سماحة الشيخ الصفار في لقاء المبتعثات الأول بمنتدى النور الثقافي النسائي في مدينة صفوى
(لا شك أن الابتعاث حلم جميل طالما راود أبناءنا وبناتنا.. بل راودنا نحن أيضا آباء وأمهات...)
بهذه الكلمة افتتحت نائبة مديرة منتدى النور الثقافي النسائي كلمتها الترحيبية بسماحة الشيخ حسن الصفار في اللقاء الأول للمبتعثات الذي أقامه المنتدى مساء السبت الموافق 23 من شهر ربيع الأول لعام 1432 هـ.
وقد ألقى الشيخ كلمته التي ركز فيها على أهمية دور المرأة في المرحلة المقبلة التي تشهد تحولات كبيرة واصلاحات واسعة على مستوى العالم العربي بشكل خاص الأمر الذي سينعكس على مجتمعاتنا وستتحمل المرأة جانبا كبيرا منه، وهذا الدور يتطلب منها الاستعداد للمرحلة الجديدة.
وأكد سماحته أن على أبنائنا وبناتنا المبتعثين أن يتهيأوا لمستقبل أفضل.
وحول الهموم والتحديات التي تواجه المبتعثين والميتعثات بشكل خاص، أوضح الشيخ الصفار أن أبرز هذه التحديات تتلخص في:
1 ـ صدمة الانتقال إلى عالم جديد: فالطالب والطالبة اللذان كانا يعيشان ضمن أجواء محافظة، فجأة ينتقلان إلى عالم من الحريات واللا قيود قد يصاب المبتعث فيها بالصدمة والانبهار، بل قد تصل إلى الانهيار التام للقيم والتقاليد ، والعاقل هو من يستحضرعقله وتفكيره ليرى نقاط القوة فيستفيد منها وفي نفس الوقت عليه أن ينبذ نقاط الضعف ويتجنبها و يحولها إلى ما يصقل شخصيته ويستنهض حالة التحدي وقوة الارادة لديه.
وأشار سماحة الشيخ أن في الغرب درجة من المحافظة على القيم والقوانين الأخلاقية تفوق ما هو عندنا في الدول العربية كالتحرش الذي يعتبر هناك جريمة كبرى مهما انخفضت درجته، ومن كانت لديه القابلية على الانجراف في بلد الابتعاث فهو قابل للانجراف في وطنه والعكس صحيح بالنسبة للشاب والشابة ذوي الطبيعة المحافظة وهذا ما يجب أن نراهن عليه.
وأضاف سماحته أن نسبة الالتزام والانضباط عند بناتنا أكثر من الشباب بل وأكثر قوة في مواجهة تحدي الغربة والمغريات والظروف الصعبة وهذا عن تجربة حقيقية نقلتها الكثير من المبتعثات مما يدل على أصالة التربية في مجتمعاتنا.
وأوضح الشيخ حسن أن المرأة في مجتمعنا تتحرك من جانبها الأنثوي وتغفل الجانب الانساني في علاقتها مع الرجل، وهذا سببه الظروف والأجواء المجتمعية وبالأخص الفصل الكامل بين الجنسين. مما يشعر المرأة بالحاجة للاعتماد على الرجل والقلق الدائم في حال كونها لوحدها، بينما في المجتمعات التي لا يوجد فيها هذا الفصل بين الجنسين، فإن المرأة تتحرك من خلال انسانيتها وليس من خلال أنوثتها فهي أكثر قدرة في الاعتماد على نفسها.
2 ـ تحدي العلاقات الاجتماعية: وقد تحدث الشيخ تحت هذا العنوان عن مبادرات جيدة تقوم بها المبتعثات في مقر الابتعاث، ونتوقع منهن المزيد من الاهتمام ببنات المجتمع والتواصل معهن بالخير وعقد اللقاءات والجلسات وقيام الفاعليات والانشطة المختلفة كنوع من التواصل والحضور الاجتماعي مع بعضهن.
3 - تحدي الانفتاح على المجتمع الاجنبي: وأوصى فيه سماحة الشيخ الصفار إلى ضرورة عدم الانكفاء على الذات ومد جسور التعارف والعلاقات بالآخر في إطار المحافظة على القيم.
وقد توالت المداخلات على سماحته من بينها تساؤل إحداهن عن البرنامج المقترح الذي ينبغي أن نهيئ به المبتعثات والمبتعثين الجدد فأجاب الشيخ بأنه من الأفضل أن يتم تعريفهم بقوانين وأنظمة البلد التي سيغادر إليها، والقيم السائدة فيها، وأن يستمعوا الى تجارب اشخاص سبقوهم بالدراسة فيها، وحبذا لو يحصلوا على ورش عمل ودورات في هذا المجال وخصوصا في الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الجانب.
وعن كيفية التعامل مع الشاب الذي عاد إلى أهله بفكر جديد وثقافة جديدة ويحاول أن يفرضها على أهله ، رد الشيخ الصفار أن علينا أن نفسح المجال لهؤلاء الشباب ونتقبل أفكارهم الجديدة والغريبة علينا ما دامت لا تتعارض مع الدين لأنهم هم من سيقود شعلة التغيير في المستقبل.
وحول ما إذا كان الشيخ يؤيد استقرار الشاب بعد دراسته في بلاد الغربة أجاب سماحة الشيخ انه إذا كان الاستقرار دون هدف ولا رغبة في النمو والتطوير فلا أؤيد لكن إذا كانت رغبة الاستقرار مرتبطة بهدف النمو المعرفي أو العلمي أو الاقتصادي فما هو المانع في ذلك؟
وتساءلت إحدى الامهات عن الكيفية التي يمكن بواسطتها تعويد فتياتنا على استحضار الجانب الانساني عند تعاملها مع الرجل فأوضح سماحته بأن هذا الأمر خاضع للظروف والتقاليد الاجتماعية ومع ذلك فإن الفتاة يمكنها أن تفرض احترامها على من تتعامل معه ومنع الرجل من التمادي وتجاوز حدوده معها، ولهذا ينبغي لها أن تكون متنبهة جيدا لمن يحاول الاستغلال والظهور بمظهر خادع وقد رأينا نماذج مشرفة لنساء محترمات في مواقع الاختلاط توقف الرجل عند حده ولا تسمح له بأن يتمادى في سلوكه وحديثه معها.
وقد أوصى الشيخ الأمهات الحاضرات بضرورة التواصل مع ابنائهم المبتعثين والمبتعثات لكي نبقي حلقة الضبط القيمي والاخلاقي حاضرة في نفس الطالب والطالبة وهذا الأمر أصبح متوفرا الآن في عصر التكنولوجيا والاتصالات على تنوع أشكالها وصورها.
وفي نهاية المداخلات تقدمت إدارة المنتدى بالشكر لسماحة الشيخ حسن الصفار على تشريفه للمنتدى وقبوله الدعوة على الرغم من مشاغله الكثيرة وسلمت المديرة نسيمة السادة درعا تكريميا لسماحته وملفا تعريفيا بأهم انجازات المنتدى.
وقد أبدت الحاضرات ارتياحهن باللقاء، وأوضح بعضهن أن كلمة الشيخ أزاحت كما كبيرا من القلق عن نفوسهن.
يذكر أن المنتدى استضاف في بداية اللقاء مبتعثة ومبتعثا عن طريق برنامج المحادثة الصوتية سكاي بي skype في حوار مباشر عن أوضاعهما في بلد الابتعاث والصعوبات التي واجهت كلا منهما في بداية البعثة.