"الجشي" والشعر والوحدة الوطنية وهموم الوطن وتطلعاته قضايا ناقشها مفكرون ومثقفون في أمسية نادرة التكرار
250شخصية وطنية وخليجية تجتمع في منزل الشيخ حسن الصفار
"... رجل بحجم مساحة الوطن الكبيرء (يطوف خرائط المجد المخلدء) ينقش خطوة أولى على الدرب الطويلء". بهذه الروح الشعرية التي رحب فيها الشاعر محمد الحمادي بنجمها الشيخ عبدالمقصود خوجه والشخصيات العلمية الثقافية التي رافقته انطلقت مساءأول من أمس (الثلاثاء) الندوة التي جمعت نحو 250شخصية وطنية وخليجية في مكتب الشيخ حسن الصفار في محافظة القطيف. والتجمع الوطني الكبير بشخصياته التي حضرت وصفه مثقفون حضروا اللقاء ب "النادر جدا"، إذ من النادر أن تجتمع وجوه بارزة في مكان واحد وزمن واحد، ما استدعى من بعض المتداخلين التعليق ب"أن هذا هو الوضع الطبيعي الذي يجب أن يستمر في كل مناطق الوطن الكبير". وعلى رغم من التواضع الكبير الذي بدا على المحتفى به (خوجه) بشأن ما احتوته قصيدة الحمادي "رجل بقلب آخر"، والتي خصه بها، إلا أن عريف الحفل الشيخ حسن الصفار رأى أن من الطبيعي أن يعبر الشعراء والشباب ورجال الوطن عن حبهم وتقديرهم للشخصية الوطنية التي عرفت على مدى الوطن من أقصاه إلى أقصاه.
والحفل الذي حضره نحو 450شخصا بينهم أعضاء في مجلس الشورى، ووزراء خليجيون، وقضاة ورجال دين تميز بالتلقائية والعفوية، والقى فيها عدد من المفكرين كلمات شددت على الوحدة الوطنية، ودعم مبادرة خادم الحرمين الشريفين التي طبقت في جلسات الحوار الوطني، مذكرين بمنهجه الداعي للاعتدال والوسطية والنهي عن التطرف الفكري وغير الفكري.
وأوضح الشيخ حسن الصفار أن الاجتماع يأتي ضمن سياق طبيعي ومطلوب، موضحا أن هذه الوجوة الطيبة قدمت من أرض الحرمين الشريفين كي تلتقي أخوانها في محافظة القطيف، مشيدا بحياة الشيخ عبدالمقصود خوجة، إذ قال: "إن إثنينية هذا الرجل وعلى مدى 25عاما دأبت على تكريم وتبني مفكري البلاد ورجالاته، وهذا يحسب لها"، مضيفا "أصدرت الإثنينية 150مجلدا لأدباء البلاد الذين يقطنون مختلف مناطق البلاد"، منوها إلى أن خوجه تبنى طباعة المجموعة الكاملة للشاعر العربي الكبير المرحوم عبدالله الجشي الذي فارق الحياة الأسبوع الماضي. وشدد القاضي السابق الشيخ الدكتور محمد الدحيم على أن الوضع الطبيعي يكمن في الالتقاء والتقارب بين أبناء الوطن الواحد، وأن غير الطبيعي هو التطرف والبغضاء، منتقدا المتطرفين الذين لا يؤمنون بالتعددية التي هي صفة بشرية أودعها الله في الناس.
وقال: "ينتظر منا العالم شيئا كبيرا لأن ديننا ورسالتنا كبيران"، مضيفا "من هنا فإن مسؤوليتنا تحتم علينا أن نكون في حال من القوة وتجاوز حالة التشرذم التي تصيب الأمة الإسلامية". ودعا السيد عبدالله فدعق إلى ردم الفتنة بين المسلمين كي يتمكنوا من إيجاد القوة التي تتعزز من خلال الوحدة في الدين والوطن، وأضاف في مداخلته "إن جميع من يسكن بلدنا مسلم ويؤمن بالله واليوم الآخر"، مستدركا "هناك خلافات فقهية بالامكان التناقش فيها مع إبقاء الود والاحترام بين الجميع". وفضل عضو مجلس الشورى محمد رضا نصرالله الحديث عن رحيل الشاعر عبدالله الجشي الذي فرضت وفاته جوا حزينا على الحضور، وقال في حقه: "إنه شاعر فقده الوطن"، ملقيا قصيدة قديمة جدا تغنى بها الجشي في الوطن، وعن خوجه قال نصرالله: "نستقبل هذا المساء شخصا قدم للثقافة العربية العديد من الصور التي تجسد المشاركة الحية في تأسيس المجتمع المدني المراد إطلاقه في بلادنا"، مشيرا إلى أن اللقاء يشكل لوحة فسيفسائية شاركت فيها وجوه مختلفة التوجه من مختلف مناطق البلاد. أما الشيخ المحتفى به عبدالمقصود خوجه، فقال: "كنت أتمنى أن أكون بينكم في غير ما نحن فيه". في إشارة منه لفقد الشاعر الجشي، وتابع بقوله: "إن فقدتم رجلا من الرجالات الذين يعتز بهم الوطن، فإن وطننا سيعوض خسارته بكل تأكيد"، مضيفا "ما سمعناه شعرا من الشاعرالشاب محمد الحمادي يشير لهذا التعويض".
إلى ذلك ألقى عدد من الفكرين والباحثين في مجالات مختلفة كلمات مقتضبة، بينهم عبدالله فراج الشريف الذي تحدث عن التواصل التاريخي بين أهل الحجاز والقطيف، وسامي عنقاوي الذي تناول تنوع الحضارة الإسلامية، وخليل الفزيع الذي شدد على ضرورة الوقوف ضد تيارات التطرف الديني، فيما تحدث توفيق السيف عن وطنين في وجدان المواطن، الوطن الرومانسي الذي رآه شعرا في قصيدة الحمادي "تقاسيم في حضرة الوطن" التي ألقاها كمقطوعة مستقلة، والوطن المادي الذي يهب الحقوق لمواطنيه ويهبونه حقه، مؤكدا على أن أكثر ما تعانيه الشعوب يكمن في الوطن المادي.
أما الوزير الكويتي عبدالهادي الصالح، فقال: "إن مشروع الحوار الوطني مبادرة طيبة أطلقها خادم الحرمين الشريفين، وهو ورقة تقف ضد الأفكار التي لا تريد الوحدة في بلدانها"، مشيرا إلى أن هذه التجربة محل تقدير واحترام أهل الخليج العربي، وأضاف "تطرقت للحوار الوطني السعودي في إحدى ندواتي، وطالبت أن تعمم الفكرة لدينا"، مشددا على أن نجاح فكرته تقع عليكم، إذ سينعكس نجاحه على تطبيق الفكرة في دول مجلس التعاون الخليجي.