مداخلة على مقال الشيخ يحيى الراضي
الشيخ حسن الصفار: عالم مسلم (رسالي + منهجي) = مسؤول
طالعنا أخي العزيز المؤمن الوديع الأديب الشيخ يحي الراضي-حفظه الله ورعاه- بمقالة تندرج ضمن حركية الحديث النبوي الشريف «ما من مؤمن أحب أخاه فعليه أن يبشره بحبه له»، إنها بيان أخوي بعنوان "الشيخ الصفار من الرسالية إلى المنهجية " اشتملت على مطارحات بليغة وذات دلالة على العلاقة الوطيدة التي تجمع مؤمنين، وأتاحت لمن ألقى السمع وهو شهيد أن يراجع حركته في الحياة وتفاصيل العلاقات ومنطلقاتها، بالرغم من أنها غيبت لمقتضى المقال أو تركيزاً للقراءة التحليلية الأبعاد المنهجية في ثقافة الشيخ الصفار، ومدى ترابطيتها برساليته الموغلة في الصدارة الحركية الإسلامية.
رأيت من الضرورة الرسالية الالتحام رسالياً وبإذن الله تعالى مستقبلاً منهجياً مع الأستاذين الكبيرين في عالم الرسالية الثقافية والاجتماعية والنهضة الإسلامية الإصلاحية المعاصرة، لأن المسؤولية الإسلامية تقتضي مراعاة الدور الرسالي في الذات والمجتمع، من خلال الاحتكاك بأهل الفقه والثقافة والحكمة والتجربة مع توخي الاحترام والتبجيل والتواضع لهم ليس تملقاً، ولكن رزانة ونباهة وأدباً...
الشيخ حسن الصفار، شخصية بسيطة بساطة الإنسانية الإسلامية ومتعددة الأبعاد، فقه فالتزم فأحكم زمام مسؤوليته في الحياة، لا يمكنك أن تقرأ له أو تسمع خطبه أو محاضراته ولقاءاته الحوارية أو حتى يطرق سمعك اسمه اللامع منذ حقبة إسلامية مباركة، فهناك اسم الصفار في الفقه والحديث المروي عن أئمة أهل البيت عليهم السلام وهناك من الخواص نائب من نواب الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف فإسم الصفار تراثيا ارتبط بالحكمة الإسلامية، ثم يكفيك لقبه الذي زاده كرامة ونوراً فالإمام الحسن له خصال لا يقدر على عدها أوحملها إلا مؤمن إمتحن الله قلبه للإيمان شأنه شأن كل المعصومين ، وسماحة الشيخ الفاضل تميز عن غيره من حاملي اسم "الحسن" بأن استوعب قيمة الإسم في ذات الإنسان ورمزيته الملازمة له خصوصاً بالنسبة له كإنسان مسلم، فعار وشين أن تتسمى بإسم إسلامي عظيم وأنت ساقط في امتحان مقرر (المسؤولية الإسلامية)...
أخي الفاضل الشيخ يحي الراضي، أستاذي الشيخ حسن الصفار من اللحظة الأولى التي عرفته فيها شعرت أنني كنت أعرفه وأبحث عنه، لأن الحاجة الثقافية النابعة من الهموم والمحن الرسالية، تجعلك تنادي بروحك وقلبك وعقلك "إلهي عرفني بعبادك الصالحين واجمعني وإياهم في الدنيا والآخرة" فسماحته عشقتني أذنه قبل عيناه، لكنني عشقته من قبل أن أعرفه، قد تتساءل كيف هذا؟ إنها الولاية الإسلامية التي تجعلك عاشقاً للمؤمنين من خلالها ويكبر العشق ويرقى ليتربى فيصبح حباً مقدساً حاملاً في أحشائه القداسة الإسلامية التي تجعلك تحب وفق تجليات المسؤولية من حولك وفي ذاتك، هكذا تعشق أناساً قبل معرفتهم لأن روحك حلقت بالقرب من رحابهم فاستلهمت حقيقتهم ورجعت لأذنك فحدثتها عنهم فانتفض عقلك ونبض قلبك وانطلقت نحو حضرتهم فاستمتعت عيناك برؤيتهم وابتهج وجدانك بمعرفتهم وقرر وعيك اللحاق بركبهم لنيل وسام الصلاح...
عفواً أحبتي، أستاذي الشيخ حسن الصفار حفظه الله ورعاه، الحديث عن حياته الإسلامية حديث شامل وعميق كونها تعددت أبعادها وفق الفلسفة الإسلامية للحياة، لا أظن أن سطور كهذه تكفي...
بكلمة امتحنني ربي بأن شرفني بلقاء سيدي وشيخي العلامة الدكتور حسن الصفار، والجميل أننا في جلسة خاصة بالقرب من عنوان الرسالية والعظمة الإسلامية، اجتذبتنا شخصية علمائية رسالية حركية مجاهدة صامدة تعشق الإسلام والمسلمين وتحترم الإنسان والإنسانية انطلاقاً من إسلامها الصافي الأصيل، صانعة الوعي في كل خطبة أو حوار، أو جلسة أسبوعية، فتراكمت نقاط اللقاء والوفاق بيننا وعندما خرجت يومها تذكرت حديث النبي الأكرم : «إن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها تآلف وما تناكر منها اختلف». كما تحضرني الآن كلمة رسالية رائعة لسماحة الشيخ حسن في أحد كتبه الرائعة مفادها: "أن الإنسان لديه علاقات وتعاملات مع الناس تجعله عرضة لامتحان دائم، حيث هناك اختلافات جمة بين هؤولاء الناس من حيث النفسيات والثقافات وما هنالك من تمايزات متفاوتة، لكن مفروض عليه التعامل والاتصال بهم لأنه اجتماعي بطبعه وحتى يكون تعامله معهم ناجحاً يتوجب عليه صقل شخصيته بالإنفتاح والتسامح والرحابة"...
أستسمحك أيها الأب الرسالي الحنون والأستاذ النبيه العارف الودود، لكن هذه المشاعر والمحبة والعلاقة العظيمة، كانت خجولة متوجسة من أن تنتقص من الحب الإيماني المكنون في روحي لكم، وشاء العزيز الحكيم أن يدفعني أخي الفاضل الشيخ يحي الراضي الذي عشقته في رحابكم، إلى أن أذكركم بخير وذكركم دائماً عندي بألف خير، فقط هذه المرة ذكرتكم لنفسكم المطمئنة بأن خلاص الأمة في وحدتها وتآلف أطيافها وتعايشهم وتسامحهم وتحاورهم وتعارفهم وتعاونهم...والعودة إلى ثقافة التمسك بالثقلين...
شكرا سماحة الشيخ حسن الصفار وسلامي لكم سيدي ولأخي العزيز الشيخ يحي الراضي ولكل الأحبة، ويبقى وعي البطولة رهن القرب من حقيقة البطل وستبقى الرسالية والمنهجية صنوان المسؤولية، المنهجية صحتها -المسؤولية- والرسالية فعاليتها...
ويبقى العلامة الشيخ حسن الصفار الإنسان المنهجي والرسالي بالإسلام...لا أقل ولا أكثر
دمتم سيدي وأستاذي سالمين غانمين موفقين رساليين صامدين وآخر دعوانا أن يهب الله لكم من زوجكم وذريتكم قرة أعين ويجعلكم للمتقين إماما...
والحمد لله رب العالمين
داعيكم: المهندس غريبي مراد عبد الملك
24 جمادى الثانية 1428 هـ
الجزائر أم النبلاء