الصفار: الشرائع الإلهية تحفظ الإنسان لرفع الظلم والمطالبة بحقوقه
تناول الشيخ حسن الصفار في محاضرته في الليلة السادسة من شهر محرم الحرام في مجلسه في القطيف المعنونة بـ حقوق الإنسان بين المحلية والعالمية بالآية الشريفة ﴿لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾ (148) سورة النساء ودار حديثه حول ثلاث أمور، الأول حقوق الإنسان منحة إلهية موضحا أن الله عز وجل خلق هذا الكون وأودع فيه الثروات وكنوز الخيرات وجعل الإنسان سيدا وملكا على هذا الكون وخيراته وجعله أهلا لذلك ووهبه مميزات تميزه عن باقي الكائنات وجعل له عقلا وإرادة من اجل أن يمارس دوره ورسالته في هذه الحياة ونصبه خليفة له في الأرض وهذا ما يتجلى في الآية المباركة ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ (30) سورة البقرة فكل شيء مخلوق للإنسان ومن اجله ووضع تحت تصرفه فالله تعالى شانه كرم بني ادم وشاء له أن يعيش كريما وحرا في هذه الحياة.
وأوضح أن بمقتضى الآيات والنصوص الدينية فان الإنسان يولد بفطرته حرا وله حقوق منها حق العمل وحق الوجود وكلها مخلوقة مع الإنسان منذ بدايات خروجه إلى هذه الدنيا (فطرة الله التي فطر الناس عليها) وأضاف بأن حقوق الإنسان منحة من الله عز وجل وليست هبة من أحد من الناس.
وبين أن بني البشر إما بداعي الهوى أو حب التسلط يمارسون الظلم وسلب الحقوق ضد بعضهم البعض وهذا ما عاناه الإنسان عبر التاريخ على الرغم من وجود التشريعات الإلهية التي انزلها الله سبحانه وتعالى ضد الظلم والاستبداد وهذا يتجلى في قوله ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾ (25) سورة الحديد وفي سياق الحديث عن الشرائع الإلهية أسهب في تبيان أن الشرائع الإلهية تحفز الإنسان لرفع الظلم والمطالبة بحقوقه ورفع التعدي عنه أن هو أصيب بذلك بحث لا يصبح خانعا وخاضعا عند وقوع الظلم والعدوان عليه وهذا ما يمثله حديث الرسول الأعظم محمد في الحث على الجهر بالحق وعدم السكوت عنه حيث قال( الساكت عن الحق شيطان اخرس) وقول أمير المؤمنين سلام الله عليه (ما ضاع حق وراءه مطالب).
الأمر الثاني: المسيرة العالمية لحقوق الإنسان، عانى الإنسان طوال حياته من الظلم والاستبداد من الطغاة والمستكبرين فالطغيان إما أن يكون من فئة على فئة أخرى أو يكون من حاكم على شعب وفي قصص القران الكريم عبرة في قصص فرعون ونمرود وغيرهم من الجبابرة والظلمة.
وأوضح أن الإنسان في الزمن الحديث تجرع المرارات من الظلم والاستعباد ولكنه هذا الشيء تطور واخذ منعطفا خطيرا في القرن الخامس عشر الميلادي حينما كان الغزاة الأوربيون يغزون أفريقيا ويأخذون من يشاءون من شباب وفتيات كعبيد في أوربا وأمريكا الشمالية ويعاملوهم بشع معاملة بلا رحمة ولا شفقة.
كما أوضح أن بعد إلغاء العبودية في أمريكا في القرن الثامن عشر الميلادي عانى الناس من ويلات الاستعمار من البلاد الأوربية المستعمرة التي كانت تهيمن على البلدان وتستبيح ثرواته كيف تشاء من رادع يردعها وقال بأنه لولا تحرك الشعوب ونضالهم لما انتهى الاستعمار واستبداده وضرب مثلا بالذي يحصل في فلسطين المحتلة كدليل على سطوة المحتل وقساوته ضد الشعب الفلسطيني المظلوم.
وفي نقطة أخرى أشار الصفار إلى وجود أربعة أجيال من عهود حقوق الإنسان تتعلق بالجوانب التالية: الحقوق الدينية والسياسية والحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والحقوق التنموية ومنها التعليم ومواجهة الفقر وحقوق الإنسان الديمقراطية.
وأوضح بأنه بقدر ما تهتم الدول الغربية بالديمقراطية إلا أنها تكيل بمكيالين تجاه قضايا العرب والمسلمين وتسكت عن المعتدين ولا تحرك ساكنا ضدهم.
الأمر الثالث: تنمية حقوق الإنسان محليا وقال: إن الدول في منطقتنا تعاني من ظلم الدول المستكبرة ولكن في نفس الوقت توجد انتهاكات في داخلها وأشار إلى أن الدول العربية والاسمية تحتل الصدارة في تطبيق ذلك لأنها امة الإسلام الذي كرم الإنسان وأعطاه كامل حقوقه وشدد على دور الناس في دعم مشروع حقوق الإنسان وعدم ترك هذه المسؤولية على الحكومات فقط من دون عمل أي تحرك أو نشاط. وفي هذا النطاق أيضا تحدث عن أهمية نشر ثقافة حقوق الإنسان بين المجتمع وذكر إحصائية بان 94 في المائة من شعب المملكة ليس لديهم إلمام بجانب حقوق الإنسان وحث في هذا الجانب الجهات الدينية بالاهتمام ببق هذه الثقافة على الأصعدة الوطنية والاجتماعية والعائلية أيضا.
وفي نقطة أخرى في هذا المحور وهي توفير فرص للدفاع عن الحقوق ومنها شجع على الدخول في دراسة تخصص القانون والذي تعاني مجتمعاتنا فيه من قلة المتخصيين فيه، وبين أن هناك احتياجا في مجال هذه الاستشارات لتوعية الناس بحقوقهم ومساعدتهم في مطالبهم.
كما ذكر نقطة التفاعل مع المؤسسات الحقوقية وذكر بعض الإحصائيات خلال السنوات الأخيرة تشيد بتطور حقوق الإنسان في المملكة وأهاب الجميع لدعم المؤسسات الحقوقية حتى تصل إلى مبتغاها وأهدافها المستقبلية وان الوصول إلى الغايات تحتاج لوقت وصبر وتضحية حتى الحصول على كامل الحقوق.
وتناول قضية الإمام الحسين عليه السلام في جانب الحقوق وانه خرج مدافعا عن الناس وحقوقهم وناشرا لمبدأ الحرية والعدالة حيث قال مخاطبا: (إن لم يكن دين فكونوا أحرارا في ديناكم).