وقد تضمّنت هذه المجلّدات ألواناً من المباحث والمواضيع من أبرزها:
أولاً: خُطب صلاة الجمعة بما فيها من الصنوف والفنون حسب المناسبات والأيّام والأحداث، فإنّ هذا العالم علاوة على مشاغله الدّينية والاجتماعيّة، فإنه يتصدى لمنصب إمام الجمعة في بلده، فيراعى ويلاحظ في خُطبته في كلّ جمعة ما مرّت عليه وعلى المجتمع الإسلامي في إسبوعه من الأحداث الإقليميّة والعالميّة ما يرى لِزاماً عليه الكلام حولها. فقسمٌ كبيرٌ من كلّ مجلّدٍ منها خُطبٌ قيّمةٌ متنوّعةٌ ومطوّلة.
ثانياً: مواضيع تقريبيّة بين المذاهب الإسلاميّة، وفي مواجهة الفتن الطائفية، ولا سيما بين السنّة والشيعة في الأقطار الإسلامية بل في خارج العالم الإسلامي، وهذه المواضيع أكثر أبحاثه كمًّا وكيفاً.
فلهذا العالم سعيٌ بليغٌ في سدّ أبواب الفتنة، وفي الدعوة إلى الوحدة والأُلفة بين أبناء الإسلام، ولا سيّما بين علماء المذاهب والمثقفين منهم الّذين هم دُعاة الأمّة، والناطقون باسمها على الصعيد العلميّ والاجتماعيّ، ولا سيّما فيما يرجع إلى الدّين، ومعارفه، وأحكامه، وإلى موضع المسلمين أمام غيرهم من الأمم والملل.
اللّهم أطل عمره، ووفّقه في المستقبل لأكثر مما وفّقته في الماضي، وآخر دعوانا أن الحمد للّه، وسلامٌ على المرسلين.
كتبه محمد واعظ زاده الخراساني في مشهد المقدسة
بلد الإمام الثامن علي بن موسى الرضا
في 7 جمادى الأولى 1431ﻫ