حل ضيفا على صالون مركز ساس الوطني بالمدينة المنورة
الصفار يؤكد أهمية الالتفاف حول مشروع التنمية ونشر ثقافة التسامح
أكد الشيخ حسن الصفار أن هناك ثلاثة أمور أساسية ترتقي باهتمامات الرأي العام في المجتمع وهي: ترسيخ مفهوم المواطنة، والالتفاف حول مشروع البناء والتنمية، ونشر ثقافة التسامح. وأضاف الصفار الذي كان ضيف صالون مركز ساس الوطني لاستطلاع الرأي بالمدينة المنورة أن مفهوم المواطنة رغم حداثته بعد قيام الدولة القطرية الحديثة في العالم، على أنقاض العالم الأوروبي القديم الذي كانت تهيمن عليه الكنيسة، فإنه أصبح الطريق الأفضل لتعايش أبناء الشعوب في أوطانها، والذي يضمن الاستقرار السياسي والاجتماعي، مع التنوع القومي والعرقي والديني.
وقال أستاذ الحديث وعلومه بكلية التربية بجامعة الملك عبدالعزيز سابقا الدكتور نايف الدعيس في مداخلته إنه يعيش هذه الأيام حياة ملؤها التعب لما يشاهده بين أفراد المسلمين من تناحر في كل مكان، مؤكدا أنه على الأمة الإسلامية ألاّ تتبع كل ناعق يشرخ صف المسلمين - في إشارة لما تبثه بعض القنوات الفضائية التي تدفع في طرحها نحو الفرقة.
وقال الدعيس: علينا أن نحاسب المخطئ على قدر خطئه وألاّ تأخذ المجتمعات بخطيئة الأفراد، مبينا عبر حزمة من الأدلة الشرعية أهمية اللحمة بين أبناء أمة الإسلام بكافة مشاربهم، مشيرا إلى أن المشتركات الفكرية التي تجمع أبناء الوطن كثيرة، ولا بد من تعزيزها في ظل دولة انتهجت مشروع الحوار الوطني منذ سنوات.
وكان رئيس مركز ساس الوطني لاستطلاع الرأي الدكتور محمد بن صنيتان قد أشار في كلمته الافتتاحية إلى أن الأرض تتنازعها ثقافتان، الثقافة الغربية والحضارة الإسلامية، ولا بد أن تكون الأرض سلما لثقافة واحدة. وحلل بن صنيتان خلفيات الصراع بين الحضارة الإسلامية والثقافة الغربية ومحركاته، مشيرا إلى أنه عندما قامت الدولة السعودية بدورها القومي والإسلامي سمعنا ما سمعنا من حديث يشير إلى أنها سحبت البساط من تحت مصر وهو ذات الأمر الذي سمعناه قبل أسبوع عن تركيا بسبب مواقفها من قضايا المسلمين حيث بتنا نسمع من يقول: إنها تريد أن تعيد الخلافة العثمانية وغيرها من أقاويل.
وذهب بن صنيتان إلى أن المجتمع السعودي لا توجد فيه ثنائية عرقية أو دينية، فالدين واحد والقبلة واحدة حتى إن كان في فقه العبادات كل له اجتهاده وكل مذهب يتشظى إلى مذاهب لا متناهية، مؤكداً أهمية الاتفاق على ما يوحد الجميع انطلاقا من إستراتيجية دولتنا وقيادتنا الرشيدة - على حد قوله.
وأضاف بن صنيتان: معركتنا ليست مذهبي ومذهبك، بل تكمن في مكافحة الفساد مع تنشئة الأسرة التي هي نواة المجتمع على التراحم والتعاطف والسلم الاجتماعي والأخلاق الفاضلة والصدق وكل صفات المسلم التي حث عليها الإسلام.
وأشار إلى أن الدول المتقدمة وظفت هذا المفهوم لصهر مواطنيها في بوتقة النظام والقانون الواحد الذي يتساوون أمامه، ويجتهدون جميعاً في الدفاع عنه. مذكراً بصحيفة المدينة التي هي أول وثيقة للتعايش في مجتمع إنساني متعدد الانتماءات وضعها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أوائل هجرته وقدومه للمدينة المنورة.
وحول أهمية الالتفاف إلى مشروع البناء والتنمية ذهب الصفار إلى أن المجتمعات الواعية تنشغل بالبناء وتطوير بلدانها اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، ولا تنشغل بالجدالات والخلافات والنزاعات، التي يملؤون بها فراغهم من الاهتمامات الحضارية، مستشهدا بنهضة ماليزيا وسنغافورة مثلاً، رغم تعدد الأعراق والأديان والمذاهب فيما بينهم، إلا أنهم وجهوا جهودهم واهتمامهم نحو التنمية الاقتصادية، وتوافقوا على سلمهم الاجتماعي، واحترموا تعدديتهم، فتطورت بلادهم وقطعت أشواطاً على طريق النمو والتقدم.
وقال الصفار: إن في بلادنا ثروات وخيرات كبيرة، وإن القيادة السياسية تقر كل عام أضخم الميزانيات، وتضع مختلف المشاريع، فعلى الموجهين الدينيين والنخبة المثقفة أن يدفعوا الناس باتجاه العمل والإنتاج، ومكافحة الفساد ومعوقات التنمية، ومواجهة الأخطار التي تستهدف شبابنا وأبناءنا كالمخدرات والانحرافات الأخلاقية، بدلاً من الانشغال بالجدل المذهبي والخلافات الجانبية، التي تزيّف اهتمامات الناس، وتشغلهم عن قضاياهم الرئيسية.
ولا بد كذلك من نشر ثقافة التسامح، ليحترم الناس بعضهم بعضاً، فالاختلافات في المسائل الدينية قائمة حتى داخل علماء المذهب الواحد، فلا بد من لغة الحوار التي هي أحسن كما يؤكد القرآن الكريم، مضيفاً أن مشروع خادم الحرمين الشريفين للحوار الوطني هو أفضل رد على توجهات التعبئة والتحريض على الكراهية بتصنيف المواطنين والتشكيك في أديانهم وولائهم الوطني.
وأبدى الشيخ الصفار تفاؤله بالحراك الثقافي الفكري الذي تشهده المملكة، وعليه الرهان في إنضاج وعي المجتمع والرقي باهتماماته.