شخصية المرأة بين رؤية الإسلام وواقع المسلمين
ضمن السيل الثقافي الهائل الذي يصدر عن فضيلة الشيخ حسن بن موسى الصفار، صدر له كتاب يتناول شخصية المرأة في المجتمع المسلم المعاصر، وهو رؤية لموقع المرأة في جوانب كثيرة من حياتها، يقع هذا الكتاب في 154 صفحة، من القطع المتوسطة، جاء في طبعته الثانية.
يعالج الكتاب موروثاً وتقاليد عند بعض الناس في مجتمعاتنا تجاه المرأة، حيث لا تزال بعض الأوساط تنظر للمرأة وكأنها أقل قيمة من الرجل، وأنها دونه رتبة وفضلاً، وعليه يجب أن يكون الرجل دائماً في المقدمة، وصاحب الرأي والأمر، ويجب ــ حسب مفهوم هؤلاء ــ أن تبقى المرأة تابعة خاضعة، لمجرد أنها خلقت أنثى.
تناول فضيلة الشيخ في هذا الكتاب المرأة من عدة عناوين، حيث بدأ كتابه بالتحدث عن المرأة حين تفوق الرجال، وبين أن معايير التمايز بين الرجل والمرأة في الإسلام ثلاثة هي: التقوى والالتزام بمنهج الله تعالى وأمره. فالأوفر حظاً هو الأقرب لله من أي عرق كان ذكراً كان أم امرأة، والمعيار الثاني هو العلم وهو ميزة الإنسان عمن سواه من المخلوقات، فمن كان أكثر نصيباً من العلم يصبح أكثر أهلية وجدارة، وثالث المعايير العمل، فإنجاز الإنسان وفاعليته في طريق الخير، هي التي تحدد موقعه في الدنيا، ومكانته في الآخرة، وأبان فضيلة الشيخ: إن الإسلام جعل معايير التمايز والتفضيل اختيارية مكتسبة، يمكن لأي إنسان اكتسابها والحصول عليها بمقدار سعيه وجهده ثم التميز بها. وأن فرص التقدم أمام المرأة في الإسلام مفتوحة والطريق مشرع للسباق والتنافس على الخير، وبإمكان المرأة كالرجل أن تشمر عن ساعدها وتستنهض قدراتها وإمكاناتها؛ لتحرز أكبر قدر من التفوق وتحقق أعلى الدرجات، وليست هناك مساحة في السباق خاصة بالرجال دون النساء. مبيناً سماحته أن الأنوثة لا تمنع التفوق فالتسابق يعتمد على أمرين الإرادة وقابلية المعرفة، والإرادة والعقل منحتان إلهيتان للإنسان ذكراً كان أم امرأة. واستعرض سماحة الشيخ نماذج نسائية رائدة في التفوق، فقد سجل التاريخ شخصيات نسائية برزت في مجتمعاتها، وتفوقت بمواصفاتها النبيلة والتزامها الإيماني، وعطائها العلمي على معاصريها الرجال واستشهد بامرأة فرعون وبلقيس ملكة سبأ، كما استشهد بمحدثات فقيهات يعلمن الرجال أصول الدين والفقه فالسيدة نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام كانت دارها مزاراً لكبار العلماء في عصرها، يجلسون إليها ويستمعون منها، ويناقشون مسائل العلم معها، وكانت الفتوى تخرج من بيت فاطمة بنت محمد السمرقندية وعليها خطها وخط أبيها، ولما تزوجت صارت الفتوى تخرج من بيتها، ومن أشهر المحدثات حفصة بنت سيرين أخت محمد بن سيرين، وكذلك كريمة بنت أحمد بن محمد المروزية، وكانت ست الوزراء بنت عمر بن سعد المنحّا تسمع الناس الحديث بدمشق وأخذ عنها أكثر من تسعين عالماً ومحدثاً.
وبين أن العلم فريضة على المرأة كما هو على الرجل، وعليه فيجب عليها التعلم في شتى العلوم والمعارف التي تتوقف عليه حياة الإنسان الدنيوية ومصيره الأخروي، وأن المراتب والمناصب القيادية ليست مقصورة على الرجل بل للمرأة نصيب منها، حتى أن الله اصطفى نساءً كمريم بنت عمران عليهما السلام، و لفاطمة الزهراء ابنة النبي محمد مقام الريادة والحجة الشرعية على الناس رجالاً ونساء، وقد كان بعض الصحابة يرجعون لأمهات المؤمنين في بعض ما استشكل عليهم من المسائل الدينية. وإذا ما امتازت المرأة بسمات معينة كالثقة بالنفس والتعبير عن الذات، والدفاع عن المصالح، تكونت عندها قوة الشخصية، فتكون مهابة الجانب كمهابة الرجال.وعدد سماحة الشيخ مصادر قوة الشخصية للمرأة وهي: التربية السليمة، والوعي بالدين والحياة، والاحترام والإشباع العاطفي، وختم سماحته كتابه بسرد لشخصيات عظيمة، وأمهات عظيمات، وقد اعتمد الكتاب على واحد وخمسين مصدراً، كتاب يعطي صورة ناصعة واضحة جلية عن النظرة الإسلامية للمرأة، ويبرّىء الإسلام من ممارسات بعض المجتمعات تجاه المرأة.
«لقراءة الكتاب اضغط هنا»