صراخنا لا يجدي
دأبت بعض القنوات الفضائية إلى التسويق لنفسها من خلال استضافتها لبعض الوجوه المعروفة بالإثارة وإذكاء الفتن, ويعدون لها برامج أسبوعية معتمدين على طرح المسائل الخلافية من أجل زيادة شعبيتها وكسب رهان المزايدات على الدين وتعميق الفرقة بين طوائف المسلمين.
وللأسف تشمئز النفس إلى حد التقئ وهي تستمع إلى هزل فكرها وسذاجة طرحها, وتتأ لم حينما تجدها تسـتـفـز الكثير من أتباع بعض المذاهب والفرق الإسلامية, برشقهم بسهامها الموبوءة بسموم الطائفية وتتعـمد شتم رموزهم والإساءة لمعتقداتهم, بتهم وأباطيل كاذبة, وتتقرب بتلك الأعمال إلى شياطينها الذين دفعوها إلى الإساءة لإخوان لهم في الدين والوطن.
ومن يثيرون النعرات الطائفية والمنظرون لها من جميع الطوائف والفرق,يدركون حجم خطرها,وألم الاكتواء بنارها, والعاقل من أتعظ بغيره, وليس ببعيد ما أحدثته تلك النعرات الطائفية من خراب ودمار وحروب دامية استمرت لعدة سنوات في لبنان والبوسنة والسودان واليوم نيجيريا وغيرها,ومازالت تلك الصور المأساوية كوابيس مفزعة لمن عايشوها.
ومع تلك المآسي والجروح الدامية,إلا أنها لا تهز ضمائر من يستأنسون بجعل جماجم إخوان لهم حطبا لنار طائفيتهم المسعورة,وينفخون في أبواقها ويقرعون طبول إثارة الأحقاد والضغائن,بمزاعم وحجج لا مكان لها إلا في عقولهم المعوقة بشلل التفكير.
وهناك من يتساءل ما هي الحلول للخروج من مأزق الأزمات الطائفية؟
هل تتم معالجتها من خلال إصدار بيانات سريعة مستنكرة أو ردود أفعال متشنجة تنتهي بعد كل حدث, ونكررها بنفس الأدوات في الجولة القادمة حين حصولها, هذا الصراخ لا يجدي نفعا من دون تبني مشروعا يجتثها من جذورها.
أتصور أن المواقف الاحتجاجية لا تمثل حلا,.ما نحتاجه اليوم أن يساهم أهل العلم من الفضلاء إلى صياغة أفكار ورؤى تشكل ميثاق للتعايش, وتقضي به على ذرائع الطائفيين من كل الفرق والمذاهب.
ومطارحه الشيخ عايض القرني والشيخ حسن الصفار هو مثال لما ينبغي فعله لمواجهة مخاطر الفتن, واقتراحهم لميثاق التعايش جدير بان يدرس ويناقش من قبل أهل العلم والاختصاص داخل أروقة المراكز الفكرية المتخصصة, ويكون نواة لمشروع وطني وإسلامي عالمي, ويدعم من الخيرين والمخلصين من أبناء الوطن مع صدق النوايا الحسنة, بهذا نفوت الفرصة على الطائفيين والمزايدين من جميع المذاهب والفرق, ونقف سياجا مانعا دون بعضنا البعض في وجه كل من يحاول الإساءة لنا أو يستهدف وحدتنا الوطنية ويهدد سلمنا الأهلي.