الخلق النبوي والقيادة الناجحة
الخلق النبوي والقيادة الناجحة، عنوان الكلمة التي ألقاها سماحة الشيخ حسن الصفار يوم الجمعة الموافق 10 ربيع الأول 1425هـ (30 إبريل 2004م).وفيما يلي نص الكلمة:
تمهيد..
يحتفي المسلمون في كافة أنحاء العالم بذكرى ميلاد رسول الله



وهناك فئة من المسلمين، أتباع المدرسة السلفية، ترى أن الاحتفاء بميلاد رسول الله


وهنا نقول: من حق أي أحد أن يكون له رأيه في هذا الجانب بناءً على ما يقتنع به من أدلة، ولكن من الضروري أن يعرف أن بقية العلماء من مختلف المذاهب والمدارس الإسلامية لهم أدلتهم في هذا الموضوع فهم لا يقصدون المخالفة والخطأ في أعمالهم، وإنما يتقربون بها إلى الله تعالى، ولذا ينبغي أن يكون هناك تفهمٌ لوجهة نظرهم. فليس مطلوباً مِن مَن يرى عدم صحة الاحتفاء بالمولد النبوي أن يقبل كلام بقية المسلمين، ولكن المطلوب أن ينظر إلى رأيهم نظرة احترام، ويقبله ضمن دائرة الخلاف العلمي؛ ولا يحق اتهام بقية المسلمين بالشرك والضلال والبدعة لأن ذلك يتنافى مع أخلاق وآداب الإسلام.
منهجية الخلق النبوي
ينبغي أن تتحول الأخلاق النبوية التي كان يُمارسها رسول الله


فرسول الله

وقد اعترف بذلك غير المسلمين فضلاً عن المسلمين الذي يُقدّسون شخصية رسول الله


وقد استطاع رسول الله

وأي قيادةٍ، سياسية أو دينية، تريد أن تنجح، عليها أن تستلهم من منهج رسول الله

شرح الصدر
إن أول منّةٍ يمتنها الله تعالى على نبيه

وسعة الصدر أهم سمةٍ ينبغي أن يتحلى بها القائد، ولذا قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب


جوانب من سيرة الرسول 

في المجال الديني
فيما يلي نذكر نماذج من السيرة النبوية تتجلى فيها عظمة الخلق النبوي في المجال الديني:
- بينما رسول الله









- كان رسول الله



في المجال السياسي
كل حاكمٍ أو قائد ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار مسألة الاختلاف بين أتباعه، وأنه من المحتمل أن يكون هناك مَن يُخالفه في الرأي، إما لأنهم يرون خطأ الحاكم أو القائد، وإما بدافعٍ مصلحي. وقد يُعلنون عن مخالفتهم، أو يُمارسون ما يُعرقل أوامر الحاكم أو القائد. فكيف يجب أن يكون التعامل في هذه الحالات؟ بالطبع ينبغي للحاكم أن يحتمل أن الرأي المعارض قد يكون صحيحاً، ولا يصح أن يُشكك في نوايا الناس، وإنما يتعامل معها بموضوعية.
ولكن إذا تأكد الحاكم من خطأ الرأي المعارض أو أن خلفه نوايا سيئة، فكيف ينبغي أن يكون التعامل؟ سيرة رسول الله تضعنا أمام التعامل النموذجي في مثل هذه المواقف.
وفيما يلي بعض النماذج من سيرة المصطفى


- هناك من بين المسلمين جماعة أُطلق عليهم مصطلح (المنافقين)، وهناك سورة في القرآن باسمهم، كما أن مجموعة كبيرة من آيات القرآن تتحدث عنهم. ولكننا إذا درسنا تاريخ المنافقين وممارساتهم في العهد النبوي، ورأينا كيف كانوا يُمارسون مخالفتهم ومعارضتهم لرسول الله

وإذا علمنا أن المنافقين كانوا يحاولون عرقلة أوامر رسول الله


هل استعمل معهم العنف والقسوة والقوة؟ هل حرمهم من بعض امتيازاتهم؟ هل ميّز بينهم وبين سائر المواطنين؟ كلا!
السيرة النبوية وعلماء المسلمين مجمعون على أن رسول الله


1- لم يُمارس تجاههم أي تمييز في التعامل عن بقية المسلمين. فقد كانوا يدخلون المسجد ويصلون مع المسلمين ويجلسون في مجلس رسول الله

2- لم يستخدم رسول الله


وينقل القرآن بعض موارد المخالفات التي مارسها المنافقون، يقول تعالى: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾، وهذه مخالفة صريحة من رأس النفاق عبد الله بن أبي، ولما وصل هذا الأمر إلى رسول الله


وبعد ذلك جاء عبد الله بن عبد الله بن أبي إلى رسول الله



وورد في السيرة أنه لما مرض عبد الله بن أبي مرضه الأخير جاء ولده إلى رسول الله




وهناك رواية في بحار الأنوار تقول: لما مات عبد الله بن أبي جاء ابنه لرسول الله


- يدخل أعرابيٌّ على رسول الله





- لما ذهب المسلمون إلى بدر، قال رسول الله


وإذا بأبي حذيفة يلتفت إلى جمعٍ من المسلمين قائلاً: يأمرنا أن نقتل آباءنا وأبناءنا وعشيرتنا وأن نكف سيوفنا عن أسرته، والله لإن رأيت العباس عمَّ رسول الله لألحمنَّ وجهه بالسيف. فوصلت مقالته إلى رسول الله



هذه هي أخلاق رسول الله

من هنا ينبغي أن يكون صدر الحاكم أو القائد واسعاً، سواءً كان حاكماً سياسياً أو عالماً دينياً أو قائداً اجتماعياً.
كما ينبغي أن لا تُطرح هذه المسألة كمسألة أخلاقية، وإنما يجب أن تتحول إلى منهجٍ سياسي. وهذا ما قامت به الدول الغربية المتقدمة، إذ من قوانينها أن يفسح الحاكم المجال للمعارضة سياسية أو إعلامية.
ولكن المسلمين لا يزالون يقرؤون سيرة رسول الله



والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.
وبإمكانك الاستماع إليها عبر الوصلة التالية:
media/ent_friday/1425/14250310.asf