أحدهما ذهب مقربًا والآخر وجه طلبًا للأزهر
البريك والغامدي يثيران جدلاً محليًّا واقليميًّا برؤى مذهبية
أيام قليلة تفصل بين زيارة جريئة قام بها رجل الدين السعودي سعد البريك إلى منزل الداعية الشيعي حسن الصفار، مؤكدًا أهمية الحوار بين الجميع والتقريب بين المختلفين، وبين دعوة مفتوحة وجهها الاستاذ الجامعي أحمد الغامدي إلى الأزهر يطالب فيها بسحب الاعتراف الأزهري بالمذهب الاثناعشري، وهما الخطوتان اللتان اثارتا الجدل بين مؤيد ومعارض هناك وهناك من الفريقين.
الرياض: جاءت زيارة سعد البريك إلى منزل حسن الصفار في مدينة القطيف شرق السعودية مليئة بأمواج متتابعة لأغلب المتابعين من متشددي الطرفين، إذ إنّه في الوقت الذي تردّدت فيه أنباء عن فشل المحاضرة بسبب قلة الحضور مقاطعةً للبريك , اضطر الأخير لتوضيح موقفه أمام المتشددين من فريقه بحوار صحافي قال فيه الكثير عن الزيارة ومؤكدًا على هدف متفق عليه أصلاً.
الزيارة التي حمل لواءها مذيع إحدى البرامج الحوارية عبدالعزيز قاسم على القناة الدينية "دليل" التي تعود ملكيتها للداعية الإسلامي سلمان العودة, وذلك في أعقاب استضافة قاسم للصفار والبريك في إحدى حلقات البرنامج الذي عرف عن مذيعه محاولاته العديدة للتقريب في المفهوم العام للتخاطب والتعايش بين الفريقين داخل السعودية, وتولدت بعد ذلك فكرة دعوة البريك لإلقاء محاضرة عن (آل البيت) في مدينة الشيعة الأولى بالسعودية. اللقاء المقام بمدينة القطيف لم يكن معتادًا عليه في الأوساط العامة غير الرسمية إلا في السنوات الأخيرة وعلى فترات متقطعة.
وقال الصفار لدى زيارة البريك "مهما تخللها من إثارات أو نقاشات ساخنة، لكنها تدشين لمرحلة جديدة، ينفتح الناس فيها بعضهم على بعض، يتحاورون ويتناقشون، تتعرف كل جهة إلى الأخرى، في البداية تحصل هذه الإثارة وهذا اللغط الذي نجده يصحب كل لقاء من اللقاءات، ولكنني اعتقد أنها مرحلة سنتجاوزها إن شاء الله، بالاستمرار وترشيد أساليب الحوار بين أبناء الوطن" ولم يخف البريك أن هنالك أمورًا غيبت مابين السنة والشيعة حتى أصبح أصحاب المذاهب يكرهون بعضهم بعضها وقال "المشكلة ذلك الدس الكثيف الذي افسد قلوب الشيعة على السنة، وقلوب السنة على الشيعة، وأقولها بكل صراحة إن اختراقًا أعجميًا على خط واقع الشيعة العرب مع إخوانهم السنة، يعود إليه سبب كبير في دفع هذا الاحتقان إلى مواجهة، رأينا بعض نتائجها في بعض المواقع، ونعوذ بالله أن نجد مثله هنا في بلادنا، ومن بيننا ومع إخواننا الذين عشنا معهم تاريخًا، وأدركنا وصية أجدادنا لهم، ووصية أجدادهم لنا، يوم أن كانوا جيرانًا وأحبة تجمعهم كافة أواصر المحبة والمودة." الا أن تلك الكلمات الوحدوية الوطنية لم تدركها الفئات العامة والتي رأت أن الآخر يضمر شرًّا له.
وعلى الصعيد نفسه، رفض شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب دعوة الأكاديمي بقسم العقيدة بجامعة أم القرى السعودية الدكتور أحمد الغامدي بإلغاء اعتراف الأزهر بالمذهب "الإثنا عشري" وقال شيخ الأزهر الطيب" بأن السنة والشيعة هما جناحا الأمة الإسلامية" وأضاف ردًّا على الدكتور الغامدي " التقريب بين المذاهب الإسلامية احد أهم اهتمامات الأزهر الشريف خلال الفترة المقبلة مشيرا إلى أن الاختلاف بين السنة والشيعة في الفروع فقط وليست في الأسس والثوابت التي يقوم عليها الدين الإسلامي ", وأضاف "أن الأزهر لا يفرق بين سني وشيعي طالما أن الجميع يقر بالشهادتين فذلك يأتي ضمن منهج الأزهر الشريف في نشر مفاهيم الاعتدال الفكري والعقائدي."وكان الدكتور الغامدي أستاذ للدراسات العليا بقسم العقيدة بجامعة أم القري، طالب في بيان له عنونه بـ"رسالة نداء إلى علماء الأزهر" بإلغاء الاعتراف بالمذهب الاثني عشري "إن الشيعة الاثني عشرية استحدثوا 12 مصدرًا بجوار القرآن الكريم والسنة النبوية تؤخذ منها العقيدة والشريعة وبما يناقض الدين الإسلامي، واستغرب الأكاديمي الغامدي محاولات الأزهر إعادة الفقه الشيعي إلى مصر ومنحه الشرعية تحت مسمي دار التقريب بين المذاهب الإسلامية وقال الغامدي أن المذهب "الأثني عشري" لا تتوافر فيه شروط المذاهب الإسلامية كما أنه جعل قول بعض أتباع الرسول محمد من أهل بيت النبي محمد مثل قوله وجعل فعلهم غير قابل للخطأ".
ورأى الغامدي أن الحل يقضي بأن يطلب الأزهر من أعلى مرجع شيعي في الدين الشيعي - إذا كان يريد أن يكون الدين الشيعي مذهبًا كبقية المذاهب الإسلامية - أن يصدر بيانًا يعترف فيه بأن المذهب الشيعي "الاثني عشري" مذهب كبقية المذاهب الإسلامية لا يؤمن بمصدر للدين الشيعي غير المصدرَيْن (القرآن والسنة)، وأن أقوال الأئمة التي اعتمد عليها المذهب وسموها باسم "مذهب آل البيت" ليست مثل قول النبي محمد ولا ترقى إليه، وأن الأقوال الصادرة منهم أقوال قابلة للخطأ والصواب كغيرهم من علماء الأمة المجتهدين".