مع السنة.. تواصل أم قطيعة؟
من المسائل المطروحة في ساحتنا القطيفية مسألة الانفتاح على الآخر، فهل نتواصل معه؟ أم نبني سور عازل وننكفئ على الداخل؟
والغريب في المطروح أن العاملين في مشروع التواصل هم الذين يتذوقون حلاوة التواصل، ويرغبّون الناس في تذوق هذا الفعل الراقي - حسب نظرهم -، ولذا نجدهم ينظّرون له، ولا تفوتهم مناسبة الا وتكلموا عنه.
في الطرف الآخر نجد من لم يسبق له أن جلس في مجلس متنوع الأطياف، هو الحامل لراية المقاطعة!!
وهنا يأتي سؤال: أنت لم تتواصل فكيف تدعوا للقطيعة؟
ولعل آخر يسأل: إذا كانت التجارب داعية لتأكيد النظريات، فأين التجارب التي توصلت عبرها لعدمية فعل «الانفتاح»؟
أقول هذا الكلام وأنا أتصفح موقع سماحة الشيخ حسن الصفار، لأجد شابا حائرا، يسأل سماحته عن هذه الأطروحة، أعجبني في السؤال أنه ذهب إلى «ابن بجدتها»، وسأل صريحا، ولم يجعل سؤاله حديث مجالس.
إليكم السؤال: «في البداية لم أكن التفت لمعنى توحيد المذاهب الإسلامية «ان صح التعبير» تحت راية واحدة، الا أنها شيء مستحيل الوصول إليه وبعيد المنال ومضيعة للوقت حينما نفكر به، وكنت جازماً بأن التفكير للوصول إليه يعني تنازل المذهب الأقل سيطرة أو الأقل سواداً عن معظم معتقداته أو التوقف اللحظي عن أدائها بغية التقرب من المذاهب الأخرى. وبعدما قرأت كتيب «الانفتاح بين المصالح والهواجس» لسماحتكم فهمت أن السعي لذلك أفضل من التفكير للوصول إليه أو كيفية الوصول إليه، واتضحت لي بأن تفكيري المتبلور على أساس التنازل بغية التواصل كان خطأ خصوصا بعدما وضّحت واستشهدت بواقعة صلح الحديبية وما جرى من تعامل وتصرف رسولنا العظيم لإنجاح الصلح. ولكن الا يتوجب على الطرف الآخر إعطاء مساحة جيدة للتقارب والتحدث بحرية وشفافية للوصول إلى نقطة التقاء لأني لا أرى الا العنصرية على كثير من الأصعدة ولا أرى اعتراف جلي بنا وهذا ما كان يشعرني بالتنازل حينما نتكلم عن تقارب الصفين.وسؤالي كيف لي أن أفكر بالاقتراب من الطرف المقابل والطرف المقابل غير مُعترف بي وبديني وذلك ما يجعلني أفكر أن الطرف المقابل لن يعترف بي حتى أتنازل عن أموري التي لا يراها صحيحة تبعا لمعتقداته»؟
فكان جواب الشيخ الصفار: «بداية أشكرك على اهتمامك بهذا الموضوع المركزي في حياة الأمة، فهو بحاجة إلى تبلور ثقافة سليمة تأخذ بعين الاعتبار مختلف جوانب المعادلة الاجتماعية والأفكار الدينية.
تقف الأطراف المختلفة من مسألة التقارب والتعايش مواقف متباينة، وكل شخص داخل هذه الأطراف يحمل في نفسه درجة متفاوتة عن غيره، وبالتالي فإن العمل على صعيد التقريب والتقارب يعطي نتائجه بدرجات متفاوتة حسب الجهة والشخص المتلقي.
إن الشواهد العملية أثبتت جدوى السعي في هذا المضمار، مما يستدعي توسيع نطاق العمل والتحرك، مع العلم المسبق بأن بعض الجهات لن تتجاوب مع هذا التوجه.
من جهة أخرى فإن إغفال هذا الموضوع أو عدم السعي لإنجاحه يزيد من درجة حدة الخلاف، ويوسع دائرة الشقاق، وينشر ثقافة اليأس من التغيير، ويترتب على ذلك نتائج خطيرة على صعيد الوطن الواحد، والأمة بأجمعها.
بالطبع إن السعي للتقارب والتعايش لا يعني أبداً التنازل عن الثوابت والمعتقدات الرئيسة عند أي مذهب».
هذا الجواب الجميل له تفصيل في الكتاب المذكور، وهو موجود على الرابط التالي:
http://www.saffar.org/index.php?act=books&action=view&id=51
فهل نقرأ لنعرف أفكار الآخرين؟
أم نبقي تصوراتنا عنهم هي الحكم؟