ردًا على بيان الـ 22 عالمًا الذين هاجموا المذهب الشيعي
حرب البيانات تشتعل بين السنة والشيعة في السعودية
أصدر رجال دين شيعة بيانًا ردًا على البيان الذي أصدره 22 عالمًا وداعية سعوديون من السنة، في وقت سابق، هذا الشهر، هاجموا فيه مبادئ المذهب الشيعي ولا سيما ما يقوم به بعض من إعلان بغض الصحابة أو القول بعصمة الإمام علي والأئمة الاثني عشر، وقال البيان الشيعي إن البيان السني يدل بالتأكيد على أنهم يعانون من عقد نفسية، في الوقت الذي التقى فيه رجل دين سني عددًا من قادة الأقلية الشيعية في السعودية الشهر الماضي في محاولة لفتح أبواب حوار قد ينهي العزلة مع الآخر، شكـّل منعطفات جديدة على الخارطة الاجتماعية السعودية بين الفرقاء السنة والشيعة، على الرغم من تبني العاهل السعودي لمشروع حوار الأديان والمذاهب والدعوة إلى عقد لقاءات وقمم بين الربانيين في شتى أصقاع الأرض.
ويأتي التصعيد الجديد ليخلق تساؤلات عديدة عن النتائج التي ستؤول إليها هذه النوعية من البيانات التي تحمل في طياتها تراشقًا قد يفضي إلى حالة احتقان شعبي بين أبناء الطائفتين، تساهم في تقويض وتشتيت الجهود الحكومية الرامية إلى الإصلاح وتقريب وجهات النظر ويقول أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور خالد الدخيل لـ"إيــلاف" إن الاحتقان طائفي في المنطقة موجود من الأساس، وأنها قضية قرون كانت أحد إفرازاتها غزوة حزب الله لبيروت، مشيرًا إلى أن سياسة البيانات المتبادلة أو أي إقصاء للآخر لا يخدم مصالح الوحدة الوطنية.
ويضيف أن أحد أسباب الاحتقان بين أبناء الطائفتين نتجت عن الجفوة بين الطرفين وعدم تفعيل أدوات الحوار بما يخدم مصالح الوطن، مشيرًا إلى أن المجتمع في الوقت الراهن في غنى عن أي تراشق مذهبي يقود إلى توسيع دائرة الاحتقان الداخلي، مفيدًا أن الجانب الشيعي السعودي أكد على مبادئ الوحدة الوطنية وهو جانب ايجابي، وأن أي إقصاء لهم لا يخدم الوحدة الوطنية.
وأكد الدكتور الدخيل أن "أحداً لا يتملك حق مصادرة حق الآخر فيما اعتقده"، في ظل بروز تنظيمات وتكوينات اجتماعية وسياسية جديدة في الوقت الراهن تمزج التركيبات والطوائف تحت مظلة الدولة الواحدة، ومع التاريخ الذي يحمل بين دفتيه مضمون تسبب تداخل الدين والسياسة في تغذية السجالات والالتفافات الطائفية، منادياً بعدم "خلط الرؤى" بين الدين والسياسة الدولة، وأن الدولة بطبيعتها شأن دنيوي والشأن الأخروي بين الإنسان وربه.
وطالب بإيجاد حلول من بينها خروج صوت ثالث يضيف إلى الحوار ويأخذه بعيدًا عن السجالات الطائفية، وفصل السياسة عن الدين، بالإضافة إلى توسيع قاعدة الحوار والإصلاح التي ستحد من التراشق الطائفي الذي يقوض الوحدة الوطنية ولغة الحوار ويزيد الفجوة الاجتماعية والثقافية للطرفين.
وجاء في البيان الشيعي الذي تضمن أسماء 85 % من رجال الدين وقادة المجتمع الشيعي في المملكة أن "هذه النغمة الحادة تعبر عن صوت يأتي من أشخاص يعانون من عقد نفسية واعتمدوا المواجهة والاهانة كسياسة بالنسبة إليهم، وان هذا الصوت مسؤول عن المشاهد الدموية والحوادث التي هزت هذا البلد" في إشارة إلى محاولات القاعدة لزعزعة الأمن في السعودية، داعين في بيانهم "إخوتهم الذين جعلونا على خطأ التراجع عن فتواهم بعد أن وصفوا فيها المسلمين بالكفار، وضرورة إعادة قراءة الواقع الشيعي بطريقة مسؤولة" بحسب البيان الذي نشرت مقاطع واسعة منه وكالة رويترز.
وكان رئيس الدراسات المدنية في كلية الملك فهد الأمنية وأستاذ الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء وعضو المجمع الفقهي الإسلامي الدكتور محمد النجيمي أكد في وقت سابق أن زيارته إلى رجل الدين الشيعي الشيخ حسن الصفار، تهدف إلى تجسيد ملامح المواطنة بين جميع أطياف المجتمع السعودية، مشدداً على أن المرجعية الدينية المتمثلة في "هيئة كبار العلماء" هي المسؤولة عن إخراج الفتاوى، مشيرًا إلى أنه فتح باب الحوار على مصراعيه وأنهى بذلك باب العزلة مع الآخر.
وأطلق الناشط الاجتماعي السني مخلف الشمري دعوة إلى الصلاة يوم الجمعة في مسجد رجل الدين الشيعي الشيخ حسن الصفار في القطيف قبل نحو شهر، في محاولة شعبية لإذابة أطياف المجتمع السعودي في بوتقة وحدة الوطن، ونزع المذهبية وتناحر الأديان بين الشعوب. .
وأصدر نحو 20 عالمًا وداعية سعوديون في وقت سابق بيانا هاجموا فيه مبادئ المذهب الشيعي ولا سيما ما يقوم به البعض من إعلان بغض الصحابة أو القول بعصمة الإمام علي والأئمة الاثني عشر، قبل أن يصدروا بيانهم الثاني بعد أقل من أسبوعين يدعون فيه ولاة الأمر للتصدي لـ" مَنْ يريدون جر المجتمع السعودي إلى هاوية التغريب "، فيما رد عدد من المفكرين بأن البيانات تقف أمام "رياح التغيير والتطور والحضارة" التي يعيشها العالم في الوقت الراهن،وعدم تأثيرها على الصعيدين الرسمي والاجتماعي السعودي، وأنها محاولة جديدة لتثبيت المواقع على الخارطة السعودية، من خلال استخدام قضية مجتمعية وتمثل أخطر مرحلة للانشقاق في التيار الديني وتمثل إحراجا أمام الحكومة السعودية التي تتطلع إلى رسم الصورة الوسطية للمفهوم الديني في السعودية أمام العالم، وأن استمرار إصدار البيانات سيخلق احتقانًا داخليًا مؤثرًا، وسيولد "نارًا مشتعلة" فوق رماد أبناء الطوائف.