الحوار والانفتاح على الآخر
دراسة موضوعية لقضية من قضايا المجتمعات
تعتبر ثقافة الاختلاف من الثقافات التي يجب أن يؤمن بها الجميع؛ حتى يتعايشوا في وحدة متكاملة تكمل بعضها البعض؛ لتصل بسفينة الوطن لمرافئ الأمان، ويتحقق الإنجاز تلو الإنجاز، وتتكامل البنية الاجتماعية وتنمو اللحمة بين جميع أبناء الوطن.
ويعتبر كتاب الشيخ حسن بن موسى الصفار، من الكتب التي تتناول هذه المواضيع، بالبحث والتحليل والتأطير؛ للإحاطة بكل القضايا التي تتصل بالحوار، تلك القضايا التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في أي حوار يؤسَّس له وعلى أي مستوى أُريد به أن ينعقد.
قدم للكتاب عبد الجبار الرفاعي، وبدأ الشيخ كتابه في تشخيص الداء الذي أصاب مجتمعاتنا وسبب لها التخلف، حيث أرجع ذلك للعزوف عن الانفتاح على الآخر، وغياب الحوار بين القوى والأطراف المختلفة في مجتمعاتنا، مرجعاً عدة عوامل لهذه الحالة المرضية، فالعامل التربوي هو الأول ـ كما يقول المؤلف ـ حيث تزرع العائلة في نفوس أطفالها الحذر من الآخرين بشكل مبالغ فيه، وتمارس معهم أسلوب الأمر والزجر دون إعطائهم فرصة للتفكير والنقاش، وكذا المناهج الدراسية التي تعتمد أغلبها على طريقة التلقين.
وكذا التوجه الديني الذي يعتمد على الحدية والتطرف تجاه الآخر، وعلى الصعيد الاجتماعي تتمايز التكتلات والانتماءات إلى حد القطيعة والتنافر، ويصبح التواصل مع الجهة الأخرى لوناً من الخيانة للجماعة.
كتاب تتسلل عباراته منسابة من نهر متدفق للشيخ؛ ليسقي المجتمع به ويروي ظمأهم وتساؤلاتهم، ويضع يده على مكمن الداء في المجتمعات ليشخص المرض ويكتب وصفته العلاجية التي لا بد لصرفها أن تتضافر جهود كل المجتمع بقده وقديده لإزالة هذا المرض ليكون المجتمع أسرة واحدة رغم كل الاختلافات، ويعيش المجتمع كل المجتمع في سلام تربوي واجتماعي وسياسي تحت مظلة حكومتنا أيدها الله. وقع الكتاب في مئة واثنتين وتسعين صفحة، قسمه المؤلف إلى خمسة عشر فصلاً جاءت ضمن التسلسل التالي : الانفتاح على الرأي الآخر، الفكر بين الموضوعية والانحياز، الحوار للمعرفة والسلام، مهارات التفاوض والحوار، أخلاقيات الحوار، التعصب والعصبية، منطلقات التجديد، سمات وصفات الإبداع، تقدير الكفاءة والإبداع، التدين والتعقل، الحالة الدينية ومرض الغرور، الكنيسة تاريخ من الظلم باسم الدين، اللقاء الوطني للحوار الفكري، ثقافة الوحدة والحوار، التقريب بين المذاهب الإسلامية إنجازات وعوائق.
ويتناول المؤلف في كتابه عناوين جريئة محاولاً تفكيك طلاسمها، وتوضيح غموضها، ويتجلى ذلك في تناوله معنى وتعريف التعصب، وتقسيمه، والتعصب والعصبية في النصوص الدينية، متسائلاً كيف نواجه التعصب؟ وما هي الاتجاهات العصبية وخطورتها؟ وهل ينتج الدين تعصباً؟
وفي رأيي إن الكتاب استجاب وناقش تساؤلات تطرح في كل نادٍ حول هذا الموضوع، فهل يفيد التعصب أي مجموعة واتجاه ما سواءٌ أكان هذا الاتجاه دينيا أم سياسيا أم فكريا أم غيره، في ظل عصر العولمة والتكتلات، قطعاً سيكون الجواب لا فسياسة إقصاء أي طرف لطرف آخر من الخطأ بمكان، كل هذه التساؤلات يتناولها الشيخ حسن الصفار في هذا الكتاب. وقد اعتمد المؤلف على ثمانية وأربعين مصدراً، ما بين كتب فكرية وتربوية وحديث ومجلات وغير ذلك.
«لقراءة الكتاب اضغط هنا»