عندما يسرق الدعاة.. الأستاذ زيدان يسرق مقالة للشيخ الصفار
يبدو أن مسلسل السرقات الفكرية والأدبية والعلمية؛ لن تُختتم حلقاته، ما دمنا لغاية هذه اللحظة لم نضع القوانين الصارمة والرادعة بحق السرَّاق الذين يسطون على جهود الآخرين وانجازاتهم؛ بطرق سريعة، ساعدت الثورة المعلوماتية، بتهيئتها لهم في طرفة عين! فكل ما يحتاجه السارق لأفكار الآخرين؛ أن يدخل على موقع في شبكة الإنترنت، ليختار له مقالة أو دراسةً، فيقتطعها، وينشرها في موقع آخر أو في صحيفة أو مجلة باسمه الكريم!
ومن المضحكات المبكيات أن كثيراً من السرَّاق هم من حملة الشهادات الأكاديمية العليا، أو من الدعاة الذين يبينون للناس ما أُحِّل لهم، وما حُرِّم عليهم!
وبما أننا نعيش في زمن العجائب؛ فلم أفاجأ عندما اتصل بي صديق ليخبرني أن أحد الدعاة سرق مقالة للشيخ حسن الصفار، ونشرها في أكثر من موقع على شبكة الإنترنت باسمه؛ فطلبت من صديقي أن يرسل لي أحد الروابط التي تُحيلني للمادة المسروقة؛ وبالفعل وجدت في موقع «إسلام أون لاين» -وغيره-؛ مقالة بعنوان: «رمضان.. ومراجعة الذات»، وهي موقعة باسم الأستاذ محمد إبراهيم زيدان -(رئيس القسم الشرعي بشبكة إسلام أون لاين.نت، والمحاضر بالجامعات الإسلامية)!- ومنشورة بتاريخ: 23/11/2002م، وعندما رجعت لموقع الشيخ الصفار، وجدت نفس المقالة منشورة بعنوان: «شهر رمضان والانفتاح على الذات»! وقد نشرت بتاريخ: 16/12/1999م، وهي منشورة أيضاً في كتاب له حمل عنوان: (شهر رمضان والانفتاح على الذات)، أصدره الشيخ الصفار في طبعته الأولى عام 1421هـ/2000م، (72 صفحة من القطع الصغير)، ثم أعاد نشره عام 1422هـ/2002م ضمن الجزء الأول من سلسلة كتبه المعروفة: (أحاديث في الدين والثقافة والاجتماع)، والذي صدر في بيروت عن مؤسسة البلاغ للطباعة والنشر والتوزيع.
والملفت في أمر هذه السرقة أن الأستاذ زيدان اكتفى بسرقة جهد الشيخ الصفار حرفياً؛ إلاَّ أنه زهد في أمور بسيطة، حسب أنها تستر سوءته! فإضافة لقدرته الخارقة! في تغيير العنوان، فقد حذف أيضاً الأحاديث النبوية ومصادرها؛ فيما كانت مثبتة في المقالة الأصل!
وللأمانة أقول إن زيدان، صحح ضمّن سرقته حديثاً نبوياً واحداً بعد أن أبصر خطأً مطبعياً وجده في مقالة الصفار، فنص الحديث يقول: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا»؛ إلاّ أن الصفار نسي حرف التاء في كلمة (توزنوا)؛ لتصبح (وزنوا)! وهذه نقطة تُحسب للأستاذ زيدان، وتُحسب عليه. فما يُحسب له أنه لم يكتفِ بعملية القص واللصق كغيره، بل قرأ المقالة جيداً قبل أن يسطو عليها، لذا حذف من مستهلها الحمدلة، ومن خاتمتها الدعاء بالرحمة والمغفرة والعتق من النار!! وما يُحسب عليه أنه لم يُحاسب نفسه ولم يزنها قبل أن يهم بأمر السرقة!
لا أدري تحت أي مبرر لجأ الأستاذ زيدان لسرقة مقالة الشيخ الصفار، فطريقته في السرقة لم تدع لنا مجالاً للدفاع عنه لتبرير موقفه، فهو لم يكتب أي حرفٍ من رأسه، لنقول -مثلاً- إنه نسي أن يشير للصفار في قائمة المصادر، فما قام به زيدان سرقة بيِّنة، لا تُكلِّف من يُريد إثباتها سوى التأكد من تاريخ نشر المقالتين.
ولكي يقع القارئ على الحقيقة/الفضيحة، فباستطاعته قراءة مقالة الشيخ الصفار عبر الرابط الآتي في موقعه:
http://www.saffar.org/index.php?act=artc&id=701&hl
ومقالة الأستاذ زيدان عبر هذا الرابط في موقع إسلام أون لاين:
http://hiedge.org/Arabic/Daawa/2002/11/article11.shtml
ونضع بين أيدي القرَّاء مقتطفات محددة لتأكيد التطابق الحرفي بين المقالتين، علماً بأنه ونتيجة للتغييرات الطفيفة في مقالة زيدان، فقد أصبح عدد كلماتها (1224) كلمة، بينما مقالة الصفار جاءت في (1565) كلمة.
«لو تأمل كل إنسان في ذاته، واستقرأ حياته وأوضاعه، لوجد أن له أفكاراً يتبناها، وصفات نفسية وشخصية يحملها، وسلوكاً معيناً يمارسه، وأنه يعيش ضمن وضع وقالب يؤطر حياته الشخصية والاجتماعية.
والسؤال الذي يجب أن يطرحه الإنسان على نفسه هو: هل هو راضٍ عن الحالة التي يعيشها؟ وهل يعتبر نفسه ضمن الوضع الأفضل والأحسن؟ أم أنه يعاني من نقاط ضعف وثغرات؟ وهل أن مايحمله من أفكار وصفات، وما يمارسه من سلوك، شيء مفروض عليه لا يمكن تغييره أو تجاوزه؟ أم أنه إنسان خلقه اللَّه حراً ذا إرادة واختيار؟
إن هذه التساؤلات كامنة في نفس الإنسان، وتبحث عن فرصة للمكاشفة والتأمل، يتيحها الإنسان لنفسه، لينفتح على ذاته، وليسبر غورها، ويلامس خباياها و أعماقها.
ورغم حاجة الإنسان إلى هذه المكاشفة والمراجعة، إلاّ أن أكثر الناس لا يقفون مع ذاتهم وقفة تأمل وانفتاح».
«لو تأمل كل إنسان في ذاته، واستقرأ حياته وأوضاعه، لوجد أن له أفكارا يتبناها، وصفات نفسية وشخصية يحملها، وسلوكاً معيناً يمارسه، وانه يعيش ضمن وضع وقالب يؤطر حياته الشخصية والاجتماعية.
والسؤال الذي يجب أن يطرحه الإنسان على نفسه هو: هل انه راضى عن الحالة التي يعيشها؟ وهل يعتبر نفسه ضمن الوضع الأفضل والأحسن؟ أم انه يعاني من نقاط ضعف وثغرات؟ وهل أن مايحمله من أفكار وصفات وما يمارسه من سلوك شيء مفروض عليه لا يمكن تغييره أو تجاوزه؟ أم انه إنسان خلقه الله حراً ذا إرادة واختيار؟
إن هذه التساؤلات كامنة في نفس الإنسان، وتبحث عن فرصة للمكاشفة والتأمل يتيحها الإنسان لنفسه، لينفتح على ذاته، وليسبر غورها، ويلامس خباياها و أعماقها.
ورغم حاجة الإنسان إلى هذه المكاشفة والمراجعة، إلا أن أكثر الناس لا يقفون مع ذاتهم وقفة تأمل وانفتاح».
وفي مقطع ثان يدعو الأستاذ زيدان الإنسان لمراجعة نفسه إذ يقول: «أن يراجع الإنسان الصفات النفسية التي تنطوي عليها شخصيته، فهل هو جبان أم شجاع؟ جريء أم متردد؟ حازم أم لين؟ صادق أم كاذب؟ صريح أم ملتو؟ كسول أم نشيط؟.. الخ. وليطرح الإنسان على نفسه عدداً من الأسئلة التي تكشف عن هذا البعد، مثل: ماذا سأفعل لو قصدني فقير في بيتي؟ ماذا سأفعل لو عبث الأطفال بأثاث المنزل؟ ماذا سأفعل لو حدث أمامي حادث سير؟ وكيف سيكون رد فعلي لو أسيء إلي في مكان عام؟ وكيف أقرر لو تعارضت مصلحتي الشخصية مع المبدأ أو المصلحة العامة؟
وتأتي أهمية هذه المراجعة في أن الإنسان ينبغي أن يقرر بعدها أن يصلح كل خلل نفسي عنده، وأن يعمل على تطوير نفسه، وتقديمها خطوات إلى الأمام».
وفي مقال الشيخ الصفار نجد نفس العبارات إذ يقول: «أن يراجع الإنسان الصفات النفسية التي تنطوي عليها شخصيته فهل هو جبان أم شجاع؟ جرئ أم متردد؟ حازم أم لين؟ صادق أم كاذب؟ صريح أم ملتو؟ كسول أم نشيط؟.. الخ. وليطرح الإنسان على نفسه عدداً من الأسئلة التي تكشف عن هذا البعد، مثل: ماذا سأفعل لو قصدني فقير في بيتي؟ ماذا سأفعل لو عبث الأطفال بأثاث المنزل؟ ماذا سأفعل لو حدث أمامي حادث سير؟ وكيف سيكون رد فعلي لو أسيء إلي في مكان عام؟ وكيف أقرر لو تعارضت مصلحتي الشخصية مع المبدأ أو المصلحة العامة؟
وتأتي أهمية هذه المراجعة في أن الإنسان ينبغي أن يقرر بعدها أن يصلح من كل خلل نفسي عنده وأن يعمل على تطوير نفسه وتقديمها خطوات إلى الأمام».
وفي مقطع ثالث يقول الأستاذ زيدان: «من جانب آخر فقد تسيطر على الإنسان بعض العادات والسلوكيات الخاطئة، ومهما كان عمقها في نفس الإنسان، والتصاقه بها، فإن الإرادة أقوى من العادة، وشهر رمضان أفضل فرصة لنفض وترك العادات السيئة الخاطئة».
ويقول الشيخ الصفار في مقاله: «من جانب آخر فقد تسيطر على الإنسان بعض العادات والسلوكيات الخاطئة، ومهما كان عمقها في نفس الإنسان والتصاقه بها، فإن الإرادة أقوى من العادة، وشهر رمضان أفضل فرصة لنفض وترك العادات السيئة الخاطئة».
وقبل الختام أتساءل هنا موجهاً رسالتي للسرّاق من الدعاة.. أيحق لكم ما يحرُم على غيركم؟
فكيف تطلبون من الناس أن يتحلوا بالصدق والأمانة، وعدم بخس الناس حقوقهم، وكيف سترشدونهم إلى مكارم الأخلاق، وأنتم تقولون مالا تفعلون؟!
وفي الختام أوجه نصيحة للأستاذ زيدان -من وحي ما سرقه- أقول له فيها: إن ما أقدمت عليه يكشف خللاً نفسياً تعيشه؛ لذا عليك أن تعمل على تطوير قدراتك الكتابية وتقديمها خطوات إلى الأمام، وإياك، وإياك؛ أن تقدم على سرقة جهود الآخرين؛ فهذه ممارسة لا تجوز شرعاً ولا قانوناً ولا ذوقاً، خاصةً لمن هو في مركزك، وأعتذر على هذه القسوة التي لا بد أن أنهجها لكي أكون رحيماً! فأنت تعلم -قبل غيرك- بأن السكوت عن أمر السرقات الفكرية هو بمثابة تشجيع للآخرين على تكرارها دائماً وأبداً.
وكل سرقة ونحن والقرّاء الكرام بخير.