شراكة شيعية سلفية.. في الكويت!
هل يمكن الاتفاق وعقد شراكة شيعية – سلفية في الكويت؟! كما في لبنان حيث احتوت وثيقة التفاهم بين حزب الله والسلفيين على الامتناع عن التحريض وتهييج العوام لان ذلك يساهم في اذكاء الفتنة، والسعي بجد وجهد للقضاء على الفكر التكفيري الموجود بين السنة والشيعة.
وثيقة التفاهم التي تم توقيعها بين حزب الله في لبنان وبعض التيارات السلفية هناك، هي خطوة مهمة لتجسير العلاقة (المستحيلة) بين أشد المختلفين بين الطوائف الإسلامية، فالفتنة الطائفية التي تطل برأسها بين الحين والآخر تتغذى عادة على الصراع المحتدم بين الطرفين، سواء في لبنان او في أي بقعة من عالمنا الإسلامي.
كسر جمود العلاقة بين الأطراف المختلفة في الوطن الواحد، يحتاج الى الكثير من الشجاعة، وهو لا يتطلب التنازل عن المطالب والحقوق والمعتقدات، بل الى قدر من الجرأة والتقدير للمشتركات، وهي كثيرة وان يحاول البعض من المتشددين في أطراف النزاع إلى اختصارها وتضييقها.
وأذكر هنا أن الشيخ حسن الصفار (بالسعودية) كتب قبل سنتين تقريبا كتابا أسماه (نحو علاقة أفضل بين السلفيين والشيعة)، وهو موضوع من الجرأة ما يكفي لأن يعترض عليه بعض أقرب المقربين منه، مع ذلك فانه خاض غمار هذا الموضوع الشائك، وفتح أذرع الحوار الشيعي باتجاه التيار الذي يعد الأبعد عنه وخاصة في المملكة العربية السعودية.
ولعل مشاركة الشيخ الصفار في ملتقيات الحوار الوطني التي رعاها ويرعاها خادم الحرمين الشريفين، هو الطريق الذي فتحه الصفار للحوار مع الآخر، وهو استطاع بهذا الفتح أن يزيل الكثير من الشكوك والظنون والإشاعات والأخبار المدسوسة لدى العقل الآخر، والتي شكلت في مجملها الجبهة التي حاصرت أبناء الوطن الواحد في كانتونات مستقلة عن بعضها البعض!
في الكويت، من يقرأ صحفنا اليومية، يجد أصحاب الرأي في الجبهات المختلفة تتقاتل على أبسط الأمور، ومن يدقق النظر في ما يكتب نجد أنفسنا أمام متاريس محصنة بالمواقف المسبقة، والفهم الخاطئ والظنون والشكوك، وكثيرا ما تحال المشاريع الوطنية وخاصة الإصلاحية إلى المهاترات والمزايدات التي تنتهي في الأخير الى اللاقرار واللاتفاهم!
هذه الظاهرة ليست جديدة على الكويت، ولكنها في واقع الأمر اصبحت أكثر حدةّ وأكثر تشددا، والسبب سيادة ثقافة إقصاء وإلغاء الآخر، والتي جعلت الآخر في الطرف المقابل يتحصن ويتخندق حتى لا يخسر كل شيء، ولا يفقد حقوقه التي أثبتها الدستور، وكرستها الممارسة الديموقراطية خلال العقود الماضية.
معقول! يمكن عقد شراكة شيعية – سلفية في الكويت؟!
هل يمكن الاتفاق كما في لبنان حيث احتوت وثيقة التفاهم بين حزب الله والسلفيين على الامتناع عن التحريض وتهييج العوام لان ذلك يساهم في اذكاء الفتنة، والسعي بجد وجهد للقضاء على الفكر التكفيري الموجود بين السنة والشيعة، وان كل جهة حرّة فيما تعتقد ولا يحق لأي جهة ان تفرض فكرها واجتهاداتها على الجهة الأخرى، وبحث نقاط الخلاف بين المذهبين داخل لجان تضم علماء الطرفين..
حلم معقول، ولكن الواقع غير معقول.. فنحن بحاجة لثقافة (شركاء في الوطن) و(شركاء في الهم العام) و(شركاء في الإصلاح)، لا أن تعتبر كل فئة أو حزب أو تيار ما يقوم به هو الصحيح فقط والآخرين كلهم على باطل، وهي عقلية عملت عبر الزمن على تغذية المتطرفين في الجبهات المتنافسة والمتصارعة، فأصبح صوتهم يعلو على كل الأصوات، ولا صوت يعلو على صوت البندقية!