الإمام الحسين (ع) في وجدان الأمة: خطاب إصلاحي فريد
من يتابع نتاجات الشيخ حسن الصفار خلال عاشوراء مع مطلع كل سنة هجرية، سوف يجد الكثير من محددات منهج الاستفادة من الموسم العاشورائي، حيث يتجدد الوعي الإسلامي في بناء ثقافة الإصلاح بين المسلمين...
لقد طالعت العديد من الكتابات واستمعت للكثير من المحاضرات، لسماحة الشيخ حسن الصفار بخصوص ذكرى عاشوراء، منذ أكثر من عقد من الزمن، فوجدته واحدا من الكبار في الفكر الإسلامي وإثارة دفائن العقول بأبعاد القضية الحسينية، حيث منح بأفكاره وتأملاته في سيرة الإمام الحسين عليه السلام قراءات متجددة وملهمة للمجتمع الإسلامي لإنتفاضة جديدة نحو الإستفادة من عاشوراء الحسين، وفي هذه السطور سأطوف بعجالة على مضمون أحد أهم كتب سماحة الشيخ حسن الصفار أقصد: "الحسين في وجدان الأمة".
بالمحور الأول،الطاقة العاشورائية المتجددة والخطاب الإسلامي الأصيل، تؤكد كلها على أهمية التذكير بأيام الله، من هذا المطلب ينطلق سماحة الشيخ ليناقش معنى اليوم (علميا وعرفا)، ثم يتقدم في سياق منهجي دقيق ليجعلنا نكتشف أيام الله التي تتحدث عنها آية المقدمة:﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ [سورة إبراهيم/5]. حيث أورد فقرة طويلة تناقش اختلاف المفسرين حول المقصود بأيام الله في الآية الكريمة؟ لينتهي بنا إلى وعي رصين بما توجه إليه هذه الآية الكريمة، من أهمية التذكير بأيام الله... ثم كعادته التثقيفية الرائعة، يشير سماحة الشيخ الصفار إلى أن القرآن لم يأمر بوصفة معينة يتحقق بها التذكير، مما ولد تضاربا بين قبول برامج التذكير بأيام الله ومنع أخرى...
أما في المحور الثاني يناقش سماحة الشيخ التذكير بأيام الله من خلال نموذج عاشوراء، فيؤصل مصطلح عاشوراء ويفضح التعتيم على واقعة عاشوراء بالتاريخ الإسلامي، ومحاولات التمويه لهذه الواقعة، ثم يثير التفكير بموقعية عاشوراء في ضمير المسلمين، لينتهي بالفصل الثاني إلى تسليط الضوء على التعامل مع عاشوراء،لدى مدرسة تسطيح قراءة شهادة الإمام الحسين ومدرسة تعميق الدراسة للنهضة الحسينية، وبالنهاية يعرج سماحة الشيخ الصفار على أجواء الفتنة الطائفية براهن الأمة الإسلامية، ليستوحي الدواء لأمراض الطائفية في واقعنا من خلال تبيان الدروس المستفادة والمستوحاة من واقعة عاشوراء لتفعيل قيم الإصلاح والوحدة والتعاون والعدل، حيث يتجلى الدرس الأول بمسألة الالتزام بالدين في كل أبعاده وتفاصيله وقيمه ومبادئه، وذلك ما يدفع نحو تحمل المسؤولية الاجتماعية وبالتالي مراعاة حقوق الناس، وهي عناوين مهمة ومعمقة لثقافة الإصلاح من خلال الإستمرار في دراسة شخصية الإمام الحسين في عمق الوجدان الإسلامي وبناء الذات الرسالية الفاعلة في مشوار تشييد الحضارة الإسلامية العادلة عبر الزمن الإسلامي كله...
بالمختصر المفيد: هذا الكتيب الصغير بالحجم، الكبير بالمحتوى والثقافة الجيدة في منهج البحث والتجديد والتطوير للتعامل مع مقتضيات وجدان الأمة، وعلى مستوى البحث العلمي الإسلامي تمثل الأفكار والمبادئ السابحة في وريقات هذا الكتيب لعالم الدين المفكر الإسلامي الشيخ حسن الصفار "الحسين في وجدان الأمة"، منتجات دوائية للصداع الطائفي المكتسح للعقل المسلم في الواقع الإسلامي المعاصر...
هذا الإصدار الذي هو في الأصل محاضرتي الحادي والعاشر من شهر محرم الحرام سنة 1428هـ، ميزته الأساسية أن بالعادة ينظر للإبداع الإنساني الفكري أو الثقافي بعد سنين ثم يتم استبداله بمنتجات جديدة، لكن المتصفح لهذا الكتيب يجده عصيا على التقادم لان موضوعه مرتبط بالحسين عليه السلام نهر متدفق من العطاء ترتوي منه كل الأجيال،كما عبر بالمقدمة سماحة الشيخ الصفار حفظه الله ورعاه...
غالبا ما تكون أسئلة الوعي صعبة، لكن في رحاب الإمام الحسين تتيسر أمور الاستيعاب بقدر ما استقبل وجداننا الحسين بكل حب وولاء وصفاء وتواضع، وأستاذنا المؤمن الفاضل سماحة الشيخ أبو زكي حفظه الله ورعاه أدى الوظيفة الإصلاحية بخطابه الجامع المانع والباعث للوعي بالواجب الحركي في التعامل مع عاشوراء الرسالة... عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب أبي عبد الله الحسين وجعلنا الله من المخلصين للخط الحسيني الأصيل، متمنيا لكم مطالعة ممتعة... والله من وراء القصد.
«لقراءة الكتاب اضغط هنا»