يدعو إلى ميثاق شرف إسلامي لتجاوز الصراعات المذهبية
حسن الصفار..الطريق إلى احتواء الشيعة في السعودية
"البناية التي تفقد القواعد الثابتة والأسس الرصينة في جوف الأرض تكون مهددة بالانهيار والتحطم، ولا يطمئن الإنسان بالجلوس داخلها". تعكس مقولة الشيخ حسن الصفار - أحد رموز الشيعة في السعودية - بعضا من طبيعته الشخصية، وتكشف عن أسلوبه الحياتي ومنهجه العلمي في تناول المسائل والقضايا الشائكة، فقد ساهم في تكوين الرجل وانفتاحه على الآخر مجموعة من العوامل البيئية والتكوينية ارتبطت في الغالب بالمناخ الذي تربى فيه، والمعلمين الذين تتلمذ عليهم، ناهيك عن قناعته الشخصية وإيمانه بالإنسان بغض النظر عن اعتبارات الجنس أو اللون أو الدين.
ولد حسن الصفار سنة (1377هـ ـ 1958م) في مدينة القطيف، وهي مدينة عريقة من المدن الرئيسية في المنطقة الشرقية من السعودية. وقد وصفها ابن بطوطة في رحلته بأنها مدينة حسنة ذات نخل كثير، وكانت عاصمة إقليم البحرين وأزهى مدنه في كل من القرن الأول والثالث والتاسع الهجري.
أما أسرة الصفار فتمتعت بصيت ذائع في مجال العلوم الدينية والشرعية الشيعية، فوالده هو الأديب الحاج موسى بن الشيخ رضي الصفار ولد1341هـ، وتعلم القراءة والكتابة والقرآن الكريم في الكتاتيب الأهلية، ومارس الخطابة مبكرا. وكان إلى جانب ذلك أديبا له ديوان شعر بعنوان "ينابيع الولاء" أغلبه في ذكر أهل البيت وفي المناسبات الاجتماعية. وقد تعلم حسن القرآن الكريم ضمن الكتاتيب الأهلية بالقطيف، وسار على نفس درب والده فمارس الخطابة الدّينية مبكرا وهو لم يتجاوز بعد الحادية عشرة من عمره.
وبعد أن أتم المرحلة التعليمية المتوسطة، هاجر إلى مدينة النجف الأشرف بالعراق للدراسة في الحوزة العلمية سنة (1391هـ-1971م)، ثم انتقل للدراسة في الحوزة العلمية بمدينة قم الإيرانية سنة (1393هـ-1973م)، كما التحق بمدرسة الرسول الأعظم في الكويت سنة (1394هـ-1974م).
وخلال مسيرته العلمية، تلقى الشيخ علومه ومعارفه على يد مجموعة من كبار العلماء في المذهب الشيعي ومن أبرزهم: الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي، والذي حضر لديه بحثه الفقهي الاستدلالي "البحث الخارج"، وكذلك دروسه في تفسير القرآن والأخلاق. كما تتلمذ على يد آية الله الميرزا حسن الحائري، فحضر دروسه في الحكمة وعلم الكلام، وكذلك على يد العلامة السيد مرتضى القزويني، والذي حضر دروسه في الفقه.
ونتيجة لجديته في التحصيل، حصل سماحته على العديد من الإجازات والشهادات، وشغل أيضا العديد من المناصب الرسمية والشرفية، كعضوية الجمعية العمومية للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، كما شارك في العديد من المؤتمرات المحلية والدولية، مثل مؤتمر الحوار الوطني بالمملكة، ومؤتمرات مركز الشباب المسلم في الولايات المتحدة الأمريكية.
كما قام بتدريس: اللغة العربية، والفقه الإسلامي، في كل من: مسقط، والكويت، وطهران، والقطيف، ودمشق، خلال السنوات من 1976- 1998م. وفضلا عن ممارسته الخطابة منذ عام 1968، صدر له أكثر من 4000 مادة إذاعية ما بين أشرطة كاسيت وفيديو. وقد بدأ الشيخ كتاباته في عام 1974 بكتابه الأول: الصوم مدرسة الإيمان، وطبعت بعض مؤلفاته أكثر من مرة، وعلى رأسها كتابه: الحسين ومسئولية الثورة، والذي طبع لأول مرة عام 1976، ثم توالى طبعه سبع مرات حتى 1991. وكذلك كتابه: رؤى الحياة في نهج البلاغة، والذي طبع خمس مرات وترجم إلى كل من: الفارسية، الآذرية، الأوردية. كما طبع كتابه المهم: كيف نقهر الخوف، أربع مرات في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبيروت. وحتى الآن صدر لسماحة الشيخ أكثر من ثمانين كتابا في مختلف مجالات المعارف الدينية والثقافية، ومن أهمها: التعددية والحرية في الإسلام بحث حول حرية المعتقد وتعدد المذاهب، التسامح وثقافة الاختلاف رؤى في بناء المجتمع وتنمية العلاقات، التنوع والتعايش بحث في تأصيل الوحدة الاجتماعية والوطنية، إضافة إلى العديد من البحوث والمقالات المنشورة بعدد من المجلات العلمية والثقافية.
تعكس المؤلفات السابقة طبيعة تكوين الشيخ علميا، فقد درس على يد أعظم المرجعيات الشيعية إبان مرحلة شبابه في كل من النجف الأشرف، والحوزة العلمية بمدينة "قم". حيث تلقى علومه ومعارفه المختلفة على يد أساطين الفقه الشيعي أمثال: السيد محمد الشيرازي، وآية الله السيد محمد تقي المدرسي. كما تلقى علوم الحكمة والكلام على يد آية الله الميرزا حسن الحائري الإحقاقي، وعلوم المنطق والأدب على يد العلامة الشيخ صاحب حسين الصادق، وأيضا تلقى علوم النحو واللغة على يد العلامة الشيخ حسين الشيخ فرج العمران.
ساهمت البيئة العلمية التي تربى في أحضانها والتكوين العلمي الذي حصل عليه في انفتاحه على الذات والآخرين، وليس غريبا والحالة هذه أن يؤكد سماحته أن الهدف الأساسي للشرائع الإلهية إنما يتمثل في إحقاق حقوق الإنسان وتحرير إرادته من أي هيمنة جائرة ليخضع لربه وحده بملء حريته، وأن أنبياء الله كانوا قادة الدفاع عن حقوق الإنسان عبر التاريخ بدعوتهم الناس إلى رفض الطغيان والفساد.
وليس غريبا أيضا أن ينتقد موقف الخطابات الدينية من ثقافة حقوق الإنسان التي تبلورت وتكاملت برامجها في رسالة الإسلام، حيث أصل القرآن الكريم لهذه الحقوق أساسيات ومضامين فكرية فلسفية أصبحت جزءا رئيسا من العقيدة الدينية وحجر أساس في منظومة الفكر الإسلامي، كمفهوم خلافة الإنسان في الكون وتسخير الطبيعة له وتقرير حريته الشخصية.. إلخ.
وبحسب الشيخ، فإن سيطرة الاستبداد السياسي على الأمة هو العامل الذي أفرغ الرسالة الإسلامية من محتواها الإنساني، فأصبح الإسلام غطاء لأبشع ممارسات القمع ومصادرة الحريات. ناهيك عما فرخه من ثقافة تبريرية بلونيها الديني والأدبي، مدعومة بقوة الخلافة وإمكانات السلطة.
تمثل قضية الانفتاح على الآخرين محورا أساسيا في كتابات بعض المثقفين والمجددين الدينيين لما لها من أهمية خاصة في تحديد الموقف من الآخر عامة، سواء كان هذا الآخر خارج نطاق الدين أو خارج نطاق المذهب. وتعد هذه القضية محورا رئيسا في كتابات الشيخ حسن الصفار، الأمر الذي تعكسه عناوين كتبه فضلا عن مضامينها، فما سر اهتمامه بها؟ وهل يعكس انفتاحه على الآخر انفتاحا على الذات؟.
هل يرجع ذلك إلى الأسلوب الذي تربى عليه وظروف بيئته أم إلى تأثره ببعض أساتذته؟ وكيف تجلى هذا الانفتاح بصورة خاصة في بعده السياسي؟ كيف استطاع أن يفك، وبحرفية نادرة، الاشتباك القائم ما بين حدود الولاء للمذهب الشيعي والولاء للوطن السعودي ذي المذهب السلفي، وبينهما ما بينهما من تناحر وعداوات وإرث تاريخي يقوم في الغالب على تشويه كل منهما الآخر؟!
يؤكد سماحة الشيخ في كتابه "الخطاب الإسلامي وحقوق الإنسان" أن من أبجديات الثقافة التي حاول الإسلام تكريسها في نفوس الناس حتى تشكل قاعدة ومنطلقا لسلوك حضاري رصين، مبدأ قدسية الحياة وضرورة الحفاظ عليها. وأن الإسلام شدد على خطورة العدوان على حياة الآخرين، والمتتبع لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد أن هناك تحفظا وحذرا كبيرا من إراقة الدماء، إذ أحصى المؤرخون 83 غزوة وسرية في عهده، ورغم ذلك لم يتجاوز عدد القتلى 1400 شخص من المسلمين واليهود والمشركين، في وقت كانت فيه الحروب تحصد أعدادا كبيرة.
ويأسف سماحته كثيرا لأن قدسية الحياة ثقافة غابت مفرداتها عن عقلية الكثير من المسلمين المعاصرين، في حين أن الدول المتقدمة استثمرت هذه الثقافة الحية وانطلقت بها تؤسس نظما وقوانين تحترم حياة الإنسان حتى أصبحت جزءا من الخلفية الثقافية للمجتمع الغربي. وفي الوقت الذي يعيش الآخر فيه ثقافة احترام الحياة، يعيش المسلمون ثقافة الاستهتار بها من خلال التصرفات اللامسئولة لعقليات خربة عملت على تشويه صورة الإسلام في نظر الآخرين حتى صار الإرهاب سمة بارزة من سمات الإسلام عندهم.
وفي كتابه المذهب والوطن، وهو عبارة عن مجموعة من الحوارات الصحفية التي أجريت معه، يمكننا الوقوف على بعض المحطات في مسيرة الشيخ والتي كان لها تأثيرها الإيجابي في تكوين رؤى سماحته حول التعايش والتسامح وقبول الآخر. أولى هذه المحطات تبدو من خلال المدرسة الابتدائية التي التحق بها. فقد كان المدرسون يعرفونه بـ "المطوع" وكان مدير المدرسة، وهو سني المذهب بطبيعة الحال، على علم بالأعراف والتقاليد الشيعية لذا كان يعامله تعاملا متميزا، على حد تعبير الصفار.
وعلى مستوى العلاقات الاجتماعية، كان ثمة تعايش طائفي فريد في منطقة القطيف، تجلى واضحا في تداخل السنة والشيعة وتواصلهما الاجتماعي في الأفراح والأتراح، لدرجة أن بعض علماء السنة كانوا يأتون إلى منطقة القطيف لتلقي علوم اللغة العربية في المجامع الشيعية، كما كان بعض الأدباء السنة يتدارسون في منطقة الأحساء اللغة والتفسير في كتاتيب الشيعة. وقد أثر هذا المناخ الطيب في ذهنية الشيخ، بالرغم من إقراره عدم استجابة علماء السنة لدعوات المحافل الشيعية في كثير من الأحيان. وفي المقابل، كانت بعض المناهج التعليمية تتحدث بشيء من القسوة، غير المبررة تماما، عن الشيعة معتبرة إياها شركا وبدعا، ومن ثم دعا الشيخ إلى تركيز مناهج التعليم في مراحلها الأولى على القواسم المشتركة بين المذهبين.
يتميز الشيخ حسن الصفار بسمة نادرة تتعلق بموهبته في فك الاشتباك القائم بين ما هو ديني وما هو سياسي بصفة خاصة. فعلى خلاف العديد من أقرانه، والذين خلطوا الديني بالسياسي فأضروا بالاثنين معا، يرى الصفار وجوب التفرقة بينهما بداية، وإعلاء الولاء للوطن على الولاء للمذهب الطائفي ثانيا. فكيف استطاع فك هذا الارتباط الشائك؟ وما هي المرجعية التي عوّل عليها في قوله هذا؟ وهل ينبع رأيه هذا من رؤية دينية أم لا يزيد عن كونه مناورة سياسية تهدف إلى تحقيق أكبر قدر من الاستحقاقات السياسية وجلب تعاطف المؤسسات الرسمية مع أتباع المذهب الشيعي؟!
يؤكد سماحة الشيخ أنه مع تشكل الدولة ومع بسط هيمنتها على كافة مناحي الحياة، بدأ المواطن الشيعي في المملكة يصطدم شيئا فشيئا بالقوانين المنظمة؛ لأنها لا تأخذ خصوصيات مذهبه بعين الاعتبار. إضافة إلى أن موظفي الدولة كانوا جميعا من السنة، ومن ثم بدأ الشيعة يشعرون بعامل الإقصاء والتهميش وأنهم مبعدون عن الدوائر الرسمية والمؤسسات الحكومية، الأمر الذي أثار لديهم حساسيات وتساؤلات من مثل: لماذا يجد المواطن الشيعي نفسه مستثنى رغم كفاءته، مبعدا رغم جديته، محروما من الوظائف العليا رغم أهليته وأحقيته؟!
ثالث العوامل، أنه بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران أصبحت التعبئة الطائفية جزءا لا يتجزأ من الصراع في المنطقة، وتم النظر إلى الشيعة داخل كل بلد عربي على اعتبار أن انتماءاتهم الوطنية موضع شك وريبة كما لو أن ولاءهم جميعا للجمهورية الإيرانية!! وفي سياق هذا المناخ المحموم جاءت دعوة الملك عبد الله، وكان وليا للعهد آنذاك، لعقد مؤتمر الحوار الوطني، مما أنعش الآمال في القضاء على الطائفية وإعادة النظر والاعتبار ولو جزئيا للمواطن الشيعي داخل المملكة.
من ناحية أخرى، يؤكد سماحة الشيخ أن مسألة الولاء للوطن تأتي في سياق الرد الضمني على الولايات المتحدة الأمريكية التي تتحدث باسم الأقليات الدينية والعرقية في المنطقة. فالمراهنة على الأمريكيين وإن تمت من قبل الشيعة أنفسهم مراهنة خاسرة، والمطلوب تأكيد مبدأ الوحدة الوطنية وسد الثغرات أمام الأعداء بدلا من تبادل الاتهامات والجلوس إلى طاولة الحوار مع المسئولين لحل المشكلات الراهنة.
وفي السياق ذاته، يؤكد الشيخ أن مسألة اتهام الشيعة بالولاء الخارجي تعد مظهرا من مظاهر معاناتهم اليومية، بالرغم من أن الشيعة في المملكة بادروا، إثر صدور تقرير الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية في المملكة، برفض التدخل الأمريكي في شئونهم الداخلية.
يوضح سماحة الشيخ أسباب التمييز الطائفي ضد الشيعة ساردا بعض المعطيات التاريخية الدالة على عمق هذا الشرخ وسيادته، ففي إطار تناوله المسألة تاريخيا، يذكر مسلمة اتهام ابن العلقمي بخيانة الخليفة العباسي لصالح التتار، وكيف أن هذا الاتهام لا يستند إلى أية أدلة تاريخية على مستوى البحث العلمي، مؤكدا أنه فضلا عن دراسة السيد حسن الأمين (وهو شيعي) للغزو المغولي، والتي تبرأ ساحة ابن العلقمي، كانت هناك دراسة الدكتور سعد الغامدي (وهو سني يعمل أستاذا للتاريخ بجامعة الملك سعود)، عن سقوط الدولة العباسية، والتي أورد بها أكثر من إحدى عشرة حقيقة تاريخية تدحض اتهام ابن العلقمي بالخيانة، مؤكدة أن مصدر اتهامه كان يستند إلى اعتبارات طائفية.
وعلى الرغم من ذلك، صدر قرار من إحدى الجهات الدينية بجمع الكتاب وإحراقه ومنع تداوله!! وحتى النسخ المتاحة منه في مكتبات الجامعة محجوبة ولا يطلع عليها أحد إلا بإذن خاص من إدارة المكتبة!! ويخلص سماحته إلى أن ثمة اتجاها وإصرارا من قبل البعض على التسليم بالاتهامات ورفض مناقشتها والإبقاء عليها، وأن الشيعة يعانون كثيرا من الصور النمطية والأحكام التعميمية من قبل جهات سنية.
وختاما، يمكن تلخيص رأي الشيخ في مسألة أحقية الولاء للوطن عن الولاء للمذهب من خلال النقاط التالية:
- شكلت الدعوة الملكية لعقد مؤتمر الحوار الوطني إيذانا ببدء مرحلة تاريخية جديدة وزادت من تطلعات الشيعة بالمملكة وآمالهم لاستحقاق حقوق المواطنة بمختلف مستوياتها.
- التأكيد على أن المناهج التعليمية بحاجة ماسة إلى المراجعة الدقيقة، وأن تأخذ بعين الاعتبار خصوصية الفكر الشيعي، وأن تركز على القواسم المشتركة في مرحلة الطفولة بدلا من التحريض ضد الآخر.
- أن المراهنة على الأمريكيين من قبل الأقليات الدينية رهان خاسر، والعراق أكبر دليل على ذلك، وأنه يجب التأكيد على الوحدة الوطنية وسد الثغرات ضد العدو بالجلوس إلى مائدة الحوار والوصول إلى حلول عملية.
- يجب التخلي عن النظرة التقليدية للشيعة والتي تشكك في طبيعة ولاءاتهم وانتماءاتهم الوطنية.
- الجماهير الشيعية عامة مستعدة للتوقيع على ميثاق شرف إسلامي يتجاوزون به الصراعات المذهبية والخلافات الطائفية ويؤكدون فيه وحدة الأمة ومرجعية الكتاب والسنة.
- يجب وقف الإثارات بكافة أشكالها ووقف التعبئة والتعبئة المضادة من كلا الجانبين وتجريم ثقافة التحريض على الكراهية والمحاسبة القانونية لمن يروج لها.
- يراهن سماحته على الجيل الصاعد من كلا التيارين، والذي - برأيه - يدرك طبيعة التحديات المستقبلية ويتعامل مع المسألة المذهبية بمسئولية وموضوعية.
- الوحدة الوطنية على أساس الإسلام تشكل أمانة في أعناق المسلمين جميعا سنة وشيعة. ولا يزال انفتاح الشيعة على الثقافة السنية أكبر بكثير من انفتاح السنة على الثقافة الشيعية، نظرا لأنهم يعيشون مناخ الاحتقان الطائفي.
يبقى القول بأن سماحة الشيخ حسن الصفار يمثل حالة خاصة ويجسد في الوقت نفسه المرجعية الدينية المنفتحة على غيرها من جهة، والمتسمة بقدر كبير من الحياد والموضوعية من جهة ثانية. وفي كل الأحوال، تظل مسألة التقارب بين قطبي الأمة، والمعادلة السياسية أيضا، رهنا بالآليات العملية التي تعكس المبادئ النظرية المتفق عليها.
فمن عجائب الزمن أن ثمة تعاليا على القضايا، وحين تسأل مرجعا دينيا سنيا عن الخلاف بين السنة والشيعة يقول لك بمنتهى البساطة إنه ليس ثمة خلاف!! في حين يؤكد سماحة الشيخ أن هناك بالفعل ممارسات تمييزية ضد الشيعة في المملكة وأن البدء في الحوار الوطني أمر يحمد للإدارة السياسية لكن المطلوب، والحالة هذه، هو الخروج من نطاق النظر إلى العمل وحل المشكلات الموجودة إلى جانب تفعيل القواسم المشتركة.