الأزمات.. شعلة الخطاب الطائفي
خطورة الحروب مقصورة على الدمار المادي والمعنوي للأطراف المتصارعة كما كانت في مختلف مراحل البشرية، بل إن خطورتها الأكبر في عصرنا هذا أنها أصبحت مسوغا لتنشيط أي صراع فكري ينمو تحت التراب، منتظرا حدوث ثغرة يطل منها برأسه على السطح.
ولهذا أعتقد أن مسؤولية المثقف أو الإعلامي السعودي في ظل الأزمة الحالية التي تسببت فيها جماعة الحوثيين المتمردة (التي ترفع شعاراً دينيا متطرفا) وهي في حقيقتها أشبه ما تكون بـ"بيدق" سياسي تلعب به أطراف خارجية، التنبه إلى عدم الانجرار إلى أي خطاب طائفي يعطي مجالاً لمن يبحث عن هذه الفرصة، لإحداث فرقة في الصف الداخلي متعدد الأطياف.
هذا لا يعني ألاّ يكشف بكل شفافية أي خائن لوطنه، بل على العكس، لابد أن يشهر بأي شخص ثبت أن له أي دور سلبي ضد وطنه وبالأسماء الصريحة.
لكن المشكلة الحقيقية التي يجب التحذير منها، هي أن بعض السياسيين في اليمن أو في إيران يرمون تصريحا أو تلميحا مبهما هنا أوهناك، لا يكشف حقيقة، بل يزيد التجاذبات والتكهنات، ويشعل الخطاب الطائفي في الخليج العربي، في الوقت الذي تؤكد فيه القيادات السياسية والثقافية خصوصا في المملكة، أن الوطن والمواطنة هما المحك الحقيقي لأي حكم على فئة أو حتى على شخص واحد.
وفي هذا السياق أرى أن خطوة الشيخ حسن الصفار الذي صرح منذ يومين بأنه "مع وطنه ضد أي عدوان من الحوثيين أو سواهم"، خطوة مهمة، لتخفيف أي احتقان طائفي يريد أعداء هذه البلاد تأجيجه، لأهداف سياسية بحتة.
وأتمنى أن يحذو حذوه الكثير من علماء ومشايخ جميع الطوائف الإسلامية داخل المملكة وخارجها، لأنهم ولا شك أصحاب تأثير كبير في الجماهير وعامة الناس الذين من السهل جرهم لأي فتنة.
أما موضوع تحديد من الصادق في موقفه من غيره، فهو ولاشك، ضمن إطار مسؤولية أجهزة الأمن الرسمية، التي أثبتت جميع الأزمات أو الأحداث الإرهابية التي مر بها وطننا، أنها تمتلك من الأدوات والكفاءات العالية، ما يمكنها من تحديد من الصالح ومن الطالح.