التقارب المذهبي في بوتقة الوفاق الوطني
الاختلاف المذهبي بين المسلمين قائم إلى قيام الساعة، وهذه إرادة الله ولو أراد سبحانه لجمع البشرية عموماً على دين واحد ومذهب واحد، ولكنه الاختلاف والتنوع البشري لحكمة ربانية لا يدركها البشر ولا يعلمها إلا الله، وبالتالي فنحن كأمة إسلامية واحدة لا بد أن نقبل بهذا التنوع ونتعايش من خلاله كإخوان في المعتقد، لنا رب واحد ونبي واحد وكتاب واحد، ومن هذا المنطلق فإن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني قد أسس لهذا التوجه من خلال المؤتمرات الإسلامية التي تنعقد تحت قبة المركز، وتحقق بحمد الله كثير من التقارب وإزالة الضغائن والأحقاد بيننا وبين اخواننا الشيعة، وهذا هو المطلب الذي يسعى له الجميع فنحن شركاء في الوطن علينا واجبات ولنا حقوق، وفي هذا الإطار فإن العقلاء من الطائفتين يسعون دائماً إلى التقريب وإنهاء حالة العداء التي قد يثيرها قلة محدودة من قبل الطرفين، ولقد اثلج صدورنا مؤخراً ما تحدث به المفكر الإسلامي الشيخ حسن الصفار عندما قال بوضوح (إن سب الصحابة الكرام وأمهات المؤمنين يعتبر من أشد المحرمات) وكذلك عزز هذا القول وكرره في لقائه التلفزيوني ببرنامج البيان التالي على قناة دليل، عندما استضافه الدكتور عبدالعزيز قاسم مع الشيخ الدكتور سعد البريك، وكانت حلقة مميزة تحفها الحميمة والألفة والمحبة، وقد أتفق الشيخان السني والشيعي على ضرورة التوافق والانسجام والقبول بالتعايش والتقارب بيننا كمواطنين، مع تأكيدهما أن مصطلحي التقارب أو التعايش لا يعني أن تتخلى طائفة عما تؤمن به حسب معتقدها، لترضى أو تجامل الطائفة الأخرى، وإنما المطلوب هو الاحترام المتبادل وإزالة التوترات والضغائن، ومحاولة التأثير في الاتباع من عموم السنة والشيعة بما يضمن تحقيق الوفاق الوطني ونشر قيم التسامح والمحبة والألفة، بين أبناء المجتمع الواحد والوطن الواحد، وفي ذلك اللقاء المبارك كان الشيخ الدكتور سعد البريك متميزاً في طرحه، متسامحاً مع أخيه ومشيداً بمواقف الشيخ الصفار تجاه ما أعلنه من مواقف سابقة ولاحقة، تصب كلها في مصلحة الوطن والمواطنين، إنها مواقف إيجابية من الشيخين الفاضلين تدعونا إلى دعمها ومساندتها.