حسينية دار الزهراء أقامت مجلساً بذكرى أربعين سيد شباب أهل الجنة عليه السلام
الصفار: السيدة زينب شريكة الإمام الحسين في نهضته
أقامت حسينية دار الزهراء مجلسا بذكرى أربعين الإمام الحسين ، تحدث فيه سماحة الشيخ حسن الصفار عن موقف السيدة زينب - رضى الله عنها - في خطبتها في مجلس الطاغية تخاطبه قائلة: «فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فو الله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين».
وقال الصفار: اننا نعيش ذكرى أربعين سيد الشهداء حيث تمر «40 يوما» من شهادته العظيمة تلك الشهادة كان ظاهرها قتلاً وفجيعة وباطنها ظفراً وانتصاراً، فشهادة الحسين كانت فتحا كما قال الحسين حينما كتب رسالته لبني هاشم وهو في طريقه للعراق: ﴿من لحق بي منكم استشهد ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح﴾ يعتبر الشهادة هي الفتح وهذا ما أثبته التاريخ وقرره الواقع. صحيح أن الإمام الحسين قتل مع أولاده وأصحابه ماذا يقول التاريخ الآن أين قتلة الحسين عليهم اللعنة والدنيا اليوم تعج باسم أبي عبدالله الحسين وشهادته.
الإمام الحسين عليه السلام لم يكن قاصدا لتحقيق هدف مادي حتى يقاس النجاح بالمطامع والأهداف والمواقع المادية إنما ثار من أجل القيم والمبادئ وشهادته خلدت هذه القيم والمبادئ. هذه الثورة حينما يقرأ الإنسان كتبها يجد في تلك الصفحات حضوراً لشخصيتين شخصية الحسين وشخصية زينب عليهما السلام. زينب شريكة الحسين في نهضته لا يذكر موقف أو قضيـة إلا وتجـد حضــورا لزينب حقا أنها شريكة الحسين في نهضته والحسين وزينب اللذان صنعا الثورة وحضور السيدة زينب امتد لما بعد مقتل الحسين وتعاظم دورها واستلمت المهمة وقامت بكل المسؤولية بعد شهادة الحسين وفي ذلك إشارة عظيمة ومهمة إلى أن مسؤولية الدين مسؤولية الواقع الاجتماعي في الأمة مشتركة بين الرجل والمرأة. وإذا قرأنا الرسالات السماوية نجد للمرأة حضورا فنرى حواء بجانب آدم، امرأة فرعون بجانب موسى، مريم بنت عمران بجانب عيسى، وكانت خديجة إلى جانب نبينا محمد ، وقد ورد عنه قام الدين على أمرين «سيف علي ومال خديجة» وقوف خديجة موقفاً عظيماً يذكره رسول الله طوال حياته. كذلك نجد الزهراء سيدة نساء العالمين بجانب الحق العلوي ونرى دور زينب شريكة الحسين في نهضته دور المرأة في كل الحركات الإلهية يجب أن يكون مسارا ثابتا في المسيرة الانسانية مسؤولية الاصلاح والتغيير في الأمة والوقوف ضد الظلم والطغيان مسؤولية المرأة والرجل على حد سواء. النساء يتحملن المسؤولية كما تحملها الرجال أما التفكير في جعل المرأة في رتبة أقل من الرجل لا صحة له، وهو تفكير جاهلي فالتفاضل عند الله بالتقوى المرأة التقية خير من الرجل غير التقي. والعلم معيار آخر للتفاضل ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾ والمقياس الثالث هو العمل الصالح ﴿ولكل درجات مما عملوا﴾ فلكل إنسان درجته حسب عمله فالمرأة إذا كانت أكثر عملا صالحا من الرجل فلاشك أنها أفضل منه. النظرة الإسلامية تقوم الإنسان حسب علمه وتقواه وعمله الصالح، فالمرأة يجب أن يكون لها دور وحضور في كل المجالات في حياة الإنسان اجتماعياً، وتربوياً وسياسياً. وزينب كانت نموذجا على هذا الصعيد ولدت وعاشت في البيت العلوي وكنف الرعاية النبوية، والحسين كان معدا لذلك الدور العظيم كذلك زينب معدة لمشاركتها في هذا الدور. فكل ما مرت به زينب كان لاعدادها نفسيا واعداد شخصيتها للقيام بذلك الدور العظيم.
وجاءت مشاركة العقيلة زينب في كربلاء بمبادرتها واختيارها دورا مقصودا مختارا منها ، مصرة على أن تخرج مع الحسين وتقول: «نحيا بحياته ونموت بموته» الأدوار التي قامت بها زينب كلها بالمبادرة تخرج وتتصدى للمواقف كلها في المعركة، اختارها الحسين لتكون قائدة مسيرة الثورة من بعده، وكان دورها رعاية العائلة والتصدي للأمور الدينية وقد قال عنها زين العابدين «وأنت بحمد الله يا عمة عالمة غير معلمة، وفاهمة غير مفهمة».
وقد وقفت بجانب جسد أخيها قائلة «اللهم إن كان هذا يرضيك فخذ منا حتى ترضى، اللهم تقبل هذا القربان من آل محمد» موقف البطولة موقف التسامي عن الآلام. وحين أراد الطاغية أن يشمت بالحوراء من هذه الجالسة قائلاً كيف رأيت صنع الله بأخيك؟ فتجيبه بكل بطولة وشجاعة «والله ما رأيت إلا جميلا هؤلاء قوم كتب الله لهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم.... ثكلتك أمك يا ابن مرجانة» «الحمد لله الذي أكرمنا بالنبوة وأنعم علينا بالشهادة» وبعد كل المعاناة ألقت خطبة رائعة «أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك واماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد الى بلد، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدنيء والشريف، ليس معهن من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي، وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه اكباد الازكياء، ونبت لحمه من دماء الشهداء، وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر الينا بالشنف والشنأن، والاحن والأضغان. اللهم خذ لنا بحقنا، وانتقم ممن ظلمنا، واحلل غضبك بمن سفك دماءنا، وقتل حماتنا».