تعزيز ثقافة التسامح وقبول الرأي الآخر
الكتاب: الآحادية الفكرية في الساحة الدينية
الكاتب: حسن موسى الصفار
الناشر: بيروت، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2008
يتناول هذا الكتاب قضية الحاجة الماسة في ما بات يسمى "الساحة الدينية" في الوطن العربي، الى الاعتراف بحق الاختلاف بين مختلف أتباع المدرسة الفكرية والدينية والمذهبية، وتعزيز حرية الرأي في ما. على هذا الأساس، يدعو المؤلف، في مناقشاته، الى وجوب رفع الصوت عالياً ضد الارهاب والقمع الفكري، ومحاولات الهيمنة، وفرض الوصاية على عقول الناس باسم العقيدة والدين.
يعالج المؤلف هذه المسألة الحيوية من زاوية أن النصوص المنقولة هي المصدر الأساس لمعارف الدين وتعاليمه. غير أن النص قد يحتمل، في هذا السياق، أكثر من قراءة وتفسير. وأوضح شاهد على هذا، اختلافات المفسرين في معاني عدد وفير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، يضيف الكاتب، في هذا الاطار، انه اضافة الى تعدد قراءات النص، على مستوى الفهم والمعنى والتأويل، ثمة اختلاف في تقويم ظروف النص أو طرق وصوله، كما هي الحال في أحاديث السنة النبوية الشريفة والروايات الواردة عن أئمة أهل البيت وأعلام الصحابة، ووقائع السيرة والتاريخ.
من الطبيعي، والحال هذه، أن يؤثر تفاوت المستوى العلمي واختلاف البيئات الثقافية والاجتماعية، وتنوع زوايا النظر ومنطلقات البحث، وحتى التكوين الذهني والنفسي لكل باحث، في فهم المسائل وتحديد المواقف. لذلك، أصبح اختلاف العلماء والباحثين في القضايا الدينية أمراً معروفاً، ويعد عنصر إثراء، على الأرجح، للمعرفة الدينية، وتكريساً لحرية الاجتهاد والرأي. ومع ذلك، يرى المؤلف أن دافع التنافس على الكسب الاجتماعي، أمر من شأنه أن يحول الاختلاف في بعض المسائل الدينية الى صراع ونزاع وفراق. وهذا هو الداء الأخطر الذي تعاني منه الساحة الدينية إذا جاز التعبير. إذ قد تحتدم التوترات المذهبية وتشتد الصراعات بين المدارس والتيارات الفكرية، وأيضاً بين أتباع المرجعيات والقيادات الدينية والمذهبية. تستعمل فيها أدوات خطيرة وممجوجة مثل فتاوى التكفير والتبديع والتضليل وإسقاط الشخصيات وإهدار الحقوق وهتك الحرمات. تنطلق هذه النزاعات، وفقاً للكتاب، من دوافع مصلحية، على الأغلب، يكون فيها اختلاف الرأي مبرراً، إذ يدفع المجتمع ثمناً باهظاً من وحدته وانسجامه بسبب تلك النزاعات. وقد تحصل حالات من الخصوصية والعداء حتى بين الأقارب والأرحام، فيشكك بعض هؤلاء في بعضهم الآخر، وقد يتقاذفون بتهم الانحراف والضلال. ويخلص الكاتب الى القول بأننا في أمس الحاجة، في مجتمعاتنا العربية والاسلامية الى الاعتراف بحق الاختلاف والدفاع عن حرية الرأي ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر، إضافة الى ترشيد الحراك الفكري والثقافي في الوسط الديني ليكون في إطار الاختلاف المشروع الذي يثري المعرفة ويضيء الطريق الى الحق والصواب بعيداً عن أساليب البغي والعدوان.
يتضمن الكتاب الفصول الآتية: إدارة الصراع الفكري (المواجهة الفكرية، مرض الساحة الدينية)؛ قضايا العقيدة والتواصل المعرفي؛ كيف نقرأ التراث؛ المجتمعات والأفكار الجديدة (المثقف ومسؤولية الجهر بالرأي، نعم ننقد تاريخنا)؛ الفكر الاسلامي بحاجة الى التجديد في كل زمان.
يقع الكتاب في 112 صفحة من القطع الصغير.
«لقراءة الكتاب اضغط هنا»