القاضي الغيث من القطيف يدعو إلى تحالف السنة والشيعة ضد التشدد
دعا القاضي بوزارة العدل السعودية الشيخ عيسى الغيث إلى ما وصفه بتحالف بين الوسطيين السنة والشيعة وجعل الخلاف المذهبي "اختلاف تعاون لا تضاد" مرجعا الخلاف المذهبي التاريخي إلى مطامع دنيوية تتلبس الدين.
جاء ذلك ضمن أمسية حوارية عقدت مؤخرا في ضيافة الشيخ حسن الصفار في القطيف حضرها حشد كبير من الشخصيات العامة والناشطين ورجال الدين والمثقفين والإعلاميين السنة والشيعة من القطيف والدمام.
وفي معرض ترحيبه بالشيخ الغيث شدد الشيخ الصفار على الحاجة إلى التواصل والتزاور في ظل الظروف الحاضرة التي تعيشها أمتنا وأوطاننا، وحيث نرى تكالب الأعداء، وسعيهم الدائب لتفتيت وتمزيق أوصال أمتنا العربية الإسلامية.
وعلل الحاجة للتزاور بالرغبة "في التعرف على بعضنا بعضاً عن قرب، وليس من خلال الإشاعات والتعبئة المضادة، ومن خلال النقولات غير الموثقة".
وأعرب الصفار عن اعتقاده بأن غالب المشاكل ليست عائدة للخلاف الفكري أو العقدي "فهو أمر مألوف وقديم في تاريخ الأمة" وإنما بسبب الحواجز النفسية التي سرعان ما تتكسر عبر التواصل المباشر.
وتابع بأن التنوع الديني أمر قائم في المجتمعات ولا ينبغي أن يكون سبباً للعداء أو سبباً للتحريض على الكراهية.
وقال الصفار في كلمته الترحيبية "لسنا معنيين كثيرا بالجدل العقدي والمذهبي، فقد صرفت أمتنا فيه جهوداً كبيرة طوال أربعة عشر قرناً من الزمن.. فإلى متى نبقى في هذا الجدل".
وشدد على الحاجة إلى توثيق عرى الصلة والتلاحم بين السنة والشيعة في المملكة "لخدمة واقعنا واصلاح أمورنا ومواجه التحديات الخطيرة" مضيفا بأنه لا بديل عن التلاقي والتواصل بالرغم من المشاكل والنكسات واعتراض هذا الطرف أو ذاك.
وقال بأن العقلاء يرون أن هذا هو الخيار السليم، والطريق المناسب، ولا بد أن نسلكه ونسير فيه، بغض النظر عن النتائج، لأن التواصل يعتبر قيمة إسلامية وحضارية بحد ذاته، وليس مجرد وسيلة للوصول إلى هدف وفقا للشيخ الصفار.
من جهته أعرب الشيخ الغيث عن توافقه التام مع ما ذكره الشيخ الصفار وقال "أنا معه ليس مائة بالمائة بل مائتين بالمائة".
وأضاف بأن "كل ما حصل في التاريخ الإسلامي والجغرافية الإسلامية ليس بسبب الدين، وان استغل الدين لهذا السبب، هي مطامع دنيوية، وأسباب دنيوية تلبس ملابس الدين".
وفي معرض تعليقه على الاثارات الطائفية التي تؤجج الخلاف بين السنة والشيعة قال الغيث بأن "هذه الإثارات هي من أحد شخصين، إما شخص ليس من هذه الطائفة أو الأخرى يريد إثارة الفتنة، أو شخص سفيه أو مراهق، بغض النظر عن عمره أو مرتبته العلمية".
وأضاف بأن التطرف موجود في كل زمان ومكان وفي كل طائفة ومذهب فقد تختلف مع الواحد فقهيا في مسالة جزئية فيقلبها من اختلاف فقهي إلى مفاصلة عقدية ثم إلى تكفير ثم إلى استتابة.. وقد تصل الى القتل.
ورأى بأن لا تعطي الفرصة للمتطرفين بالتحدث عنهم مفضلا أن يتركوا وأن يرد على باطلهم دون ذكر أسمائهم.
ومضى يقول بأن أهل السنة ليسوا شيئاً واحداً، كما هو الشيعة.. وعلى هذا الأساس في كل تيار وكل مذهب هناك تشدد، داعيا إلى تحمل المسئولية والمبادرة بأنفسنا في النقد الذاتي الحكيم المتوازن.
وتابع القول انه إلى عقود قليلة كانت الخلافات بين المذاهب الفقهية حتى عند أهل السنة اشد مما هو موجود الآن بين السنة والشيعة، كان لا يتزوج الحنبلي الشافعية ولا العكس وأربع جماعات في المسجد الحرام.
وقال بأن المتشددين يعتبرون أقلية حتى ضمن التيار السلفي نفسه.. هناك المشاكسون الغوغائيون هم الذين يثيرون هذه الأمور، ويحسبون أنفسهم يتقربون إلى الله بمثل هذه المسائل.
ودعا في هذا السياق إلى قيام ما وصفه بتحالف بين الوسطيين في جميع الفئات والبلدان مضيفا "على المعتدلين المتسامحين ألا يقبلوا للمتطرفين أن يثيروا البلابل في ما بينهم هؤلاء الأقلية سوف لن يكون لهم صوت".
وشهدت الأمسية التي حضرها حشد واسع من الشخصيات والناشطين ورجال الدين والمثقفين والاعلاميين مداخلات عديدة كان من بينها مداخلة للدكتور توفيق السيف والشيخ فيصل العوامي والشيخ عبدالله اليوسف.
وضمن مقالة له في صحيفة المدينة يوم الجمعة تسائل الشيخ الغيث "لماذا لا يكون هناك المزيد من التعايش والتقارب مع إخوتنا من الشيعة وغيرهم من المذاهب العقدية أو الفقهية أو الفكرية؟!، وقد عشنا قرونًا ماضية متوادّين متحابّين قبل أن تفرقنا التيارات الفكرية المتطرفة في الجانبين".
وقال في مقالته التي جائت بعنوان (الأخوة الوطنية.. السنّة والشيعة نموذجًا) "أثبت الشيعة السعوديون في تاريخهم محبتهم لوطنهم، وولاءهم وإخلاصهم له، وإذا وجدت تصرفات شاذّة فهي تطرفات فردية لا يسوغ تحميل الجميع مسؤوليتها، فنحن السنّة قد خرج من أبنائنا من استحل دماءنا".
وكرر في مقالته الدعوة إلى أن يقف الوسطيون صفًّا واحدًا ضد التطرف في جميع الجهات واندماج جميع الفئات في وحدة وطنية.