الشيخ حسن الصفار تاريخ حافل بالعطاء
العالم السعودي الشيخ حسن الصفار,من القلائل في ساحتنا الإسلامية الذين استطاعوا أن يختصروا المسافات بين ما هو قديم، وبين ما هو جديد من خلال قراءاته الواعية, للروايات وتنضيجها بشكل معاصر, وتحويلها إلى واقع على شكل محطات ثقافية، تغرس الأمل وروح المسؤولية في الإنسان.
في لقاء تلفزيوني مع سماحته, في برنامج مراجعات الذي تبثه قناة العالم الفضائية، وضع سماحة الشيخ النقاط على الحروف, من خلال أجابته على أسئلة تشكل من أهم القضايا التي تعصف في أمتنا الإسلامية, وبدأ من تجربته الشخصية عندما حزم حقائبه, أول محطة حط بها رحاله كانت النجف وما أدراك ما النجف، عاصمة المعصوم، ومركز مهم من مراكز الثقافة الإسلامية، وكان يتحرك سماحته باعتباره طالب علوم دينيه، وكانت له لقاءات مع كبار المراجع وفي مقدمتهم الأمام الخميني (قدس سره)، وان الساحة النجفية شكلت لديه ثراءً فكريًا كبيرًا لبناء شخصيته، وبعد المضايقات للحوزة العلمية، ولطلاب العلوم الدينية من قبل النظام السابق، شد الرحال إلى مدينة قم المقدسة في إيران، لكون قم والنجف من ابرز المعالم الثقافية لمدرسة أهل البيت , لم يقتصر سماحته على هذه المساحة, بل كان له امتداد جغرافي أوسع عندما ذهب إلى الكويت, بالتحديد في مدرسة الرسول الأعظم , التي كان يديرها المرحوم آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي (طيب الله ثراه), وكان لسماحة الشيخ دور كبير وريادي في رفد الحركة الدينية هناك, ثم انتقل إلى دمشق, وقرب المرقد الزينبي كانت له جهود استثنائية شكلت حضور متقدم للدفاع عن الإسلام والمذهب, وعن كل القيم الإنسانية، وهذه المحطات ومواقع العمل, كانت تشكل احد أهم القراءات الإسلامية الرائدة التي استطاع الشيخ الصفار أن يحولها إلى ورشة عمل في مقدمتها الوحدة الإسلامية، فإن هذه الظروف صنعت منه شخصية توافقية يحب الكل، وينظر للمسلمين من مسافة واحدة، ولديه القدرة على صنع الكلمة القادرة على الجمع وليس التفريق، والواقع يثبت ما حصل في المملكة العربية السعودية من تغيير مواقفها، والنظر إلى أبنائها نظرة واحدة، وهذا الأمر جاء بجهود كبيرة شكلت جهود سماحة الشيخ الأهم فيها، وكان الشيخ من أوليات عمله يركز على أكثر الأمور الاجتماعية من خلال بناء الشخصية الإسلامية، وكان يحرص أن يجد فرص عمل لأكثر الشباب، وكان يركز على الجانب العلمي، وكان يدافع عن الإسلام والمذهب بشكل واعي جدا، كما حدث في رده على الداعية الشيخ القرضاوي الذي تهم الشيعة بغزو البلدان السنية، حيث انتقد القرضاوي بروح واعية، ومن خلال الدليل والعقل، واضعا الكرة في ساحة الشيخ القرضاوي بطريقة حضارية لم يختلف عليها العقلاء، بعيدا عن السب والشتم، والطرق الغير حضاريه، التي تزيد الأمور بعداً و تعقيداً، وهنا بات من الضروري الحفاظ على البيت الإسلامي من خلال أحياء مفاهيم الوحدة، وبيان محورها والتذكير بآثارها، مع التأكيد على وحدة الأصل والمسير والهدف، وغرس روح التضحية والأخلاق، وهذه من أهم العناصر التي تبعد الأمة من التمزق والتفرقة والشقاق، وكان سماحته يحرص على تربية النفوس على أسلوب المحاورة البناءة إذ هي الطريقة الوحيدة لتقوية العلاقات بين المسلمين، وتشكيل رؤية موحدة لقراءة التاريخ والحضارة.