في منزل الشيخ حسن الصفار
تشرفت ومجموعة من الزميلات معي بزيارة لمنزل سماحة الشيخ حسن الصفار، في منطقة القطيف، عندما تمت دعوتنا من قِبل منتدى نون النسائي، الذي تشرف عليه الصديقة الشاعرة نهى فريد. التي اقترحت أن تتزامن زيارتنا مع فعاليات عاشوراء، فكما قالت: «نريدكن أن تشاهدن الطائفة الشيعية على طبيعتها».
ثمة أمور لفتت نظري من الوهلة الأولى التي وقعت فيها عيناي على منزل سماحة الشيخ، وتهامست مع إحدى الزميلات التي شاركتني الملاحظة نفسها، وهي أن منزل سماحة الشيخ يعد متواضعا جدا إذا ما قارناه بمنازل المشايخ الآخرين الذين نراهم، أيضا استقباله البشوش وتواضعه الجم، ورغبته في الاستماع لآرائنا، وتجاوبه مع أسئلتنا كان مبهجا, حيث دار النقاش حول التسامح الذي هو سمة الدين الإسلامي، والذي ينبغي أن يكون سمة لأبناء هذا الوطن من سنة وشيعة، حيث رد سماحة الشيخ بقوله: «الاختلاف هو طبيعة البشر، المهم هو قدرتهم على التعايش مع هذا الاختلاف».
أيضا حدثنا سماحته عن الوثيقة التي قام بصياغتها مع الشيخ التنويري الدكتور عبدالمحسن العبيكان، والتي كان هدفها التقارب بين الطائفتين الشقيقتين المتنافرتين: السنة والشيعة، إلا أنه كما ذكر لنا فإن الأحداث السياسية والتوجهات المختلفة لعبت دوراً في الفرقة التي استمرت منذ ألف وثلاثمئة سنة وأكثر, إضافة إلى تدخل بعض المتطرفين السلفيين الذين أعاقوا إطلاق هذه الوثيقة. لم يفت سماحة الشيخ دعوتنا إلى مكتبته الخاصة التي كانت تشتمل على مختلف العلوم والمعارف.
حقيقة, خرجنا من تلك الزيارة ونحن نحمد الله على وجود علماء الدين والمشايخ المعتدلين من الشيعة كما وجدناهم عند أهل السنة, وكم تمنينا ودعونا الله أن تكلل جهود المعتدلين بالنجاح لكي يزيلوا ذلك الكم الهائل من الأوهام والصور المخيفة التي تحملها كل طائفة عن الأخرى، وكلتاهما تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتصلي الخمس وتؤدي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت, ألا يكفي كل هذا لكي نقول: هذا دين واحد؟ ألا يكفي كل هذا لندفن إلى الأبد كل عداوات التاريخ وجذور البغضاء وثارات التناحر؟ ألا يكفي كل هذا لكي تجتمع أمتنا في طريق واحد لتنشغل بقضايا التنمية وحقوق المواطنة وبناء المجتمعات المدنية الحديثة المرتبطة بالمستقبل أكثر من غرقها في قصص الماضي الذي عبثت به أصابع السياسة؟ أليس السنة والشيعة في مجتمعاتنا جيران؟ أي حياة هذه التي لا يأمن الجار جاره؟ أعتقد أن الوقت قد حان للجواب عن هذه الأسئلة بجواب جديد أراه في وجوه الجيل الجديد من الشباب، الذين أجزم أنهم لن ينجرفوا في دوامات الكراهية التي لا تعود على من غرق فيها إلا بزراعة قلب أسود في صدره.