في محاضرة حول النقد الذاتي بين الفرد والمجتمع
الشيخ الصفار ضيف المنتدى الشهري الثقافي بالرياض
استضاف المنتدى الشهري الثقافي بالرياض سماحة الشيخ حسن الصفار وذلك مساء الثلاثاء الماضي. وتحدث الشيخ الصفار حول "النقد الذاتي بين الفرد والمجتمع " وأدار الندوة المهندس حسن مرزوق، وحضر الندوة نخبة متنوعة من مثقفين وإعلاميين وأكاديميين ومنهم الدكتور عثمان المنيع عضو حقوق الانسان والدكتور عبدالخالق ال عبد الحي عضو جمعية حقوق الانسان.
بدأ الشيخ الصفار حديثه منطلقا من قوله تعالى "أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا" بعد ذلك أعطى سماحة الشيخ حسن الصفار لمحة مختصرة عن معنى الآية وقال إن كل إنسان معرض أن يصدر منه الخطأ وذلك إما بسبب الجهل أو بسبب الغفلة، أو بسبب دوافع الأهواء والشهوات وهذا أمر طبيعي لكن غير الطبيعي أن ينظر الإنسان إلى عمله السيئ على أنه حسن، فقد يكون العمل حينما ينظر إليه الإنسان بموضوعية وتجرد واضح السوء، لكن هناك ظروفا وأسبابا تجعل الإنسان ينظر نظرة غير موضوعية فلا يرى السوء في عمله بل يرى أن ذلك العمل حسن. وأشار سماحته في حديثه إلى أن هذه الآية تنطبق انطباقا كبيرا على مايمكن تسميته بالممانعة من النقد الذاتي.
بعد ذلك تحدث المحاضر عن المجتمعات المتقدمة وآلية النقد عندهم وقال في معرض الحديث عنهم بأنهم يراجعون أفكارهم وممارساتهم على مختلف الصعد . وقال الصفار إن كل ذلك من أجل أن تتاح الفرصة لتسليط الأضواء على الخطأ ولتصحيح ذلك الخطأ. وأضاف الشيخ الصفار أن في كل المؤسسات الآن في العالم سواء الاقتصادية أو الشركات أوالجامعات هناك ورش عمل وهناك مؤتمرات وهناك منهجية معينة للمحاسبة وللمراجعة حتى تحولت في بعض المجتمعات إلى عادة دارجة حيث أغلب المؤسسات تضع صندوقا للمقترحات أو الشكاوي أو للملاحظات أو للانتقادات لذلك فإن في العالم وفي المجتمعات المتقدمة أصبحت مسألة المراجعة والتأمل والنقد مسألة طبيعية لكن في المجتمعات التي وصفها بأنها لاتسير في طريق التقدم فان هناك ممانعة للنقد.
وحول نظرة المسلمين للنقد قال الصفار إننا كمسلمين نتلوا آيات في القرآن الكريم مفادها التربية على النقد كقوله تعالى "وما أبرئ نفسي" وكقوله تعالى "قل لا تزكوا أنفسكم" وآيات كثيرة في القرآن وكذلك أصل عملية الاستغفار من الذنب وكأن الله يريد من الإنسان المسلم أن يجعل نفسه دائماً أمام المرآة لإمكان وجود خطأ أو ذنب عنده. والاستغفار هو ليس مجرد لفظة يقولها الإنسان وإنما هو قناعة في داخل الإنسان مفادها أن حياة الإنسان وسلوكه وتصرفاته معرضة للخطأ وأن عليه استدراك ذلك الخطأ. ومع وجود مثل هذه المفاهيم في الإسلام إلا أن الإنسان المسلم الذي يؤمن نظريا بأنه معرض للخطأ وأن عليه أن يعرض نفسه للمراجعة والمساءلة هذا من الناحية النظرية، لكن عمليا لو تناقشت معه حول عقيدة يعتقدها أو فكرة يرتئيها أو سلوك يسلكه أو نهج يسير عليه لكان من الصعوبة بمكان أن تقنعه بأنه على خطأ وكأنه يعتقد العصمة في نفسه. فلذلك تجد ممانعة للنقد على مختلف المستويات سواء الديني منها أو السياسي أو الثقافي أو غير ذلك.
وقال سماحته إن حالة الممانعة من النقد إذا استحكمت في مجتمع من المجتمعات فانها تعزز وجود الأخطاء في ذلك المجتمع وتمنع من التصحيح والتقدم والتطلع نحو الأفضل ولا تجعل المجتمع قادرا على مواجهة التحديات والصدمات. وقال إنه يعتقد أننا في هذا العصر ومع هذه التحديات الكبيرة التي تواجهنا إذا لم نمتلك الجرأة فإننا نحكم على أنفسنا بالمزيد من التخلف والمزيد من التدهور ، مشيرا إلى أن المجتمع ارتفع مستوى الوعي فيه والناس أصبحوا متعلمين وان هناك انفتاحاً عالمياً . وتفاعل الجمهور مع محاضرة الشيخ الصفار والتي كان لها مساس كبير في واقع المسلمين مما نتج عن ذلك الكثير من الأسئلة والمداخلات على المحاضرة وكانت إجابات سماحته وافية. وفي نهاية اللقاء قام المحاور بتقديم الشكر لسماحة الشيخ الصفار على تجشمه عناء السفر وعلى محاضرته القيمة التي غلبت عليها الشفافية والجرأة في الطرح.