في احتفالية ثقافية سعودية خليجية بمنزل الصفار
مائتا شخصية تنصت إلى هموم الوطن وتطلعات قضاياه في تكريم الخوجة
الصفار: نحن بحاجة لرؤية تتجاوز الماضي وتأخذ بنا للمستقبل
خوجة: الدين لله والوطن للجميع
فدعق: السياسة فرقت المسلمين إلى سنة وشيعة
عنقاوي: نحن بحاجة للوحدة في ظل التنوع
القاضي الدحيم: تعددنا الفكري وتنوعنا المذهبي مصدر قوتنا
دحلان: فخور بأداء أبنائنا الشيعة في مختلف المجالات
احتفى مساء الثلاثاء الماضي الشيخ حسن الصفار بالقطيف نخبة ثقافية سعودية وخليجية ضمت أطيافا مذهبية عديدة تكريما للوجيه البارز الشيخ عبد المقصود خوجة . ومن مستقبلي المحتفى به المهندس جعفر الشائب رئيس المجلس البلدي سابقاً بالقطيف . اللقاء الذي جمع نحو 200 شخصية دينية ومثقفة من الحجاز والشرقية والبحرين والكويت ،حيث كشف أبرز المشاركين فيه عن مشاعر مفعمة بالأخاء والوطنية وأهمية التنوع الفكري والتعددية المذهبية في البلاد .
ووصف الشيخ الصفار اللقاء الذي اداره شخصيا بأنه " يأتي تكريما لشخصية كبيرة خدمت الثقافة الوطنية بكل تنوعها عبر إثنينيته الأسبوعية الشهيرة على مدى 25 عاما ". مضيفا بأن " التواصل بين أطياف الوطن بتعدديته الفكرية وتنوعه المذهبي يكرس المشتركات ويقطع الطريق على المتصيدين في المياه العكرة ". كما تحدث عضو مجلس الشورى محمد رضا نصر الله بكلمة ترحيبية ضمنها قصيدة مؤثرة لفقيد القطيف الراحل عبد الله الجشي . ومن جهة أخرى شارك الشاعر الشاب محمد مهدي الحمادي عبر ثلاث قصائد مهداة للضيف والحضور والوطن هز فيها المشاعر وقاطعه خلالها الجمهور بالتصفيق مرارا ...تقدمها بكلمة ترحيبية للمحتفى به قائلاً : رجل بحجم مساحة الوطن الكبير ( يطوف خرائط المجد المخلد ) ينقش خطوة أولى على الدرب الطويل ".
من جهته قال ضيف اللقاء الأبرز الشيخ الخوجة " نعيش زمن التقريب بين الثقافات والأديان فضلا عن المذاهب وعلينا تفهم متغيرات العصر ". داعيا إلى استلهام النموذج الأوروبي والتجربة المسيحية في تجاوز زمن النزاعات الدينية والدموية . وذكر في ذات السياق " بأننا نعمل وفق أجماع الأمة ..وقد أجمعت دول العالم الإسلامي في مؤتمر مكة الاستثنائي على الاعتراف بالمذاهب الإسلامية الثمانية ". وأضاف " قبل ذلك نحن مجبورون على اتباع قول الله تعالى " إنما المؤمنون أخوة " مستعيرا المقولة الشهيرة " الدين لله والوطن للجميع ". وحرص خوجة على تقديم واجب العزاء في الشاعر الراحل عبد الله الجشي الذي وصفه بـ " القامة الشمخاء والقيمة العلياء ..العلامة في شعره وأدبه ". وبإعجاب لافت تنبأ للشاعر الحمادي بأن يصبح " الجشي الثاني ".
وفي مداخلته على هامش التكريم شدد الكاتب عبد الله فراج الشريف على مبدأ الأخوة الإسلامية الذي يجمع السنة والشيعة . وتحدث السيد عبد الله فدعق " يبقى أن يحمل كل منا المودة والمحبة للآخر حتى لا نعطي أيا كان فرصة للوقيعة بيننا ..هذا التسامح هو ما يحفظ للوطن أمنه ووحدته ". كما أشار المهندس سامي عنقاوي في مداخلته إلى حاجة المجتمع السعودي للايمان بمبدأي الوحدة والتنوع ..لافتا إلى أن أوج تألق الحضارة الاسلامية ارتبط بالانفتاح على التنوع فيما ارتبط الانحطاط بزمن الاستبداد والانغلاق . وقال القاضي السابق بالمحكمة الشرعية بمنطقة الليث الشيخ محمد الدحيم اعتبر التعدد الفكري والمذهبي في الساحة السعودية مصدرا للقوة والنشاط على حد وصفه . مضيفا " ينبغي أن ندرك متغيرات العصر وتحولاته المتسارعة، وذلك ما يستوجب منا روحا أخرى تتجاوز الكثير مما كنا عليه أو فرض علينا فرضا .. ولدينا القدرة وقد أنجزنا الكثير ". وضمن مداخلته السيد عبد الله فدعق على أن غاياتا سياسية بالدرجة الأساس تقف خلف تاجيج الخلاف السني الشيعي وأن هناك من يؤجج هذا الخلاف بتصويره على أنه حربا مذهبية . ووجه العتاب لاخوانه السُنة على " تقصيرهم الكبير " في الاطلاع على المذهب الشيعي .
مشيرا إلى أن " التشيع مذهب فقهي وأن الشيعة مسلمون ..هكذا علمنا اساتذتنا وعلماؤنا بجوار البيت الحرام ". وأردف يقول نجتمع مع الشيعة على أساسيات الدين ونختلف في بعض الجزئيات، نؤمن بالتعددية والتنوع . الجفاء والقطيعة أضرا بنا جميعا . وقد شهدت الأمسية حضورا حاشداوقال عضو مجلس الشورى عبد الله صادق دحلان " لا ولن نقبل باي تفرقة في هذا الوطن وأي تجاوز من أي كان فلا يمثل إلا نفسه ". وأبدى دحلان فخره بأداء أبناءالشيعة في مختلف الميادين في " الشورى " وفي ارامكو ومختلف قطاعات العمل . مضيفا بأن " تاريخ القطيف والمنطقة لن يمحى مهما قيل من قبل الحاقدين ". ودعا للانفتاح على أطياف الوطن بالقول " دعنا نضع أيدينا بأيدي بعض، لن نقبل التجزءة ولا الاختراق، لا تقبعوا في أماكنكم ". من جهته طالب العميد السابق بكلية الطب في أبها الدكتور زهير السباعي باحترام حالة الاختلاف مطالبا بضرورة الاستفادة من الاختلافات الفقهية لمزيد من القوة بوجه الأعداء " فيما شارك عميد كلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة الدكتور جميل مغربي بمداخلة متميزة اضفت على اللقاء جوا من الطرافة واثارت ضحك وتصفيق الحضور . وضمن مغربي مداخلته مواقف ضاحكة عكست جانبا من التسامح في العلاقة السنية الشيعية . واكد الوزير الكويتي السابق الدكتور عبد الهادي الصالح اشار في مداخلته إلى تطلع أبناء الخليج لتجربة التقارب التي يقودها رموز الشيعة والسنة في السعودية . مشيرا إلى أن نجاح هذه التجربة هو بالتأكيد نجاح لنا جميعا لما لها من انعكاس على كامل دول المنطقة .
هذا والقى الكاتب المعروف خليل الفزيع كلمة مكتوبة اشاد فيها باللقاء واشار إلى أهمية الوقوف بوجه التيارات المتطرفة التي أضرت بالوطن على حد تعبيره . الحمادي ألهب الحضور بقصائده المميزةالوجيه القطيفي البارز الشيخ سطام الخالدي من جهته أشاد بتجربة التعايش السلمي الذي مضى عليه أبناء السنة والشيعة في محافظة القطيف منذ مئات السنين . وأضاف " طوال تاريخ المنطقة لم نشعر بأي نوع من الفروق المذهبية التي تتحدثون عنها ."ولاطف السادة المتحدثين بلهجة دارجة " كبرتوها شوي يا جماعة ". وفي مداخلة مقتضبة للدكتور توفيق السيف طالب خلالها بترجمة الآراء والأقوال التي وصفها بـ " الرومانسية " إلى افعال تلامس هموم الناس الحقيقية من قبيل التمييز المذهبي وتفاوت معدلات التنمية والمستوى المعيشي . وكان مسك الختام تواشيح نبوية القاها على مسامع الحضور المنشد الشاب علي الشايب أعقبها مأدبة عشاء على شرف الضيف والوفد الحجازي الزائر .
اللقاء الذي شكل مناسبة وطنية بإمتياز " التقى فيها الماء بالماء " في اشارة للبحر الأحمر والخليج وفقا للدكتور مغربي حضره نخبة واسعة من المهتمين بالشأن العام من أنحاء المملكة والخليج . ومن الشخصيات المشاركة قاضي المحكمة الجعفرية بالأحساء الشيخ حسن بوخمسين على رأس وفد أحسائي وقاضي المحكمة الجعفرية بالقطيف الشيخ علي المحسن وأعضاء المجلس البلدي بالقطيف وأعضاء بغرفة التجارة بالمنطقة الشرقية . كما شارك في اللقاء مدير تعليم المنطقة الشرقية عبد الرحمن المديرس . ومن البحرين شارك وفد علمائي رأسه الشيخ البارز أحمد العصفور، فيما كان الوزير الكويتي السابق عبد الهادي الصالح والوجيه كاظم عبد الحسين على رأس وفد كويتي .