بصيص أمل وتخطيط مستمر
أي إنسان عندما يتعاطى مع مجالات الحياة المختلفة ويسبح في غمراتها ويصبر على مواجهة التحديات والمشاكل التي تتعقب كل عمل يقوم به فإنه يكرس بذلك الأمل والشجاعة في بلوغ النجاح والوصول إلى الغايات المطلوبة، والإرادة القوية عندما يتوجه من خلالها الإنسان بإخلاص في أي عمل يقوم به فإنها تجعل منه شخصية ذات طابع مختلف بحيث تتبلور لديه المعرفة وتتكامل لديه القدرات مع مرور الوقت وهذا أمر بديهي وواضح نلحظه في الأشخاص الذين أحترفوا الإنتاجية وعشقوا معنى العمل وتذوقوا معنى الحياة من خلال البحث عن النجاح والوصول إلى الغايات.
فلو دققنا النظر أكثر ورسخنا رؤية الحياة نحو المقاصد الأساسية والمركزية التي يجب أن يتوجه إليها الإنسان في مسيرة حياته اليومية فإننا لابد لنا أن نستعين بالأمل في تحديد الأولويات المتاحة ولابد لنا في نفس الوقت أن نبحث عن الطريق الأمثل والأقوم لبلوغ ذلك الأمل من خلال التخطيط والتقويم فالثمار مثلاً لايمكن جنيها بمجرد النظر إليها وهي على الشجر ولكن لابد للسعي إليها وإبتكار الطرق من أجل الحصول عليها والتلذذ بها، وهكذا هي الحياة في جميع المجالات تتموج وتتلوى ليبقى الإنسان هو العامل الأساس في نشاطها أو ركونها وهو المحرك الأول لها تمسكاً بالسبل الموجودة والأستفادة من المعطيات الممنوحة لكي يصنع تاريخ عريق يستفيد منه الناس جيلاً بعد جيل.
لذلك نجد كثير من النشاطات تبقى حبيسة المكان وتذبل وتيرتها بعد فترة وجيزة من الزمن بحيث تعكس رؤية سوداوية على المجتمع وعلى الفرد من عدم جدوى بقائها أو انطلاقها من جديد أو التفكير في استحداثها بسبب وجود معوقات وممانعات أو الخوف من السقوط، وهذا كله عائد في كثير من الأمور لعدم وجود التخطيط الصحيح وعدم إيضاح الرؤيااتجاهها، ومن جهة أخرى فإن العمل أو النشاط أو المشروع في كثير من الأوقات لايحضى بقبول أجتماعي أو فردي لقصور في عدم فهم المعطيات التي يتألف منها هذا المشروع مما يوحي في أذهانهم أن هذا المشروع لا جدوى منه ويتعب صاحبه ويأخذ الكثير من وقته دون أن يرى من خلاله الأثار الملموسة، وهذا جانب آخر يجعل من صاحب المشروع حريص بشكل أكبر للمضي في مشروعة.
الشيخ حسن الصفار في هذا الجانب له خبرة كبيرة وعصارة حياة مليئة بالتحديات والعقبات جليّة في شخصيته وفي مشاريعه الدينية والوطنية وهذهِ أمور واضحة أراها صادقة على محياه من خلال ذلك الأمل الذي يختلج صدره ويراوده في كل عمل يقوم به أراه شجاعاً ومقداماً وخلية نحل مملوئة بالإنتاجية والعطاء يبهرني كثيراً بعطائه وتواجده، وعندما أتناول هذهِ الجوانب المضيئة من حياة هذا الرجل ونشيد بها فإنه لايعني بذلك اختزال العمل أو النشاط أو المشروع له دون غيره فالحمد لله توجد الكثير من المشاريع في المجتمع تستحق الكثير من الإشادة والتقدير ومكمله لبعضها البعض، ولكن مايعجبني في هذهِ الشخصية هو ذلك الأمل الصادق النابع من أخلاصه لمشروعه المصحوب بالتفائل وحسن التخطيط الذي يزداد كل يوم تألقاً ووضوحاً فهو مستعد نفسياً وإدارياً وعملياً لمخاطر مهنته ووظيفته وفي نفس الوقت مكافح حتى النهاية لم أرى اليأس يراوده أو يسيطر عليه يوماً من الأيام حتى باتة أنتاجاته تعبر عن شخصيته وله في مقدمة كتاب كيف تقهر الخوف هذا المقطع الجميل «إنّ التنمية الحقيقية يجب أن تبدأ من الإنسان، بأن يثق بنفسه، ويكتشف قدراته، ويفجر طاقاته، ويتحمل مسؤوليته في الحياة. وهذا لا يحصل إذا لم يتحرّر الإنسان من داخله، ويثور على العوائق الذاتية في أعماق نفسه، تلك العوائق التي تمنعه من التحرك والانطلاق. ويمثل «الخوف» في حالته المرضية واحداً من أبرز تلك العوائق، حيث يفرض الإنسان الخائف على نفسه قمعاً ذاتياً بوليسيّاً، يشلّ تفكيره وحركته، فلا يفصح عن رغبته، ولا يعبر عن رأيه، ولا يعلن موقفه، فضلاً عن أن يقوم بدور، أو يمارس تحركاً». «انتهى»
وهكذا هي الرؤيا تنعكس على كل فرد في هذا المجتمع فاليأس يجب أن لايسيطر على النفوس في جميع المجالات سواءً كانت مشاريع شخصية أو أقتصادية أو أجتماعية أو وطنية فالحياة هكذا متقلبة ومتشعبة والأمل هو النبراس الذي يزرع الإستمرارية في العطاء حتى لايتوقف دورنا بمجرد مواجهة العقبات أو الأخطار. ويؤكد ذلك وليام برايد أستاذ الإدارة الأمريكي ومؤلف كتاب " أسس الإدارة الحديثة " أن عملية التخطيط لحياتنا تعتبر وسيلة للتفكير الاستراتيجي لتحقيق حياة كريمة أكثر نجاحا وتنظيما وتوازنا بأقل ضغوط ممكنة , مما ينعكس ايجابيا علي حياتنا فنصبح أكثر تنظيما وتحكما في حياتنا وأكثر توازنا وبالتالي ننعم بصحة أحسن وحياة آمنة بشكل أفضل.