الصفَّار واللويحق: لا يجوز إلزام الحجاج بمذهب معيّن في مناسك الحج
أكد عدد من العلماء عدم جواز إلزام الحجاج باتباع مذهب معيّن في مناسك الحج مادام التعدد المذهبي ينحصر في قضايا الفروع ولا يصل الى أصول الحج وأركانه.
وأوضحوا أن التنوع المذهبي لا يتعارض مع مظاهر الوحدة الإسلامية في موسم الحج بل يمثل عامل إثراء لها على كافة المستويات.
يقول الدكتور جميل اللويحق استاذ الفقه بجامعة الطائف: «النبي صلى الله عليه وسلم حج بنفسه وفسر هذا عمليا بقوله «خذوا عني مناسككم»، ثم في مرحلة لاحقة تكلم أهل العلم في أفعاله وتنوعت طرائقهم في فهم ما فعله بحسب النصوص الشرعية الواردة، ثم كان التنوع كبيرا حين استقرت المذاهب، وعالجت تصرفات المسلم في باب المعاملات والعبادات وفقا لما اتضح لشيوخها من النصوص الشرعية وما خلصت إليه اجتهاداتهم.
وأضاف: لم يكن التنوع في يوم من الأيام سببا لتفرق المسلمين مؤكداً أن الناس منذ الزمن الأول يحجون مع اختلافهم في بعض أحكام الحج الفرعية، وكان في هذا رحمة بالناس وتيسيراً لهم وتوسيعاً عليهم في بعض الأحوال ولم يكن ذلك في يوم من الأيام سبباً للفرقة أو النزاع.
وختم اللويحق بالتشديد على عدم جواز إلزام الناس بمذهب معين في الحج ولكن المشروع بيان المذهب الموافق للدليل وإظهاره ودعوة الناس إليه دون إلزام أو واجب، وبهذا تتحقق السعة الشرعية وتزول المشقة التي قد تحدث بفرض رأي معين دون سواه.
من جانبه رأى الشيخ حسن الصفار أن موسم الحج لهذا العام يأتي وسط ظروف خاصة تمر بها الأمة الإسلامية، مشدداً على ضرورة أن يتحلى الحجيج بمزيدٍ من الوعي أثناء أدائهم لمناسك الحج.
وأضاف أن فريضة الحج تتميز عن غيرها من الفرائض باجتماع المسلمين من مختلف البقاع والأعراق والبيئات والطباع مما يولّد نسبة كبيرة من الاحتكاك والتماس فيما بينهم، ونتيجة لذلك قد تستبد بالبعض حالة الغضب والانفعالات، وهذا لا يتناسب والمكان المقدس الذي يجتمع فيه المسلمون، ولذا ينبغي على الحجيج أن يتحلوا بالهدوء والطمأنينة التي من شأنها أن تخلق أجواء الألفة والاحترام المتبادل فيما بين الحجيج، ليُقدم المسلمون من خلال موسم الحج صورةً مشرقة عن الإسلام والمسلمين، وليكونوا يداً على عدوّهم الذي يتربّص بهم الدوائر.
وأشار الصفار إلى أن الأمة الإسلامية اليوم في مواجهة ضاغطة مع تيارات الفتنة والتعصب، مما يجعل الساحة مفتوحة على مختلف الاحتمالات، وبالتالي يجب أخذ الحيطة والحذر خصوصاً في موسم الحج.
ودعا الصفار المؤمنين إلى التسلح بالوعي، وأن لا يكون التزامهم ببعض الشعائر المستحبة على حساب القضايا الكبيرة كالوحدة والانسجام بين جميع المسلمين، وإذا كانت هناك بعض الأعمال التي من شأنها أن تُثير الأطراف الأخرى فينبغي النظر فيها وتقليصها حفاظاً على الصورة العامة للإسلام والمسلمين، ولكي تُسد كل الثغرات التي يُمكن للأعداء من خارج الأمة أو المغرضين النفوذ منها.