القرني والصفار سفيرا السلام
أرض الجزيرة العربية، مهد رسالة النبي محمد وبداية الانطلاقة نحو ثقافة إسلامية حضارية عالمية «قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا». ولكن في زحمة الصخب وحالة الفوضى والعبث التي نعيشها اليوم هذه الثقافة قد تختنق من كثافة دخان الفتن الطائفية بين الشيعة والسنة بعد إخماد نارها التي يتعمد الكثيرون اشعالها بين الحين والآخر، وإن دعوة الشيخين الجليلين الفاضلين «عائض القرني» و«حسن الصفار» لصد واجتثاث الفكر الطائفي المتطرف في الفريقين ما هي إلا ثورة فكرية جماهيرية تصحيحية مبدؤها «ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر» وأساسها «لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين» وجاءت في صياغة «ميثاق التعايش الطائفي» وبذلك أصبحا سفيرين للسلام والأمن والتعايش المشترك بين جميع الطوائف الاسلامية في منطقة الخليج العربي لتنطلق نحو العالمية في مشارق الأرض ومغاربها.
ومن خلال هذا المقال أتمنى أن يتم اللقاء بين الشيخين «القرني» و«الصفار» في أقرب فرصة ممكنة لوضع الصفات لمنهج الميثاق حتى تبدأ المسيرة نحو الاصلاح في أمة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه حيث قال: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» وإنني على يقين أن الآلاف بل مئات الآلاف من المسلمين سوف يتبعون هذا النهج ليكونوا سفراء للسلام والمحبة حتى نكون خير أمة أخرجت للناس. ارفعا شعارا واحدا «لا للطائفية لا للتطرف لا للتكفير لا للسب والقذف» واضربا حصارا أبديا على كل من يحاول تعكير حياتنا ومعيشتنا أو تمزيق نسيجنا وبأي وسيلة كانت وقولا للخارجين عن الملة «كفى» وإلا فإنه كتب علينا اجتثاثكم من الأرض ورميكم في مزبلة التاريخ لأن هذه الأرض لا يرثها إلا عباد الله الصالحين المؤمنين الذين قال الله عنهم ﴿لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة﴾ فأصبحوا بنعمة الله إخوانا لأن مشروع العيش في الدنيا يتطلب المشاركة الجماعية في تأمين رغيف الخبز لاستمرار النسل والحياة، أما مشروع الآخرة حيث لا ينفع مال ولا بنون فأحادي فردي والإنسان لا يحمل في قبره إلا عمله ويمثل أمام قضاء الله وعدله وحيدا فريدا ولكنه لن يتمكن من الفرار من المساءلة عن المشاركة الجماعية في الحياة الدنيا!
فما أحوجنا لنهضتكما يا سفيري السلام وما أحوجني أن أكون خادما لكما، وتوكلا على الله وباشرا روح اليقين وصاحبا هذه الدنيا حتى تتعلق روحاكما في الملأ الأعلى. هكذا هم خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه والسلام عليكما ورحمة الله وبركاته.