الخطاب الإسلامي وحقوق الإنسان
إطلالة حول الكرامة الإنسانية بين النص والخطاب الديني
نطل من جديد على ثمرة من ثمرات فكر الشيخ حسن الصفار، حيث بلغت ــ حسب علمي ــ ثمراته الفكرية أكثر من مائة مؤلف، ثمرة تقف بنا على أهم ما يحتاجه الإنسان في حياته، أقصد بذلك حقوقه، حيث يعرض في الكتاب كيف يصون ويحفظ الإسلام حقوق الإنسان ذكراً كان أم امرأة، مسلماً كان أم غير مسلم.
تبلغ صفحات الكتاب مائة وإحدى وتسعين صفحة، تناول فيها الشيخ تسعة مواضيع تتعلق بحقوق الإنسان، نوردها في هذا المحفل على عجالة من أمرنا: الإنسانية بين النص والخطاب الديني، حيث يقول في هذا الموضوع: «يحتل الخطاب الديني في مجتمعاتنا الإسلامية موقعية خطيرة من التأثير لا يضاهيه فيها أي خطاب آخر، فهو الذي يصوغ العقل الجمعي، ويوجه السلوك العام، نظراً لارتباط مجتمعنا بالدين، ولما يمثله هذا الخطاب في نظرها من تعبير عن أوامر الدين وأحكامه».
ثم يتناول موضوع كرامة الإنسان والخطاب الديني حيث يقول فيه: «إننا نجد في النصوص الإسلامية تأكيداً على فضل الإسلام والإيمان، ومدخليته في كمال شخصية الإنسان، وإشادة بمكانة الإنسان المسلم ــ المؤمن، وتوجيهاً لاحترامه ورعاية حقوقه».
تلاها بتحدثه عن الخطاب الديني والاهتمام بالإنسان حيث يقول فيه: «إن خطابنا الديني يحتاج إلى اهتمام أكبر بالقضايا الإنسانية، لحشد الجهود لمعالجة كثير من الحاجات ومتطلبات الحياة في مجتمعاتنا التي تعاني انتشار الأمية والفقر ونقص الخدمات».
ثم يشرع في التحدث حول عنوان الإسلاميين وحقوق الإنسان حيث يقول «لقد أكدت آيات القرآن الكريم، قبل انبثاق مواثيق حقوق الإنسان في أوروبا بعشرة قرون على كرامة الإنسان، وحفظ حقوقه المادية والمعنوية بكل تفاصيلها وجزئياتها، واعتبرت أن أي انتهاك لشيء من هذه الحقوق يشكل عدواناً ومناوأة لله تعالى ولدينه ورسله، تستوجب غضب الله تعالى وسخطه وعقوبته».
بعدها يتحدث سماحته حول واجب الدفاع عن حقوق الإنسان، حيث يقول في هذا الصدد «إن القرآن الكريم يشجع من انتُهك شيءٌ من حقوقه أن يجهر بالاعتراض وإعلان ظلامته، بما يقتضي ذلك من نيل وتشويه لسمعة الجهة المعتدية والإساءة إليها... ومن سعى وتحرك للانتصار لحقوقه، والدفاع عن مصالحه المشروعة، فقد مارس حقه الطبيعي، ولا لوم عليه ولا مؤاخذة له، ولا ينبغي للإنسان أن يتساهل ويفرط في مصالحه فيقع عليه الحيف من الآخرين، فإنه بذلك لا ينال التقدير من الناس ولا الثواب من الله سبحانه».
ويواصل الشيخ التحدث عن حقوق الإنسان تحت عنوان «ثقافة حقوق الإنسان وبرامج العمل»، حيث يقول في هذا الصدد «إن أول خطوة في طريق إحقاق حقوق الإنسان والدفاع عنها، هي التعريف بتلك الحقوق، ونشر ثقافتها، ذلك أن الكثير من مجتمعاتنا لا يعرفون الحقوق التي لهم والتي عليهم تجاه الآخرين، فلا يطالبون بما لهم، ولا يلتزمون بما عليهم، بسبب الجهل وانعدام المعرفة».
ثم شرع في التحدث حول عنوان «بين الحقوق والواجبات»، حيث يقول «قسم كبير من الناس يوغلون في التمحور حول ذواتهم، فيرون الحق من الزاوية التي يكونون فيها، ويتحدثون دائماً عن المفروض والواجبات على الغير، دون أن يلتفتوا إلى ما عليهم من حقوق وواجبات، وكأن الحق يدور معهم حيثما داروا».
وانتقل بعدها الشيخ ليتحدث حول قدسية الحياة وثقافة الاستهتار، حيث يقول في هذا الخصوص «تحتاج الأمة إلى صياغة جديدة لوعي الإنسان المسلم، لعلنا نطبب تلك الجراحات التي أحدثتها ثقافة الاستهتار بالحياة، ونرسم لوحة من القيم النبيلة لصورة الإسلام الحقيقي، التي عملت تلك العقليات الخربة على تشويهه في نظر الآخرين».
ويختم الشيخ الكتاب بالتحدث حول مبحث النهي عن المنكر شفقة وإصلاح، حيث يقول فيه «إن حرية الإنسان لا معنى لها خارج دائرة الأحكام والفرائض الشرعية الأخرى، فكما يأمر الإسلام باحترام حرية الإنسان، فإنه أيضاً يأمر المكلفين بتطبيق فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهي واحدة من الفرائض الأخرى كالصلاة والصيام والحج والزكاة».
ويذيل الشيخ كتابه بثلاثة ملاحق هي: وثائق، جاءت الأولى بعنوان «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، وجاءت الثانية بعنوان «إعلان حقوق الطفل»، وجاءت الثالثة بعنوان «وثيقة حقوق الإنسان في الإسلام».
هو كتاب يبحث في أهم ما يركز عليه الخطاب الديني، ويسلط الضوء حول أسس الخطاب الديني وعلاقتها بحقوق الإنسان، كما يحاول معالجة بعض مكامن الخلل التي قد تعطل وظيفة الخطاب الديني وبالتالي حقوق الإنسان.